الطالب حسين بوسبيت .. للإبداع حكايةٌ تروى

الثورة أون لاين – بشرى سليمان : 

يبقى للسوريين تجاربهم وبصمتهم وحكاياتهم التي لاحدود لها ، فهم الذين عاشوا ويلات الحرب العدوانية بكل تفاصيلها على جميع المستويات و التي حاولت بفعل صناعها طمس الهوية من خلال حرق البشر والشجر والطفولة وكل حلمٍ جميل .
لكن هؤلاء المغروسين كما الجذور في أعماق هذه الأرض احتكموا للأمل والعمل واستمروا رغم حزمة الآلام ، وتابعوا طريق تحقيق الأحلام والرغبات على دروب الإنجاز والإبداع .
في هذه السطور نسلط الضوء على إنجاز أحد طلابنا وهو الشاب الجميل والموهوب حسين بوسبيت من الصف الأول الثانوي (مدرسة الباسل للمتفوقين) ، الذي استطاع وللمرة الأولى في تاريخ الأولمبياد العلمي السوري الفوز بمراتب متقدمة في مجالين معاً ، هما الرياضيات ، والمعلوماتية (أولمبياد2021) .
* بدايات التفوق
ففي مراحل الطفولة لاحظ أهل حسين شغفه بالرياضيات ، وبحثه المستمر عن المسائل الصعبة لحلها ، وكان قد حاز على المركز الأول في مادة الرياضيات عن محافظة دمشق في مسابقات رواد طلائع البعث ، وفي المرحلة الإعدادية انتقل للدراسة في مدرسة المتفوقين ، حيث المنافسة كبيرة والتفوق هو السمة الأبرز ، هنا وبعد تفكير قرر استغلال كل الفرص المتاحة ليثبت نفسه ويتميز عن الآخرين ، فلم يوفر جهداً للاشتراك بالمسابقات والاختبارات المعلن عنها كالشطرنج والتمثيل وغيرها ، إذ لم يكن هدفه الحصول على العلامات التامة بقدر ما كان حب التميز بمجال يحبه هو الغاية .
* بداية الطريق
قد تكون الصدفة لعبت دورها ، حين كان في الصف التاسع ، عندما لاحظت المعلمة تميزه في مادة المعلوماتية ، فشجعته للتقدم إلى مسابقة تدعى (الماراثون البرمجي للأطفال واليافعين) المخصصة لطلاب المرحلة الإعدادية ، وقد دفعه حب التميز ، وشغفه بعالم البرمجة للتقدم لهذه المسابقة التي تضمنت ثلاثة اختبارات ، تم التدريب لها في الجمعية العلمية السورية للمعلوماتية ، وقد حقق المركز الثالث على مستوى القطر .
من هنا كانت الانطلاقة وازدياد الثقة بالنفس ، حيث تم اختياره مع تسعة
آخرين ، لاختبارات الأولمبياد العلمي للمعلوماتية (علماً أن المشاركة في الأولمبياد تبدأ من الصف العاشر وحسين كان مايزال في الصف التاسع) وبالفعل بدأت التدريبات (on line) يرافقها بعض التوتر بسبب سنه الصغير ، والمنافسة القوية ، ومع ذلك حقق الميدالية البرونزية في الاختبار المركزي على مستوى سورية (فكان أول طالب من الصف التاسع يدخل منافسات الأولمبياد العلمي) .
* تتمة الحكاية
فوز حسين بوسبيت بالميدالية البرونزية في مادة المعلوماتية ، وولعه بعالمها المبهر لم يمنعه من السعي لتحقيق حلمه ، بالتميز في مادة الرياضيات التي أحبها منذ صغره ، فبدأ البحث في قوانين الأولمبياد ، ولم يجد ما يمنعه من التقدم لاختبارات الرياضيات في العام المقبل (أي في الصف العاشر مع الاحتفاظ باختصاص المعلوماتية) وبالفعل تقدم للاختبارات اللازمة ، فنجح بها وتأهل إلى الاختبارات المركزية فيها ، وهنا كانت المشكلة بتقديم مادتين معاً الرياضيات للمرة الأولى، والمعلوماتية معياري (ليست المرة الأولى) فقامت إدارة الأولمبياد العلمي بحل هذه الإشكالية ، والسماح له بتقديم الاختبار المعياري لمادة المعلوماتية قبل بقية الطلاب ، كحالة استثنائية ليتسنى له تقديم الاختبار المركزي لمادة الرياضيات ، فحقق المركز الرابع على مستوى القطر ، وهو بذلك يكون أول طالب دخل اختصاصين في الأولمبياد العلمي وحقق مراكز متقدمة في كليهما .
