أميركا والسعودية.. هل حان وقت الخلاف؟!

الثورة أون لاين- ترجمة ليندا سكوتي:
أدان البرلمان الأوروبي، في تقريره السنوي الخاص بالسياسة الخارجية والأمنية المشتركة بتاريخ 21 حزيران، جرائم الحرب التي نفذتها قوات التحالف المنضوية تحت القيادة السعودية في اليمن، وأكد مشرعون أوروبيون على ضرورة إحالة تلك الجرائم للمحكمة الجنائية الدولية، فضلا عن دعوتهم الحكومات الأوروبية إلى “الامتناع عن زيادة معاناة الشعب اليمني” عبر وقف بيع الأسلحة إلى السعودية ، وفرض عقوبات على مسؤولين سعوديين لضلوعهم بجرائم الحرب المرتكبة.
وقد جرى تبني ذلك الإجراء بفضل النواب الليبراليين واليساريين رغم المعارضة الشرسة التي أبداها المحافظون بمختلف مشاربهم – سواء من حزب الشعب الأوروبي اليميني الوسطي أم حزب الهوية والديمقراطية الوطني – باستثناء ثلة من الأصوات المعارضة من بلجيكا وفنلندا والبرتغال والتشيك ولاتيفيا، وأكد التصويت مرة أخرى على الانقسامات داخل البرلمان الأوروبي عندما يتعلق الأمر بالسعودية، إذ تبين بأن أحزاب اليسار تنتقد العلاقة معها، في حين تشكل أحزاب اليمين في الديمقراطيات الغربية الداعم الرئيس لها.
تماثل تلك الانقسامات الانقسام الذي تشهده الولايات المتحدة، فبعد أن تسلمت إدارة بايدن زمام السلطة بأسبوعين فقط، وعد وزير الخارجية الجديد أنتوني بلنكن، بوقف الدعم الأميركي للحرب في اليمن، وتعهد مدير إدارة الدفاع الوطني أفريل هاينز بكشف معلومات استخباراتية تتعلق بتورط ولي العهد السعودي محمد بن سلمان شخصياً بمقتل الصحفي المعارض جمال خاشقجي، ووعد بوقف مبيعات الأسلحة الجديدة ريثما يصار إلى مراجعة المسألة، ولم يبق علينا سوى الترقب لمعرفة إن كانت تلك الخطوات ستفضي إلى إعادة تقييم العلاقات الأميركية – السعودية، لكن، بمختلف الأحوال، فهي بداية تدعونا للتفاؤل.
وكما هي الحال في أوروبا، فإن هناك محافظين معارضين أميركيين أيضا – مثل السيناتور الجمهوري الليبرالي راند بول الذي ما انفك يعلن على الملأ انتقاداته للنظام السعودي، ومع ذلك، يُعد هؤلاء المحافظون أقلية في جانبي الأطلسي.
والجدير بالذكر، أن التمحيص الدقيق كشف التباينات الواضحة بين المبادئ التي تعلنها أحزاب المحافظين والدعم غير المشروط الذي تقدمه للسعودية، إذ يثمن المحافظون النظام والاستقرار، ومع ذلك، نرى السعودية في ظل ابن سلمان، الحاكم الفعلي للمملكة، تقوض تلك القيم، فالحرب التي شنتها على اليمن قبل سنوات خمس خلفت كوارث إنسانية بحق الشعب اليمني، فضلا عن تعزيز المتطرفين في تنظيمي القاعدة وداعش.
ولا ريب أن اندفاع محمد بن سلمان وقراراته الطائشة، على غرار خطف رئيس الوزراء اللبناني سعد الحريري عام 2017، ومحاولته العقيمة في إخضاع دولة قطر أدى إلى زعزعة الاستقرار الإقليمي في منطقة الشرق الأوسط، بالإضافة إلى ذلك، فإن جهوده الحثيثة لكسب دعم أميركا في المنافسة الشرسة مع إيران لم تحقق المصالح القومية الأميركية المنشودة فضلا عن كونها عرضت القوات الأميركية للخطر أيضاً.
ثمة أمر آخر يقيمه ويثمنه المحافظون يتمثل بالدفاع عن الحرية الدينية، وفي هذا السياق، فهناك قلة قليلة من دول العالم تؤدي دوراً أسوأ من دور السعودية، حيث ليس هناك من دين رسمي سوى الوهابية المتشددة التي ولّدت تنظيمي داعش والقاعدة، فلا نجد في السعودية كنيسة أو كنيس، كما يعاني الأقلية التمييز العنصري، وإذا ما قارنا بين السعودية وإيران التي يحاربها المحافظون الغربيون نلاحظ أن الأخيرة تبدي احتراماً للأقليات الموجودة وأماكن عبادتها، وقد ذكرت وزارة الخارجية الأميركية أن السعودية “تشكل مصدر قلق في مجال الحريات الدينية” عام 2019، تلك العبارة التي يتصف بها أعتى المجرمين وتكون عادة مصحوبة بفرض العقوبات، غير أن وزير الخارجية آنذاك مايك بومبيو، المؤيد للرياض، أعلن على الملأ عن إلغاء العقوبات متذرعاً “بمصالح أميركا الوطنية المهمة” دون ذكر أي تعليل لإلغائها.
يعتقد المحافظون بأنهم أبطال المسار السلمي بين الأمم، علماً أن هدفهم الأساس يتمثل في أعمال التجارة والاستثمار، وفي الواقع، تسعى السعودية جاهدة لاستقطاب الاستثمار والتكنولوجيا من الشركات الغربية متعددة الجنسيات وخير مثال على ذلك إطلاق مبادرة المستقبل للاستثمار في الرياض في شهر كانون الثاني، والادعاء المبالغ به حول “النهضة الجديدة”.
وإن كان الحزب الجمهوري يحترم سيادة القانون فعلا، فيجب عليه ملاحظة عدم إبداء السعودية احتراماً للقانون، الأمر الذي ظهر جلياً في جميع تصرفات ولي العهد الذي أجرى حركة تطهير لا سابق لها عام 2017 شملت النخبة على صعيدي السياسة والأعمال التجارية، فضلا عن اعتقال آلاف المعارضين وتعذيبهم في السجون السعودية مع التعتيم الكامل على ذلك الإجراء، كما أنه أطلق العديد من المبادرات مثل مبادرة مستقبل الاستثمار لتبييض سجل المملكة إلا أنه لم يسع لتنفيذ إصلاح حقيقي.

