تصادف هذه الأيام ذكرى تأسيس جامعة الدول العربية ( 22 -3 – 1945) .. تأسست من سبع دول عربية هي: سورية – مصر – العراق – لبنان – الأردن – و اليمن .. سبق تأسيسها استقلال معظم الدول العربية .. و رغم تداول فكرة أنها ولدت عاجزة عن القيام بالدور المرسوم لها .. فقد شكل وجودها حالة حضور رسمي و إداري لهذه الدول، ساهم بهذا الشكل أو ذاك حالة وجود معنوي، ساهمت بالتأكيد بمساعدة الشعوب العربية على الحصول على استقلالها الرسمي ..
ولدت الجامعة متهمة .. و كانت دائماً أعجز من رد التهمة و الدفاع عن نفسها .. و لعله لم يكن هناك من يعنيه كثيراً هذا الأمر .. رغم ذلك استقطبت كل الدول العربية و نشأ عنها عديد المؤسسات السياسية و الثقافية و الاقتصادية .. و ما من شك أن هذه المؤسسات ساهمت إلى هذا الحد أو ذاك بما سمي فيما بعد بالعمل العربي المشترك ..
لكن الجامعة لم تستطع في مختلف ظروف تطور الحياة العربية أن تكون القائدة و الرائدة .. بل كانت دائماً التابعة لمشيئة دولها فرادى أو مجموعات .. وقد أدى ذلك إلى ضعف بنيانها و قرارها وحتى ميثاقها مع تعدد و زيادة الأعضاء المشاركين. و تعرضت إلى أذى مضاعف مع ميل دور الدول المشكلة للجامعة إلى أخذ أدوارها و ترتيب أوضاعها بما يتناسب مع المقدرة المالية لهذه الدول ؟؟ و هكذا تعاظم دور الدول النفطية العربية في حياة الجامعة إلى درجة الوصول إلى السيطرة عليها بشكل كامل مع تردي الحياة العامة السياسية والاقتصادية للشعوب العربية.
تعرضت الجامعة مع ما تعرضت له دولها لعدة أحداث جسام أحدثت هزات في كيان الجامعة و مقدراتها و دورها .. بدأت مع حرب حزيران 1967 وما تبعها، ثم كانت زيارة الرئيس المصري أنور السادات لإسرائيل واعترافه بها، ما أدى إلى خروج مصر من الجامعة و نقل المقر إلى تونس .. و لعل أقسى ضربة تلقتها الجامعة في كيانها ومبررات وجودها و مصداقية تاريخها، كان تجميد عضوية سورية ومنعها من حضور اجتماعاتها..!!! و هي أكثر من دولة مؤسسة.. إذ شكل الدور السوري في الجامعة أهم محاور العمل العربي المشترك .. كانت سورية دائماً الركن الأهم في الحياة السياسية للجامعة .. و تشهد على ذلك كل حركات التحرر و الاستقلال العربية ..
أعود لأذكر بما سبق و ذكرته: بأن الجامعة لم تكن يوماً محط آمال الشعوب العربية، لكنها كانت مؤسسة مهمة مهما تعاجز دورها .
وعلى ضآلة دورها و حالها .. تنازلت عنه كاملاً يوم اتخذت قرارها بإبعاد سورية عن المشاركة في اجتماعاتها ..
شكل ذلك حالة فقدان وزن للجامعة ما زالت قائمة حتى اليوم .
وبغض النظر عن الدور الممكن أو المأمول للجامعة يبقى خروجها من مأزقها .. أفضل من إغلاق أبوابها .. أو ما هو قريب من ذلك.
وبتقديري أن الجامعة تستطيع أن توجد حالة يقظة مناسبة اعتماداً على سورية كما اعتمدت عليها في التأسيس ..
عودة سورية إلى الجامعة هي قبلة الحياة التي يمكن أن تشكل نقطة تجدد و انطلاق .. فلتعد الجامعة إلى سورية.
معاً على الطريق – أسعد عبود