* لا يخشى الفشل
لا يخاف هذا الطالب من الفشل بل يخاف من عدم المحاولة ، ذلك أن الفشل أمر طبيعي قد يزيد الخبرة بالحياة ، والإنسان يجب أن يخوض كل التجارب الممكنة ، وفي النهاية الحياة ليست خطاً مستقيماً ، وهذا ما دفعه للتقدم لمسابقة (ماراثون القراءة) التي تعتمد على أكبر عدد من الكتب ، يمكن للإنسان قراءتها ، وحقق أيضاً المركز الأول فيها .
آخر فوز حققه بوسبيت قبيل نشر هذه المادة كانت مسابقة (Info(1)cup) الدولية للمعلوماتية ، والتي نظمتها رومانيا عن بعد ، بمشاركة طلاب من ثلاثة عشرة دولة ، وقد نال الميدالية البرونزية لفريق الأولمبياد السوري .
* مقبلات النجاح
يرى الشاب بوسبيت أن نجاحه لا يعود لسبب واحد ، بل لعدة أسباب ٍمجتمعة ، ومن مصادر مختلفة ، قدمت له الدعم وفي مقدمتهم أسرته ، التي لم تتوان عن تأمين كل ما يحتاجه من تشجيعٍ معنوي ومادي ، وثانياً أساتذته الذين شجعوه وأعطوه من علمهم ووقتهم ومحبتهم ، وأخيراً إصراره ومحاولاته المستمرة لتحقيق أهدافه في التميز والإبداع .
أما الصعوبات التي تعترض بوسبيت تتلخص بضرورة إيجاد المراجع المتخصصة بالرياضيات ، والتواصل مع أساتذة جامعيين متخصصين بهذا المجال ، من أجل التعمق أكثر بدراسته هذه المادة .

يطمح بوسبيت في المراحل المقبلة إلى تحقيق ميدالية في اختبارات الأولمبياد العلمي على مستوى العالم ، فيما حلمه للمستقبل هو إنشاء شركة لها علاقة بالمعلوماتية كشركة “فيس بوك أو مايكروسوفت”، لأنه يرى المستقبل لتكنولوجيا المعلومات في تطور لافت وحاجة مستمرة .
وعن دور الإدارة المدرسية في احتضان المواهب ، وتنمية الفكر الإبداعي تحدث الأستاذ أحمد أحمد مدير مدرسة الباسل للمتفوقين عن تبني المدرسة لمواهب طلابها ، والعمل على صقلها ، وتنميتها ، وإبرازها وإيصالها لمبتغاها بكل ما تمتلك المدرسة من إمكانيات ، فهناك توظيف حقيقي للمخابر الموجودة ، إضافة إلى قاعة المعلوماتية ، والمكتبة ، كما يتم إفساح المجال مع كافة التسهيلات ، للمشاركة في كل الفعاليات التي تجريها وزارة التربية ، أو منظمة اتحاد شبيبة الثورة ، أو أي منظمة أخرى أو وزارة ، حيث كانت أبرز المشاركات بالأولمبياد العلمي والفوز بثلاث ميداليات .
والجدير ذكره أن حصة المدرسة من الفريق الوطني للأولمبياد العلمي سبعة طلاب من أصل اثني عشر طالباً ، وأيضاً المرتبة الأولى في مسابقة القراءة السريعة (لامار شريفة) ،يضاف إلى ذلك الفوز بعدد من البطولات الرياضية و إحراز كؤوس و ميداليات .
