مُترفة بالجودِ والسخاءِ.. عاداتنا وطقوسنا الشعبية في الجولان مهددة فلنحافظ عليها

الثورة أون لاين – خالد الخالد:

لكل محافظة عاداتها وتقاليدها، وباتت جزءاً مهماً من طقوس وثقافة أبنائها، لاسيما تلك العادات والتقاليد المرتبطة بثقافةِ إعدادِ الطعامِ والشرابِ، ونحنُ نعلمُ بأنَّ الطقوس الشعبية في القنيطرة متعددةُ المشاربِ، إذْ لابدَ من وجودِ مستلزماتٍ يومية ضرورية تسدُ حاجة هذه المجتمعات، وقد كانَ المواطنُ قبلَ الحرب العدوانية على سورية يحصلُ عليها بيسرٍ وسهولة، وكل وفق إمكانياتهِ المادية المتاحة.
والعادات والتقاليد الجولانية مُترفة بالجودِ و السخاءِ، و يعود ذلك إلى طبيعةِ الحياة الاجتماعيةِ المتماسكة بين أهالي الجولان على اختلاف بيئاتهم و تعدد أطيافهم، إلا أنهم جميعًا يتزاحمونَ في تقديمِ الواجبات الإنسانية المفروضة عليهم طوعًا في الأفراحِ والأتراحِ مهما كانت تكاليفها وحجمها، و بيوتهم مفتوحةٌ لاستقبالِ الضيوف و هي حافلة بالأطعمة المشهورة نحو “المنسف” و مفرداتهِ المكملة المُتخمِ باللحمِ والسمنِ العربي وغيرهِ، بالإضافةِ إلى المأكولاتِ الأُخرى التي تقدمُ بعدَ هذا الطعامِ الدسم نحو أطباق الحلوى المتنوعة وفي مقدمتها “اللزاقيات” المُثقلة بالسمنِ العربي و أفخرِ أنواعِ المكسراتِ و العسل الطبيعي.
وكلّ هذهِ الأشياءِ كانت حاضرة في أغلبِ بيوت أبناء القنيطرة، بالإضافةِ إلى القهوةِ العربية الأصيلة المعطرة بحباتِ “الهالِ” المصاحبة لصوتِ الربابة والحديث الشجن مع جوقةِ الشُعار لاسيما عندَ كبارِ العائلات من العشائرِ الميسورةِ وتلكَ التي تعشقُ هذهِ الطقوس التي تعتبرُها شريان حياتها، وكانت هذهِ العادات والطقوس تتمُ بشكلٍ يومي واعتيادي نظرًا لتوفرِ المواد الغذائية وانخفاض أسعارها وتوفرها عندَ الفقراءِ والأغنياء مقارنةً مع المداخيلِ الشهرية.
وكانت سائر العائلات تُلبي حاجة أسرها من هذهِ الأطعمة والمشروبات، مع اختلافِ العادات والتقاليد من بيئةٍ إلى أخرى لاسيما وأنَّ الجولان السوري يضمُ العديد من الشرائحِ المختلفة والتي تختلفُ أيضًا في طقوسِها وعاداتِها وتقاليدها وأنواعِ أطعمتِها ولباسِها وثقافتِها المتوراثة عِبرَ الأجيال السابقة.
وهذا النسيج الاجتماعي المتعدد خَلقَ في هذا الفضاء الجغرافي صورةً تفاعلية اجتماعية تعجُ بالدفء والحيوية والحب والتآخي، لكننَّا اليوم وفي ظل الحالة الاقتصادية التي تزدادُ سوءًا في البيئاتِ السورية كلها نتيجة الحرب الظالمةِ والحصار المقيت المفروض على وطننا ومع اختفاءِ المواد الأساسية وتحليق أسعارها والتي كانت متوفرة بكثرةٍ لم نعد نشاهد مناسف اللحم وتم الاستعاضة عنها بالفروج وحتى مدة بسيطة تلاشى الفروج من المناسف وأصبح الأهالي يتناولون قطعة فروج واحدة أو قطعتين وتقوم سيدة المنزل بتقطيع الواحدة منها على كامل المنسف، كما استغنت الأسر بالقنيطرة عن طبخة مشهورة تسمى آذان الشايب (شيشبرك) وهي معروفة في سائر المحافظات ومكونة من عجين محشو باللحم ويطبخ باللبن، وغيرها من المأكولات التي كانت تسجل حضوراً على موائد أبناء القنيطرة.
الحقيقة بدأت هذه الأنواع من الأطعمة تتلاشى وتختفي الصور الجميلة من حياةِ مجتمعنا وتحلُ مَحلُها صورة بائسة معجونة بالحزن والمرارة لاسيما لتلكَ الأُسرِ ذاتُ العدد الكبير والتي باتت عاجزة عن تأمينِ متطلباتها مقارنةً مع قلةِ المال وشحهِ، إذْ أصبحَ المواطن لا يستطيع سدَّ رمقه فكيفَ بأسرةٍ مكونةٍ من أربعةِ أشخاصِ وربما أكثر، وكيف يستطيع هذا المواطن فتح أبوابِ بيته كما كان كسابقِ عهدهِ مفتوحاً للضيوفِ والنزلاء الكرام.
وقد أصبحت تلك الصور الجميلة من العاداتِ والتقاليد تختفي بالتدريجِ من حياةِ أهلنا بالقنيطرة كما يندرجُ هذا على البيئات السورية كُلها، وأصبحت تلك العادات التقليدية الجميلة الصاخبة المترفة بالحبِ والدفءِ بعيدة المنالِ على الكثيرين، وربما أصبحت ضربًا من الخيالِ يتحدثُ عنها “السمار” في أحاديثهم الحالمة، مما يتطلبُ الإسراع في كبحِ جماح المتلاعبين بقوتِ المواطن، الذي فُطر منذُ نعومةٍ أظفارهِ على حبِ الخير والإيثار ومساعدة الملهوف والمحتاج.

آخر الأخبار
مسؤولان أوروبيان: سوريا تسير نحو مستقبل مشرق وتستحق الدعم الرئيس الشرع يكسر "الصور النمطية" ويعيد صياغة دور المرأة هولندا.. جدل سياسي حول عودة اللاجئين السوريين في ذكرى الرحيل .. "عبد الباسط الساروت" صوت الثورة وروحها الخالدة قوات الاحتلال الإسرائيلي تواصل خرقها اتفاق فصل القوات 1974 "رحمة بلا حدود " توزع لحوم الأضاحي على جرحى الثورة بدرعا خريطة طريق تركية  لتعزيز العلاقات الاقتصادية مع سوريا قاصِرون خلف دخان الأراكيل.. كيف دمّر نظام الأسد جيلاً كاملاً ..؟ أطفال بلا أثر.. وول ستريت جورنال تكشف خيوط خطف الآلاف في سوريا الأضحية... شعيرة تعبّدية ورسالة تكافل اجتماعي العيد في سوريا... طقوس ثابتة في وجه التحديات زيادة حوادث السير يُحرك الجهات الأمنية.. دعوات للتشدد وتوعية مجتمعية شاملة مبادرة ترفيهية لرسم البسمة على وجوه نحو 2000 طفل يتيم ذكريات العيد الجميلة في ريف صافيتا تعرض عمال اتصالات طرطوس لحادث انزلاق التربة أثناء عملهم مكافحة زهرة النيل في حماة سوريا والسعودية نحو شراكة اقتصادية أوسع  بمرحلة إعادة الإعمار ماذا يعني" فتح حساب مراسلة "في قطر؟ أراجيح الطفولة.. بين شهقة أم وفقدان أب الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار