سياسة الكذب والتضليل شكلت أحد الركائز الأساسية للإستراتيجية الأميركية والأوروبية في الحرب الإرهابية على سورية طوال السنوات العشر الماضية، فهذه الحرب بنيت منذ بدايتها على تلال من الأكاذيب يطول تعدادها وشرحها، وحتى هذه اللحظة لم تزل تلك السياسة قائمة رغم انكشافها وتعريتها، حتى من قبل الكثير من الأوساط السياسية والإعلامية الأميركية والأوروبية على حد سواء، والبيان المشترك الذي أصدرته كل من إيطاليا وألمانيا وفرنسا وبريطانيا والولايات المتحدة، تحت زعم أنهم (لن يسمحوا باستمرار الأزمة لعشر سنوات أخرى، وبأنهم لن يتخلوا عن السوريين، وبأنهم ملتزمون بالتوصل لحل سلمي يحمي حقوق ومستقبل كل السوريين)، مثال صارخ على سياسة الكذب والنفاق الغربي لإعطاء العالم صورة مغايرة عما تمارسه تلك الدول من أجل محاربة الحل السياسي، وإطالة أمد الأزمة، ومواصلة انتهاكاتها لحقوق الإنسان في سورية.
كيف لتلك الدول الادعاء بأنها مع الحل لسياسي، وهي لم تزل تمد الإرهابيين بكل وسائل الدعم العسكرية واللوجستية، وتجهض كل مبادرات الحل السياسي، ومن يصدق أن أميركا التي تعزز قواعدها العسكرية الاحتلالية في منطقة الجزيرة، وتعمل على إحياء (داعش)، وتتمادى في شن اعتداءاتها الغادرة أنها بوارد العمل لإيجاد هذا الحل، أليس الأولى منها أن تسحب قواتها المحتلة قبل إطلاق أكاذيبها؟، وكيف للدول الأوروبية الادعاء بأنها حريصة على الشعب السوري وهي لم تزل تقطع عنه الغذاء والدواء امتثالاً لـ(قيصر) الأميركي، وتهدد بالمزيد؟، وماذا عن السعي الغربي المتواصل لتسخير المنظمات الدولية لخدمة أجنداتها العدوانية، ومنظمة حظر الأسلحة الكيميائية ومجلس حقوق الإنسان نموذجا؟، أليس ذلك من أجل إطالة عمر الحرب الإرهابية على الشعب السوري؟، ويؤكد في الوقت ذاته أن إدارة الإرهاب الأميركية بقيادة جو بايدن ليست بوارد تغيير نهجها العدواني، وأن الاتحاد الأوروبي لن يغير سلوكه العدائي، ولا يفكر بالخروج من تحت عباءة التبعية الأميركية.
رغم كل إخفاقاتها خلال السنوات العشر الماضية، لم تزل الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيون يراهنون على عصا الإرهاب، وهم ينتقلون من مرحلة تصعيد إلى أخرى، هم لم يحققوا أجنداتهم السياسية بعد، وما زالوا عاجزين عن إخضاع سورية لمشيئتهم، والفشل لم يزل يلازم مخططاتهم بضرب محور المقاومة الذي تشكل سورية حلقته الذهبية، وهذا يعني أن تلك الدول لن تكف أبداً عن سياسة العدوان، وخلق المزيد من الأكاذيب، فهي منذ البداية لم تترك كذبة إلا وسوقتها بدءاً من التشدق بالورقة الإنسانية، مروراً بالأسلحة الكيميائية المزعومة، ومسرحيات (الخوذ البيضاء) الإرهابية، وليس انتهاء بحملات التضليل الممنهجة داخل الهيئات والمنظمات الدولية لاستصدار قرارات عدائية ضد الشعب السوري، وكل تلك الأكاذيب تصب في سياق تحقيق هدف واحد ( حماية الإرهاب، وعرقلة جهود الجيش العربي السوري لاجتثاث هذا الإرهاب)، فهل بات أحد في العالم يصدق أكاذيب الغرب، سوى من على شاكلته؟.
البقعة الساخنة – ناصر منذر