تعد السعودية أكبر مستورد للسلاح في جميع أنحاء العالم، إذ ذكر معهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام، أن نصف صادرات السلاح الأميركي في السنوات الخمس الفائتة تستوردها منطقة الشرق الأوسط ونصفها تشتريه السعودية، وفي تصريح نادر، تحدث المدير التنفيذي لشركة رايثون، أحد أكبر منتجي السلاح على مستوى العالم، بأن “السلام لن يتحقق في الشرق الأوسط قريبا”، ولذلك فهو يتوقع “نمواً مضطرداً” في مجال صناعة السلاح، بيد أن الفوائد والأرباح التي يحققها المجمع العسكري الصناعي لا تنعكس إيجاباً على البلاد، فسطوة صناع الأسلحة ومؤيديهم جعلت الولايات المتحدة تتذلل لأنظمة مثل السعودية.
وأخيرا، ليس ثمة دليل على أن طبقة المنافقين والمتملقين للنظام السعودي والأنظمة الخليجية الأخرى ستحظى بشعبية بين ناخبي الأحزاب المحافظة سواء في أميركا أم في أوروبا، إذ يميل الناخبون إلى الالتزام بقيم السلام والتسامح التي تتعارض مع نظام ينشر الوهابية، لذلك نرى أن الوقت قد حان أمام المحافظين الأميركيين والأوروبيين للبدء بحوار صريح عبر الأطلسي لمناقشة الارتباط مع نظام ينتهك تلك القيم، ولا شك بأن أحزاباً محافظة في البرلمان الأوروبي ومجلس الشيوخ الأميركي لديها الإمكانية لإطلاق تلك العملية.
المصدر The American Conservative

آخر الأخبار
إعادة فتح موانئ القطاع الجنوبي موقع "أنتي وور": الهروب إلى الأمام.. حالة "إسرائيل" اليوم السوداني يعلن النتائج الأولية للتعداد العام للسكان في العراق المتحدث باسم الجنائية الدولية: ضرورة تعاون الدول الأعضاء بشأن اعتقال نتنياهو وغالانت 16 قتيلاً جراء الفيضانات والانهيارات الأرضية في سومطرة الأندونيسية الدفاعات الجوية الروسية تسقط 23 مسيرة أوكرانية خسائر كبيرة لكييف في خاركوف الأرصاد الجوية الصينية تصدر إنذاراً لمواجهة العواصف الثلجية النيجر تطلب رسمياً من الاتحاد الأوروبي تغيير سفيره لديها جرائم الكيان الإسرائيلي والعدالة الدولية مصادرة ١٠٠٠ دراجة نارية.. والجمارك تنفي تسليم قطع ناقصة للمصالح عليها إعادة هيكلة وصيغ تمويلية جديدة.. لجنة لمتابعة الحلول لتمويل المشروعات متناهية الصِغَر والصغيرة العقاد لـ"الثورة": تحسن في عبور المنتجات السورية عبر معبر نصيب إلى دول الخليج وزير السياحة من اللاذقية: معالجة المشاريع المتعثرة والتوسع بالسياحة الشعبية وزارة الثقافة تطلق احتفالية " الثقافة رسالة حياة" "لأجل دمشق نتحاور".. المشاركون: الاستمرار بمصور "ايكو شار" يفقد دمشق حيويتها واستدامتها 10 أيام لتأهيل قوس باب شرقي في دمشق القديمة قبل الأعياد غياب البيانات يهدد مستقبل المشاريع الصغيرة في سورية للمرة الأولى.. الدين الحكومي الأمريكي يصل إلى مستوى قياسي جديد إعلام العدو: نتنياهو مسؤول عن إحباط اتفاقات تبادل الأسرى