وفي هذا الشأن ، وبهدف رعاية المواهب الموجودة في المدرسة ، قررت وزارة التربية إقامة السبت العلمي في الأيام القليلة القادمة ، وهو يوم حر يتم فيه استقبال الطلاب ، ممن لديهم أفكار واختراعات جديدة في أي مجال ليتم البحث فيها ، وتطويرها ، وتبنيها إذا كانت قابلة للتطبيق ، كل ذلك بحضور أساتذة جامعيين ومختصين ، مع التوظيف الكامل للمخابر والمكتبات لتكون تحت تصرف المبدعين الموهوبين .
أما بالنسبة للطالب حسين بوسبيت ، فقد اعتبره الأستاذ أحمد كغيره من الطلبة المتفوقين ، فخراً للمدرسة والوطن ، وتوقع له مستقبلاً نوعياً ، ووصفه بالطالب النشيط ، المتفاعل صاحب الذكاء الواضح ، الشغوف بالعلم ، لم يدخل ميداناً وفشل فيه قط ، وباعتباره مديراً للمدرسة عمل على توجيه أساتذة بوسبيت لإشباع نهمه للعلم ، والإجابة عن كل تساؤلاته ، وتأمين التدريب اللازم لخوض منافسات الأولمبياد العلمي ، ومحاولات حثيثة للحصول على المراجع التي يحتاجها من مصادر مختلفة .
من جهةٍ أخرى عبَّرت كل من المرشدة النفسية رهف الجباعي ، ورزان يوسف ، عن تميز حسين بوسبيت وذكائه اللافت ، وتفوقه في جميع المجالات ، فهو شخص قارئ ومطلع وطموح وواثق من نفسه ، وإيجابي جداً ومتعاون بشكل ممتاز مع الجميع .
وعن الدور الذي يؤديه الإرشاد النفسي ذكرنا بأن الارشاد يقوم باستقطاب المواهب والمتميزين ، من خلال طرح الأفكار والتواصل مع الطلاب للمشاركة فيها ، وإقامة ورشات العمل ، والأنشطة الفنية ، والرياضية ، وذلك لتنمية قدرات الطلاب وتوظيف مواهبهم بالشكل الأمثل .
وهكذا يبقى حسين بوسبيت وزملاؤه من المبدعين والمميزين أملنا لغدٍ سوري مشرق بعطاءات أبنائه الذين سيبددون غيوم وضباب الحرب العدوانية الظالمة وقسوتها

آخر الأخبار
التحول نحو الاقتصاد الحر.. خطوات حاسمة لدعم المصرف المركزي السوري فزعة الأشقاء.. الأردن يهبّ لمساندة سوريا في إخماد حرائق الساحل أول شحنة منتجات من المدينة الصناعية بحسياء إلى الولايات المتحدة الأميركية رئيس الجمهورية يتابع ميدانياً جهود الاستجابة لحرائق ريف اللاذقية  تشكيل مجموعة العمل المشتركة حول التقنيات المالية بين مصرف سوريا المركزي ووزارة الاتصالات 138 خريجاً من مدرسة التمريض والقبالة في حلب يؤدّون القسم تحفيز إبداع فناني حمص مبادرة وطنية لحفظ وتثمين التراث السوري الهيئة الوطنية للمفقودين تطلق المرحلة الأولى من عملها هوية دمشق القديمة.. حجر اللبون بين سوء تنفيذ.. وترميم غير مدروس بحث تطوير مطار حلب وخطوات جديدة نحو الإقلاع الاقتصادي حركة نشطة عبر معبر السلامة.. أكثر من 60 ألف مسافر في حزيران وعودة متزايدة للسوريين بين المصالح والضغوط.. هل تحافظ الصين على حيادها في الحرب الروسية-الأوكرانية؟. صحة حمص تطور خبرات أطباء الفم والأسنان المقيمين تخفيض أجور نقل الركاب على باصات النقل الحكومي بالقنيطرة أطباء "سامز" يقدمون خدماتهم في مستشفى درعا الوطني استجابة لشكاوى المواطنين.. تعرفة جديدة لنقل الركاب في درعا كيف تخلق حضورك الحقيقي وفعلك الأعمق..؟ حرائق الغابات تلتهم آلاف الهكتارات.. وفرق الإطفاء تخوض معركة شرسة للسيطرة على النيران سوريا وقطر تبحثان توسيع مجالات التعاون المشترك