الثورة أون لاين – لميس علي:
للصراحة .. تابعتُ المسلسل وكنت من المتحمسين لمعرفة تفاصيل ومجريات الأحداث في كل حلقة منه ..
العمل الذي طالته انتقادات عديدة ، حصل على جماهيرية واسعة وحقق نسب مشاهدة عالية ..
فما الذي تفعله الميديا بنا بوجهها الدرامي والناشط حالياً بطابعه “المشترك” ..؟!
(85) حلقة امتدت طوال أربعة أشهر في الجزء الثاني ، ومثلها في الجزء الأول ، عُرضا خلال عامين .. لتصبح شخصياته نقطة خلاف أو التقاء .. وربما جذب أو العكس ..
أو لعلها أصبحت الرهان الكسبان في عديد المَشاهد التي ستصبح “تريندنغ” متصاعدة على السوشال ميديا .
دراما اليوم وفق معايير المشاهدة “السوشيالية” لم تعد تُعنى بقيمة مضمون أو جودة حوار .. ولا بحبكة أحداث تحاكي وقائع يومياتنا ..
كل ما تهتم له أن تقدم لنا “الحياة” كوجبة سريعة نتفاعل معها مقدار ما يسمح لنا عدّاد الوقت بسرعة تقلّبات “التريندينغ” المتغيّرة دائماً وكأنما أصبحنا أمام بورصة “مُشاهدة” تحتاج مَن يتابع تدفقات وتموجات أسعارها .
بالطبع ، لا نستطيع – الغالبية منا – مجاراة ترف نمط الحياة التي قُدم لنا في العمل ..
لكن .. لمتابعٍ متنبّه أن يُدرك أنها تعوّد المتلقي على نمط متابعة ، “ستايل” مُشاهدة .. يتقن مغازلة أعيننا بما يراد لها أن تعتاد عليه .. وصولاً إلى تأطير حالة التلقي بالكامل لتصبح مطواعة أمام هكذا نوعية درامية ، وبالتالي يصبح غيرها نافراً أمام أبصارنا ..
وعلى هذا النحو سيتحول (ستايل) حياة كل منا نسخةً مصغرةً عمّا يحشون به عقولنا من مشاهدات عوّدونا عليها ..
يتسرّب هذا لاشعورياً .. بحكم العادة لتنغرس عميقاً في لاوعينا ..
وشيئاً فشيئاً يصبح لدينا نمط مشاهدة مكرّس يتشابه أو يتطابق مع وصفتهم الدرامية “المحوّرة” أصلاً عن أصل غير عربي ..
والنتيجة .. الحصول على أنماط تفكير وصولاً إلى أنماط عيش هي مجرد نسخ غير أصلية .. تقليد مشوّه لا يعول عليه .
المسلسل .. وذووه عرفوا جميعاً كيف يطبّقون طبخة بصرية جذابة للفت عين المتلقي ..
ويبدو أنهم ينبهرون تماماً كما أي متابع ، لاسيما الممثلين ، بما يُعرض عليهم من أدوات إبهار وجذب لتقديم أدوارهم وفق أجمل حُلّة تمثيلية .
تصاعد أداء الكثير منهم وفي مقدمتهم الممثلة تقلا شمعون ، التي كانت مشاهدها في المواجهة مع أبنائها من أكثر المشاهد نجاحاً وتأثيراً .. وبالتالي كانت “تريندينغ” يومي ..
ومن الأداءات اللافتة أداء الممثلة مرام علي في اتقان دور الشخصية الشريرة ..
دون نسيان خط الرومانسية الملعوب عليه بذكاء لزيادة مستوى صيد المتلقي، بين الثنائي ظافر العابدين وكارمن بصيبص .
فتحت طغيان الصيغة البصرية المتعوب عليها .. وعلى الرغم من الحضور المميز للأسماء السابقة ، نسي ذوو العمل أن مستوى تصاعد خطوطه الدرامية بالكثير من أحداثه لم يتناسب ومستوى هبوطها التي كان ، غالباً ، غير مُقنع .. ما يضع المتفرج أمام إحساس أن الحدث بمجمله لم يكن سوى حدث مفبرك ..
لنتساءل ..
إذا كان مستوى معالجة الأحداث تم بأسلوبية تستسهل التعاطي مع ذهن المتلقي .. ما الشيء الذي دفعنا إلى متابعة عمل يمسخ مستوى وعينا ..؟؟
هل أصبحنا متابعين/متفرجين وفق الطلب ..؟!
يبدو أن الميديا الطاغية قولبت ذهنية الغالبية العظمى من الناس الى ما تبتغيه من نُسخ متشابهة .. تتلقى دون أن تحلل أو تستنتج أو حتى تستوعب إلا الشيء الفاقع بسطحيته