هي المشاجب التي نعلق عليها مشاكلنا كي نؤجل مواجهتها وليس كي نجد لها حلاً. لقد اتسع دور الشماعات وشاع طيفها فلم تعد ثقافة خاصة بنا.. هي لم تكن كذلك.. لكن ثمة شعوباً ودولاً نجحت في مواجهة مشاكلها دون تأجيل.. ومع سيادة القطب الواحد وارتهان العالم للولايات المتحدة الأميركية.. ووقوع هذه الأخيرة فريسة الطغيان وتعليق مشاكلها ومشاكل العالم على شماعة غير مرئية.. أصبحت الحالة مدوّلة ومعولمة.. وخطرها يتعاظم مع تعاظم دورها في حياة الدول التي اتفق العالم دون أن يتفق أن في تجاربها وخبراتها يكمن الحل!!.
رغم اتفاق الكثيرين على فشل نظرية “فوكو ياما” التي حكم فيها على التاريخ بالانتهاء.. وهو احتكم فيها على رؤيته للمستقبل والسيرورة التاريخية المرتهنة للتطور الذي يحكم العالم.. والنهاية التي قال عنها ربطها بالمستوى الهائل للتطور الذي يحكم العالم والذي لا يترك مجالاً للتوقف والتوقع بموجب التحليل والاستنتاج.
من هذا المنطوق.. نهاية التاريخ كما رسمها فوكو ياما غير دقيقة.. لكن ثمة في العالم اليوم تاريخاً سقط وتحطم وكتب نهايته كمشروع تطور للبشرية.. وبموجبه أرى العالم يتجه مجدداً لإعادة النضال البشري على الميادين التي كان يفترض أن البشرية انتصرت فيها وكتبت سجل نهايتها..
لذلك أراها نهاية الحالة التاريخية وليست نهاية التاريخ.. والعالم مدعو لإعادة رسم مداميك التطور البشري باتجاه مستقبل له بعده التاريخي المتحرك دون نهاية..
لننتبه إلى حالة العالم .. فهو محكوم بشكل فظيع لاستعمار فريد من نوعه ويحتاج في النضال ضده لإعادة صياغة هذا العالم والبنى والمؤسسات التي تتحكم فيه مجدداً!!.
ألم تكن البشرية والعالم ومؤسساته والأمم المتحدة قد أكدت تصفية الاستعمار منذ القرن الماضي؟!.
تصوروا أن العالم يقف مشدوهاً يتسقط الأخبار عن جريمة ثابتة مسجلة قام مجرموها باستدراج الضحية وقتله وتقطيعه. أو على الأقل إخفاء جثته.. وليس ثمة من يقدم على إقرار الواقعة بشكل علمي وقضائي وإحقاق العدالة فيها.. ما لم تقرر الولايات المتحدة الأميركية اتجاهات العمل..
فماذا فعلت؟ هي لم تعلق القضية على مشجب التأجيل وحسب.. بل على ذاك المشجب تكتب سيرورة للابتزاز والإثراء غير المشروع.. والعالم يتفرج.. ويظنها ليست قضيته..!!.
هي ليست قضية الخاشقجي .. ولا قضية السعودية ونظم العدالة فيها.. بل قضية العالم الذي يثبت عجزه عن مواجهة هذا الشكل من الاستعمار..
العالم بما فيه الصين وروسيا واليابان والاتحاد الأوروبي.. كل العالم يخضع لوسائل الاستعمار الأميركية المحددة بالقوة العسكرية والسيطرة المالية والإعلامية .. فإن لم ينتفض هذا العالم إلى مقارعة هذا الاستعمار.. يكون يعلق مشاكله على شماعات جديرة بالحرق..
و لنا نحن في سورية في الحكاية حكاية.. فعلى مشجب الحرب وشماعتها نعلق مشاكلنا.. لنتراجع عن مواجهتها.. وترانا الأجدر بحرق الشماعة..
معا على الطريق – أسعد عبود