الثورة أون لاين – أدمون الشدايدة:
بعد أن دفعت تركيا عبر استفزازاتها المتكررة في شرق المتوسط نحو المزيد من التصعيد مع جارتها اليونانية إلى حد كاد أن يؤدي إلى إشعال حرب بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي، عاودت تركيا واليونان اليوم الاثنين محادثاتهما لتسوية خلافهما بشأن التنقيب عن النفط والغاز في شرق المتوسط.
تلك الاستدارة التركية نحو إعادة المفاوضات مع اليونان لم تكن محض صدفة أو رغبة من قبلها لإعادة المياه إلى مجاريها، بل إن المشاهد والأحداث الدولية قد دفعت بأنقرة لفرملة أهوائها والعدول عن استفزازاتها بحق اليونان والانتقال إلى ضفة المفاوضات، حيث يبدو أنها بدأت تقرأ تبدلات المشهد الأوروبي الأميركي من عيون اليونان.
فالتهديد بالعقوبات الأوروبية يبدو أنها بدأت تثمر بنتائجها، ما شكل قلقاً تركياً من تراجع كبير في اقتصاد البلاد الذي هو أصلاً في حالة يرثى لها، مع انحدار مؤشرات السوق التركية والليرة إلى أدنى مستوياتهما، أما على الصعيد الأميركي، فإن وصول الرئيس جو بايدن للحكم بحسب محللين دفع أردوغان إلى تلك الخطوات التفاوضية التي من الممكن أن تقربها من الاتحاد الأوروبي، لا سيما وأن العلاقة بين بايدن وأردوغان ليست في أحسن أحوالها.. وبالتالي لا يمكن لأردوغان الوقوف في وجه الأوروبي والأميركي في آن معاً.
سواء صحت هذه الرواية أم لم تصح فليست مستغربة، فأسلوب أردوغان يقوم على التلون والتبدل بحسب الطقوس السياسية التي يفرضها المشهد الدولي، بحيث يواصل اللعب على كل الأطراف.
وعلى الرغم من أهمية تلك المفاوضات إلا أن شعور الفشل ما زال يخيم على المشهد، لا سيما وأن عشرات الجولات السابقة من المفاوضات بين البلدين كان مصيرها الفشل في ظل التلاعب التركي المتكرر، وقد أشار رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس إلى ذلك بقوله الأربعاء الماضي إن بلاده لا تتوقع تحقيق أي تقدم بارز خلال المفاوضات.
وفي مؤشر إلى أن هذه المحادثات قد تصل إلى طريق مسدود، لم يتفق البلدان بعد على جدول أعمال الاجتماع، حيث ترغب اليونان بالبحث فقط في ترسيم حدود الجرف القاري لجزرها في بحر إيجه، فيما تريد أنقرة توسيع نطاق المحادثات لتشمل المناطق الاقتصادية الخالصة والمجال الجوي للبلدين.
أما الاتحاد الأوروبي فقد رحب باستئناف الحوار بين البلدين معتبراً أنه يشكل “مؤشراً إيجابياً” للعلاقات بين أنقرة وبروكسل بعد توتر مستمر منذ أشهر عدة.