الثورة أون لاين – ريم صالح:
بعد أقل من أسبوع على مغادرته البيت الأبيض، يعود دونالد ترامب ليتصدّر الأخبار في واشنطن، حيث يقدم “الديمقراطيون” اليوم الاثنين لائحة الاتهام ضده إلى مجلس الشيوخ الأميركي، وهي الخطوة التي تطلق رسمياً المحاكمة التاريخية للرئيس السابق ضمن آلية عزله بتهمة “التحريض على التمرد” خلال أعمال العنف التي شهدها الكابيتول، لكن هذه المحاكمة لن تبدأ قبل شباط القادم.
ومع اتهامه بـ”التحريض على التمرد” خلال تصويت في مجلس النواب في 13 من الشهر الجاري، أصبح ترامب أول رئيس للولايات المتحدة يطوله إجراء العزل مرتين، وسيصبح أيضاً أول رئيس يواجه محاكمة عزل بعد انتهاء ولايته، ولكن هذه المحاكمة يخيم عليها شبح تجدد أعمال الفوضى والعنف، حيث قال السناتور الجمهوري البارز وعضو لجنة الاستخبارات ماركو روبيو لبرنامج فوكس نيوز صانداي “إنه يعتقد أنها محاكمة غبية وستأتي بنتائج عكسية، لدينا حالياً نيران مشتعلة في البلاد والأمر أشبه بصب الزيت على النار”، وكلامه هذا جاء على إثر تأكيد المشرعين الجمهوريين أنه على “الديمقراطيين” خوض معركة ترامب بأنفسهم مع التئام مجلس الشيوخ الشهر المقبل.
رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي، من المتوقع حسب وسائل إعلام أميركية أن ترسل اليوم الاثنين إلى مجلس الشيوخ مادة الاتهام التي تم إقرارها في مجلس النواب، وتحمل ترامب مسؤولية التحريض على اقتحام الكابيتول الذي خلف خمسة قتلى.
ولكن مع استعداد كلا الطرفين لمحاكمة يتوقع أن تكون سريعة نسبياً، عرض كبار المسؤولين الجمهوريين حججاً سياسية ودستورية تشكك في قدرة الديمقراطيين الذين يسيطرون على 50 مقعداً في مجلس الشيوخ المكون من 100 على تأمين 17 صوتاً جمهورياً مطلوبين للإدانة.
ولفت روبيو، المرشح الرئاسي السابق الذي هزمه ترامب في الانتخابات التمهيدية عام 2016، إلى الآثار السيئة المترتبة عن “إثارة هذا الأمر مرة أخرى” على البلاد، فيما أشار جمهوريون آخرون إلى أن مجلس الشيوخ لا يملك صلاحية محاكمة مواطن عادي كما هو حال ترامب الآن.
وقال السيناتور مايك راوندز لبرنامج “واجه الصحافة” على شبكة “ان بي سي” إن الدستور لا يسمح بمحاكمة رئيس سابق، وأضاف “هناك أشياء أخرى نفضل العمل عليها”، بما في ذلك المصادقة على المزيد من مرشحي بايدن للحكومة.
وفي الوقت الذي عمل فيه الديمقراطيون على إعداد الاتهام ضد ترامب، أملت النائبة مادلين دين التي ستكون من بين النواب الذين سيقدمون القضية في مجلس الشيوخ، أن تجري العملية بسرعة، وقالت لشبكة “سي إن إن” أنها تتوقع “أن تسير الأمور بشكل أسرع” من المحاكمة السابقة لترامب التي استمرت 21 يوماً عام 2020.
وأضافت دين أنها كانت في قاعة مجلس النواب خلال تلك اللحظات “المرعبة” عندما بدأ المتظاهرون بقرع الأبواب بقوة وهم يهتفون “اشنقوا نائب الرئيس بنس”، وقالت إن الديمقراطيين سيطالبون بمحاكمة ترامب لدوره في هذا الأمر الذي وصفته بأنه “جريمة رئاسية شنيعة بشكل غير عادي”.
وبعد تسليم لائحة الاتهام الاثنين، يؤدي أعضاء مجلس الشيوخ الذين سيقومون بمهام هيئة محلفين في هذه المحاكمة، اليمين غداً الثلاثاء، لكن المحاكمة لن تبدأ إلا في 9 شباط، وهذه المهلة ستتيح تثبيت العديد من أعضاء حكومة جو بايدن في مناصبهم قبل أن ينشغل مجلس الشيوخ بهذا الإجراء.
تأتي تلك التطورات في وقت كشف فيه مسؤول أميركي عن وجود خطط لاستهداف أعضاء الكونغرس خلال محاكمة ترامب، مشيراً إلى أن مسؤولي إنفاذ القانون الفيدراليين يحققون في عدد من هذه التهديدات.
ونقلت وكالة “ا ب” عن المسؤول الذي لم تكشف عن هويته قوله: إن “الرسائل التي نشرت على الانترنت وفى مجموعات الدردشة تضمنت مؤامرات لمهاجمة أعضاء الكونغرس أثناء التحرك من وإلى مجمع الكابيتول خلال المحاكمة”، مشيراً إلى أن التهديدات تضمنت “قتل المشرعين أو مهاجمتهم” خارج مبنى الكابيتول، لافتاً إلى أن التهديدات والمخاوف من احتمال عودة المتظاهرين المسلحين لاقتحام مبنى الكابيتول من جديد دفعت شرطة الكابيتول وغيرها من أجهزة إنفاذ القانون الفيدرالية إلى الإصرار على بقاء الآلاف من قوات الحرس الوطني في واشنطن مع تقدم مجلس الشيوخ في خطط مساءلة ترامب.
وفي ظل هذه الأجواء المشحونة بخطابات الكراهية، والتهديد والوعيد، يتساءل مراقبون: هل تشهد أميركا حرباً أهلية، لا سيما وأن ترامب لا يزال يتمتع بقاعدة شعبية واسعة، ومدعوماً من قبل اليمين المتطرف الذي ينتمي إليه ترامب ويجسد أيديولوجيته؟.