خلافاً للفكرة البراقة المتداولة والقائلة أنه في الدول المتقدمة والغنية يساعدون الفاشل حتى ينجح، وفِي الدول الفقيرة يعملون على جعل الناجح يفشل، نجد أن قانون التمويل الصغير الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد قبل أيّام، يقلص إلى حد بعيد الإعاقة المجتمعية للتواقين إلى النجاح، ويأخذ بيدهم ويوفر لهم التمويل، من خلال مصارف التمويل الصغير بضمانات ودون ضمانات لمحدودي الدخل ولمعدمي الدخل.
والملفت للانتباه -وخلافا للعادة- صدرت أمس، وبسرعة قياسية، التعليمات التنفيذية لهذا القانون مما يعني وضعه قيد التنفيذ فوراً.
والمغزى من ذلك كله أن لدى سورية الرغبة الصادقة في احتضان أبنائها النشيطين الكفوئين والمهرة، وأتاحة الفرصة لهم أن يعملوا وأن ينتجوا خدمة لأنفسهم ولوطنهم.
فمن المعروف أن أهم أسباب الهجرة الشبابية -البطالة- ولعل من أهم أسباب البطالة افتقار ذوي الكفاءة المهنية إلى الإمكانات المالية لإقامة مشروع صغير سيكبر حتماً مع الزمن، فإذا بقانون التمويل الصغير يوفر حلاً سورياً إبداعياً لهذه المشكلة، التى بدت خلال عقود طويلة بصفتها مشكلة عصية على الحل.
كم حلمنا أن يتاح مثل هذا التمويل لخريجي الثانويات الفنية الصناعية والنسوية وخريجي المعاهد المتوسطة ذات الطابع الصناعي والحرفي، وها هو يصبح متاحاً وكم يبدو مهماً ومفيداً أن تنشأ جمعيات، تجمع أصحاب المهنة الواحدة والمهن الرديفة لها في سوق تموله تلك المصارف التي نص عليها القانون الجديد، الذي جاء في أعقاب سلسلة ذهبية حقاً من المراسيم والقوانين والتوجيهات التي تتوق إلى تحسين الوضع المعيشي للسوريين ومساعدتهم على الظفر بفرصة عمل تحقق لهم دخلاً ينأى بهم عن أوجاع البطالة المرة، أو تقديم مساعدات مالية لهم، (تسديد قروض جرحى القوات المسلحة والقوات الرديفة ممن تراوحت نسبة العجز عندهم ما بين ٤٠./. إلى ١٠٠./. – توظيف ٢٨ألفاً من مسرحي الجيش حتى الآن – إحداث مراكز للتدريب المهني على مهن البناء وإعطاء المتدرب عشرة آلاف ليرة شهرياً، منح المؤسسة العامة للإسكان قرضاً سنوياً بخمسة مليارات ليرة لمتابعة تأمين السكن للعاملين في الدولة، إلى جانب الجهد التنموي الكبير في كل مجالات الحياة ولاسيما الزراعية والصناعية والري والنقل).
ولعل المستفيد الأكبر من كل هذه الجهود هم الشباب، وعلى عاتقهم يقع عبء البناء والإنتاج والإدارة والتشغيل الأمثل للمنشآت والمؤسسات، ويجب أن ننتبه في هذا السياق إلى أن سورية ما تزال من الناحية السكانية في مرحلة انفتاح النافذة السكانية، ما يعني أن نسبة الشباب فيها هي النسبة الأكبر وهي لا تقل عن ٥٠./.
ولعل ذلك يضع سورية أمام فرصة تاريخية ما تزال متاحة لعشرين سنة على الأقل، فهؤلاء الشباب قدرة هائلة على الإنتاج والعطاء، ومن الحكمة أن نوفر لهم بيئة العمل الملائمة وأدوات هذا العمل وإمكاناته. وهنا بالذات يتبدى نبل الدولة السورية، التي رغم الحرب العدوانية التي فرضت عليها ونفقاتها الباهظة تتقدم الجميع وتأخذ على عاتقها الأخذ بيد أبنائها ومساعدتهم على تأمين فرص عملهم المجزية.
أروقة محلية – ميشيل خياط