الثورة أون لاين – هناء الدويري:
رغم أننا بانتظار اكتشاف كلّ ما هو جديد في علم الآثار عن بداية الوجود الكوني لدحض بعض المعتقدات أو تعزيز فكرتها يبقى المتوفر من النصوص التاريخية المكتوبة والرقم والألواح الأثرية المُكتشفة إلى اليوم يُعرّف ببعض الحضارات ونظرتها إلى الحياة…
الكاتب زبير سلطان قدوري حاول أن يقدّم للقارئ فصلاً من فصول تلك الحياة ومعتقدات الشعوب في الخلود والعدم فجاء كتابه “الخلود والعدم في معتقدات الشعوب والحضارات القديمة ” في ٤٠٧ صفحة من القطع الكبير يعرض لتباين تلك المعتقدات عند حضارات مصر وبلاد الرافدين وفارس والهند وشمال أوروبا وحتى الهنود الحمر.
القاسم المشترك الذي يجمع بين كلّ تلك المعتقدات أن إلهاً قام بخلق الكون والبشر والكائنات الحيّة على الأرض كما أجمعت أن البشر خلقوا من طين وأن الروح تبقى مع الجسد ما دام الإنسان حيّاً، وتتوحد أيضاً بوجود ثنائيات في الكون كالخير والشر والنور والظلام، والاستقامة والخبث، والحبّ والكره، والسماحة والتعصب ….الخ
وما بين الثواب والعقاب بعد مفارقة الروح للجسد اعتقد البعض أن الجزاء يتم في حياة الإنسان في الدنيا والغالبية اعتقدت بالجزاء بعد الموت في دار الآخرة.
وفي اثنين وعشرين فصلاً ناقش الكاتب هواجس الإنسان في مسألة الخلود والفناء ومعتقدات الحضارات القديمة في هذين المفهومين، ففي وادي بلاد الرافدين تشير التنقيبات الأثرية إلى وجود بشري يعود إلى عشرات آلاف السنين وتحدث رقم أثري سومري عن آلهة حكمت الأرض قبل الطوفان من السماء، (وتفصيلات الطوفان في الكتاب) ثم فوضت الملوك لممارسة السلطة على الأرض وقرنت نفسها بالآلهة وتكاثرت معابد الآلهة.
الرُقم السومرية تتحدث عن وجود عوالم ثلاثة في الكون، السماوي للآلهة والأرضي للإنسان في حياته الدنيوية، وعالم سفلي من الطين ينتقل إليه الأموات، ولا يعتقدون بخلود البشر، فالخلود فقط للآلهة.
الأكديون في جنوب العراق لا يوجد في معتقداتهم حياة أخرى بعد الموت، وليس للإنسان إلا الحياة الدنيا، وإذا ما وقع الإنسان بالرذيلة يلجأ إلى السحرة ليعلموه تعاويذ الآلهة التي تعيده إلى إلهه وتنقذه.
أما في مركز تعلّم الطب البابلي كان الكلب موضع تقدير.
والآشوريون اعتبروا إلههم آشور سيد الآلهة، وهمهم نيل السعادة الدنيوية والصحة والثروة والسلامة، ولم يهتموا بالحياة الأخرى بعد الموت
الكنعانيون في بلاد الشام الحياة الوحيدة عندهم الدنيوية ولا بعث أو جنة أو جهنم، فهم لا يؤمنون بحياة أخرى باستثناء فئة قليلة.
ويفصّل الكاتب أيضاً عن المعتقدات عند الفينيقيين والتدمريين وممالك ماري، ثم ينتقل إلى مصر القديمة وشبه الجزيرة العربية، والمعتقدات الإغريقية والإفريقية وشمال أوروبا، والهنود الحمر والهندوس، وفي الديانات المتعددة والمختلفة حتى يصل إلى أستراليا.
الكاتب والصحفي زبير سلطان حميد قدوري من مواليد عام ١٩٤٦ البوكمال، رئيس هيئة فرع اتحاد الكتاب العرب في دير الزور، له العديد من الكتب والمؤلفات منها: العسكريون والثورة العربية الكبرى ٢٠٠٨ ، تاريخ وأعلام الجزيرة الفراتية في العهدين الأموي والعباسي ٢٠١٥، السلام في المشروع الصهيوني ٢٠٠١.