ثورة اون لاين – هنادة الحصري:
قضى أطفالنا عطلة اسبوع ربما لم يحالفهم الحظ فيها للعب خارج المنزل لأسباب كثيرة منها وباء كورونا وكذلك الطقس البارد وهم على موعد العودة للمدرسة غدا ..ومن خلال وسائل التواصل رأينا من ينشر الشائعات حول عطلة جديدة وهو بذلك يسيء للمدرسة والأطفال ومع ذلك يحفزنا لطرح فكرة كره بعض التلاميذ والأطفال للمدرسة وعدم الرغبة بالعودة اليها.
فكثيرا ما نصادف تلاميذ يهللون للعطل المدرسية، و لغياب المدرس و أحيانا كثيرة ما يدّعون المرض أو.. الخ . من حيل تجدهم يختلقونها للهروب من التزامهم بالمدرسة ، و إذا راقبت أكثرهم صباحا تراهم ” مكره أخاك لا بطل ” ، وإذا خيرّتهم بين المدرسة و أي شيء اّخر ستجدهم يفضلون كل شيء ما عدا المدرسة ترى ما هو وراء كل هذا ؟
بداية ستكتشف أنهم تلاميذ غير متفوقين أو لنقل أن قدراتهم تحت الوسط أو أقل ، و بالتالي فإن التلميذ الضعيف الذي يعاني حالة الإخفاق المدرسي سيعيش ضغط الواقع المدرسي بطريقة سيئة و سيغذي هذا الضغط في دخيلته شعورا عميقا بالظلم ، فالتعامل مع الطفل على أنه تلميذ ضعيف يعني نعته بأنه طفل سيئ .
يرى برنارد لومبيرت:
إلى أن هذه الخلفية الانتروبولوجية القوية تشير إلى من هو في مأزق ، إلى من يعاني و كأنه حامل للشر ” .
و على هذا فإن الطفل الذي يخطئ في جوابه أمام المعلم فهو لم يتنهك أي قاعدة أخلاقية و يمكن تصويب جوابه و لكن ينبغي عدم لومه .
وكما يقول اّلان: “إن التعليم يعني تصويب الأغلاط، الغلط انساني و هذا لا يعني أن الغلط انساني فحسب ، بل يعني أنه مؤنسن أيضا إذ بتصحيح الأغلاط يتأنسن الانسان و إن فهم الغلط يثير الفطنة و ينبهها ” .
و على نحو اّخر عند إعطاء المعلم العلامة السيئة للتلميذ علنا و على مراّى من أقرانه و مسمعهم سيدمر داخل هذا التلميذ لأن من حق هذا التلميذ ألا يفهم و من حقه أيضا شرح ما عجز عن فهمه لتدارك ما يؤذي شعوره فمجرد اعتبار التلميذ غير ذكي هو خطأ و ظلم بحق الانسان .
إن إخفاق الفرد اجتماعيا و مستقبليا هو نتيجة الإخفاق المدرسي فالتمييز بين التلاميذ هو أحد أقوى عوامل التصدع الاجتماعي . و بالتالي فالمدرسة من المفترض أن تكون مكان التمرس الاجتماعي ” .
و هنا أتوقف قليلا لأوضح الفرق بين التعليم و التربية إن التعليم هدفه إيصال المادة العلمية إلى أذهان التلاميذ و ليس شرطا أن يتفاعل معها و يتمثلها في سلوكه . و لكن المؤسف أن المعلم اليوم لا يهتم إلا بحشو المعلومات في ذهن التلميذ و هذا التلميذ ينساها بعد أن يؤدي الاختبار و هذه مشكلة في عدم ربط ما يتعلمه التلميذ في المدرسة بما يمارسه في حياته العملية و هذا هو الفصل بين التعليم و التربية .
يدين عالم الاجتماع ميشيل دومونتيني، بشدة مناهج التعليم المكثفة التي لا خلاص من أن يكابدها التلميذ يقول : ” لا يفتأون يصرخون في اّذاننا دائبين كمن يسكب في قمع و ليست مهمتنا الملقاة علينا سوى ترداد ما قيل لنا ” .
أما التربية فغايتها نقل القيم الأخلاقية إلى التلميذ و التي ستهيؤه مستقبلا ليكون مواطنا صالحا ، فالمدرسة كما يقال هي حيزّ وسيط و مكان انتقالي بين حلقة الأسرة و بين العالم الرحب . فالأسرة تهيء للطفل الأمان العاطفي و المدرسة تهيء له التفاعل مع زملائه فيكتشف مجتمعهم و يتهيأ للعيش و التفاعل في العالم و المحيط .
يقول اّلان ” ” ربى يعني أتاح للطفل بناء انسانيته فعند الطفل ذلك الطموح في أن يصبح رجلا و ينبغي ألا نخدعه ” .
ان المهمة الملقاة على عاتق معلمينا ، ليست بتمرين ذاكرة التلاميذ فقط بل يجب عليهم استدعاء فطنتهم فالمعرفة بالتلقين ليست معرفة انها حفظ و يجب ألا يطلب من الطفل أن ينظر الكلمات فيحفظها بل الى معنى الكلمات و فحواها ليستشهد من ذاكرته بل من حياته هي دعوة لمعلمينا للوقوف على أهمية الدور المناط اليهم ….