الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
قبل ثلاثين عامًا عندما أطلقت الولايات المتحدة عملية عاصفة الصحراء ضد العراق، كنت عضوًا في فريق السلام الخليجي، كنا 73 شخصًا من 15 دولة مختلفة، وكنا نهدف إلى التدخل بين الأطراف المتنازعة ومحاولة منع استخدام الأسلحة ومعارضة الحروب.
في صباح يوم 17 كانون الثاني 1991 شهدنا البداية الكئيبة للحرب الجوية كانت الصواريخ والقذائف تملأ سماء العراق تستهدف المدنيين قبل الجنود، تساءلنا يومها هل سيبقى شيء من بغداد ؟ قال أحد الطيارين الأمريكيين ” متفاخرا بقصف المدنيين في الهجوم الجوي “كان الأمر أشبه بإطلاق النار على مجموعة كبيرة من الأسماك في بحيرة صغيرة، وقبل أيام من هذا الهجوم قامت القوات الأمريكية بدفن العشرات من الجنود العراقيين في خنادقهم، وبحسب صحيفة نيويورك تايمز، قال مسؤولون في الجيش إن “الجنود العراقيين الذين لقوا حتفهم ظلوا في خنادقهم حيث ألقت المدرعات والآليات أطنانًا من التراب والرمل عليها، وملأت الخنادق لضمان عدم إمكانية استخدامها كغطاء يمكن من خلاله إطلاق النار على وحدات الحلفاء التي كانت على وشك التدفق من خلال الثغرات “.
في 13 شباط 1991، استهدف صاروخان أمريكيان موجهان بالليزر 400 مدني، معظمهم من النساء والأطفال، وأصيب 200 آخرون بجروح خطيرة، وبعد فترة وجيزة تم عرض صور المذابح البشعة التي تسببها الهجمات البرية والجوية، ودعا الرئيس جورج بوش الأب لوقف القتال في 27 شباط عام 1991،وتوقف إطلاق النار رسميا يوم 4 آذار، ومن المفارقات أنه في تشرين الأول 1990 أكد بوش أن الولايات المتحدة لن تقف مكتوفة الأيدي وتترك الدول الكبرى ذات القوة العسكرية، تبتلع دول أضعف منها، وقتها كانت بلاده قد غزت غرينادا وبنما، وتمركز الجيش الأمريكي في ثلاثة موانئ سعودية بمئات السفن وآلاف الطائرات وملايين الأطنان من المعدات والوقود استعدادًا لغزو العراق.
يشير نعوم تشومسكي إلى أنه كان هناك بدائل دبلوماسية لإراقة الدماء والدمار الذي لحق بالعراق من خلال عملية عاصفة الصحراء، فقد قدم الدبلوماسيون العراقيون خطة بديلة تم قمعها في وسائل الإعلام الرئيسية ورفضتها الولايات المتحدة بشكل قاطع، وكانت وزارة الخارجية الأمريكية جنبًا إلى جنب مع حكومة مارغريت تاتشر التي حذرت بوش من التذبذب وعقد العزم على المضي قدمًا في خططهم الحربية.
وبعد “نجاح” عملية عاصفة الصحراء “في رأي الأمريكي”، تحولت حرب القصف إلى حرب اقتصادية استمرت حتى عام 2003، وفي عام 1995، أوضحت وثائق الأمم المتحدة أن الحرب الاقتصادية التي شنتها الأمم المتحدة باستمرار فرض عقوبات اقتصادية على العراق، كانت أكثر وحشية بكثير من الحرب البربرية عام 1991، حيث أصدرت منظمة الأغذية والزراعة عام 1995 تقريراً يقول: إن أكثر من نصف مليون طفل عراقي دون سن الخامسة قد مات بسبب العقوبات الاقتصادية.
كان الأطباء يحاولون استيعاب الرعب من رؤية أطفال يموتون جوعاً بسبب العقوبات الاقتصادية التي فرضتها أمريكا وبريطانيا. نحن وبالنيابة عن حكوماتنا نعتذر عن المجازر التي راح ضحيتها آلاف المدنين من أطفال ونساء وكبار السن، ونأسف لأن أرضكم غنية بالنفط و مستهدفة ويجب علينا قتلكم واحتلالكم وسرقة ثرواتكم والتدمير المنهجي للمرافق الكهربائية ومحطات الصرف الصحي والطرق والجسور والبنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم وسبل العيش، نحن آسفون للاعتقاد بأن لدينا الحق في النفط الموجود في أرضكم، ونأسف لأن الكثير منا عاش بشكل جيد لأننا كنا نستهلك مواردكم الثمينة والتي لا يمكن تعويضها بأسعار مخفضة.
نأسف على ذبح مئات الآلاف من أطفالكم من خلال العقوبات الاقتصادية ومن ثم نتوقع منكم أن تشكرونا على تحريركم، نأسف على اتهامكم بشكل خاطئ بإيواء أسلحة دمار شامل ودمرنا بلدكم بهذه الحجة، بينما إذا نظرنا إلى “إسرائيل” نراها تصنع أسلحة نووية حرارية ولا يوجد من يحاسبها.. نأسف لصدمة أطفالكم مرة أخرى من خلال احتلالكم عام 2003، وملء مستشفياتكم المحطمة بالقتلى وبالناجين المشوهين والثكلى من القصف الوحشي أثناء احتلالنا الإجرامي لأرضكم، نحن آسفون.. نحن آسفون جداً عما فعلته حكوماتنا بكم وبأرضكم .
بقلم: كاثي كيلي
Antiwar