الثورة اون لاين – علاء الدين محمد:
تحاول الكاتبة سهير زغبور الكشف عن خبايا نفوس شخصياتها وما يعتمرها من تناقضات ومشاعر جياشة وهموم ومشاكلات واختلاف وجهات النظر بلغة دافئة ومكتنزة .. حيث برعت في نسجها كبراعة أبطالها في كسر الحواجز التي تعترض مشاعرهم ..رسمت لوحات حوارية مشبعة بالرؤى الإنسانية بين شخوصها كما ترسم اللوحة المتكاملة الألوان والتفاصيل ،حيث ابتعدت عن المألوف في سرد الأحداث بابتكارها أساليب جعلت بها اللغة مطواعة لأفكارها ..فربطت الواقع بالخيال .بالإضافة إلى ذلك لم تغفل عن نقل هموم وأفكار تدور في خلد كل إنسان عن طريق أبطال روايتها تلك (لماذا علينا الاختيار )؟
لمحت إلى غايتها بطرق احترافيه وتعابير شيقة ومنتقاة مستخدمة خبرتها وثقافتها في استخدام القواعد اللغوية .. فمن خلال بطلتها (ماريا طوق ) سبرت أغوار النفس البشرية ومكنوناتها ومزجت حيناً وميزت آخر بين المشاعر الحقيقية الكامنه لدى النفس وبين تلك التي نظهرها ..تجسد ذلك في بوح البطلة لنفسها وحديثها مع ذاتها ..استخدمت مرة أخرى بل مرات ثقافتها التي ظهرت جلية وواضحة من خلال الفلسفة الوجودية والحياتية ومزجتها مع مكونات اللغة من استعارات وتشابيه وكنايات بعناية وجمالية (شعرت برشاقة علمتني كل مخالفات المرور وأنا أقطع كل تلك المسافة بين الحلم واليقظة ..) لم تنس الكاتبة المجتمع والعادات والتقاليد والدين والممكن والممنوع والمرغوب والمباح والمحرم ..تفاصيل أدرجتها في أمكنتها مبينة المعاناة وهموم الحياة ..وكيف يُطبع المرء ويُحكم ويختار نمط حياته وتصرفاته واختياراته من خلال الظروف التي حُكم بها عليه ..وأثرها على أغلب قراراته ..تلك النظرة التي أضفت على الرواية طابع الجدية والواقعية إضافة غنية مفيدة وشيقة في ذات الوقت ..برز لديها تعاطف واضح مع المعذبين والمتألمين والفقراء والمحزونين ..خصوصاً ذلك الحزن الدفين الذي لايلحظه سوى من عانى حزناً يضاهيه .. أبدعت في تصوير لواعج النفس من رغبات وقيود وتحرر وآلام وآثام ..من حب وغفران ..ومن موت وانتقام ..وختمت تلك الرواية بأن (كل ساقٍ سيسقى بما سقى )..كنتيجة حتمية أزلية متجددة وأبدية ..
ومن الناحية الفنية تمتلك الكاتبة أدواتها باتقان وموهبة.. قادرة على رسم الشخصية بوضوح وتطوير الخط الدرامي للشخصية دون عناء .. لغتها دافئة رقيقة تتصف بالعفوية رغم جهدها المبذول لاستغلال محاسنها بعباراتها الشعرية المكثفة .