رجال من ورد ونار.. ملحمة أبطال مطار منغ ..

الثورة أون لاين – ديب علي حسن:
لم أكن أدري في ذلك اليوم الربيعي قرب أشجار الكينا الشامخة التي تظلل مساحات واسعة من ساحة أو باحة مدرسة الشهيد فايز كرد في قرية دوير بعيدة أن تلك اليد التي ربتت على كتفي ونادتني (سلوم ) أنها ستكون أسطورة في التضحية والفداء.
كان وقت الاستراحة .. يد حانية تربت على الكتف دون أن أرى صاحبها ناداني سلوم …وسط دهشة الزملاء …التفت إليه..طالب ضابط طويل بهي جميل تحلق حوله الكثيرون …بابتسامة الدفء يسألني…ألست أخ خيرات وأديب…نعم ..أخوهم …لكن كنيتي حسن وليس سلوم .. يضحك ويقول: وخدوا الكنية …
ودارت الأيام لم أره إلا نادرا .. و حين كان جنون البقر على وطننا واندفعت قطعان الإرهاب من الشمال السوري تستبيح ما استطاعت ..أخرجت الأرض أبطالها الصناديد من الشمال إلى الجنوب ..
وفي كل بقعة سورية ..
من كل بيت وكل حارة وحقل ومن كل شرايين النضال تدفق الدم غزيرا ليبقى الوطن ..
وإلى الواجهة يقفز مطار منغ ملحمة النضال والصمود.
علي سليم محمود الطالب الضابط الذي ربت على كتفي يقود المطار وقد أصبح ومن معه أساطير تروى ..من الرقة ومن درعا ومن كل سورية جنود وضباط هناك معه مطار للحوامات ..بقعة جغرافية صغيرة ليست مهيأة لحرب برية تقاوم وتقاوم وتصمد تبتكر أساليب الصمود تتجذر في الأرض.
كما كل بقعة سورية مقاومة حتى تدفق الدم …لكن مطار منغ أخذ منحى آخر لأنه كان هدفا مستعجلا للعدوان .
ويرتقي البطل العميد علي سليم محمود شهيدا وهو في الصفوف الأولى بين جنوده ومعهم .
وما تزال اليد التي ربتت على كتفي ماثلة أمامي فكلما سافرت إلى القرية أتعمد أن تكون طريقي قرب ضريحه ..أشعر أن يد الورد تناديني ..ومن جديد يعطر الكتف والمكان …تملأ الدمعة القلب قبل العين …لكن مهلا هل نبكي الأبطال …
مسيرة البطل علي سليم محمود ومن معه ..هي ملحمة المبدع الكاتب السوري صفوان إبراهيم في عمله الروائي الثالث الذي صدر عن الهيئة العامة السورية للكتاب ضمن سلسلة مدونة الحرب ..وقد حمل عنوان …ورود من أرض النار ..
من ورد ونار..
ربما سيكون من المستحيل اقتطاع واقتطأف ما يفي هؤلاء الرجال حقهم ..لكن لابد من ذلك في الفصل المعنون ب – الانتقال – يروي البطل صفوان وقائع الملاحم من مطار منغ ..يكتب ما قام به العميد علي سليم محمود وزملاؤه إلى لحظة ارتقائه ويمضي الكاتب في سرد الملحمة إلى نهاية المطاف .

a4.jpg

يأتي أمر القيادة العامة بنقل العميد علي قائد المطار إلى مكان آخر…في الليل تم كل شيء من أجل المغادرة …كل من لديه أمانة يريد أن تصل إلى أهله سلمها العميد الذي ستقله حوامة ليلا ..كتبوا العناوين وحزمت الحقائب ونقلت إلى الطائرة …بعد قليل ارتفع صوت هديرها يملأ السماء..
كان الجميع في مكتب العميد لوداعه قبل المغادرة ..خرج العميد نحو الحوامة وظلوا جالسين .. وصوت الطائرة يبتعد
…بعد سبع من الدقائق قرع باب الحديد ووسط دهشة الجميع فتح الباب وتفاجؤوا بصوت رعد عال :أما زلتم في مكتبي ..
..هل كنتم تظنون أني سأترككم ..أنا لست نذلا ..القائد لا يترك عناصره عند الحاجة إليه..القائد العام أوامره على رأسي ..أنا ابن هذا السلاح ولحم أكتافي وأكتاف أولادي من خيره ولن اترك هذا المطار فأما ننجو كلنا مع مطارنا الصغير وإما الموت دونه ودونكم ..
ويضيف الكاتب : كانت هذه اللحظات نقلة نوعية في مواجهة الحصار, حيث لا طائرات ستهبط بعد الآن , والمصير المحتوم يتعلق بالعيون الساهرة وأصابع الزناد, وبهذا القائد الأسطوري الذي جعل ضمير السوريين كل السوريين يهتف رادا على الخونة و ردا على أقوالهم (علي محمود يمثلني) لقد مثل الجيش العربي السوري بقدرته و إمكانه على الصمود لم يكن القائد الوحيد الذي حوصر لكنه كان على مقربة عشرة كيلو مترات من الحدود التركية المورد الرئيس للقطعان الذين يوزعون حصة لا تقل عن عشر قذائف يومية على عدد من الغرف والمكاتب المنتشرة في أرجاء المطار.

يوسف الرقاوي ومحبرة الدم :

هذا المطار كما يقول صفوان : يحمل لك في كل لحظة ولادة جديدة أو موتا محتوما , أحبوا حياتهم فدافعوا عنها تكريما للإنسانية والكرامة وأحبوا موتهم شهداء’ فكرموا جثامينهم بتحضير القبور والأكفان التي خط عليها كل منهم اسمه تحت عبارة الجيش العربي السوري,
أما حكاية البطل الرقاوي الذي أصيب ونقل إلى المستوصف لبتر ساقه ولابد من بترها , ولكن كيف والإمكانات متواضعة ؟
لا أدوات معقمة موجودة ولابنج , لا حتى أبسط الأدوية التي تستخدم لتخثير الدم ولكنهم الرجال الذين حطموا الأسوار كسروا الرؤوس , واخترقوا جدار الزمان …بادروا إلى مساعدة الطبيب بتثبيت صديقهم ونشر ساقه , أو ما تبقى من ساقه بمنشار حديد , وقص اللحم الزائد بمشرط حاد , ثم جاؤوا بصحن ممتلئ بكمية من البارود المستخلص من قذيفة دبابة وأشعلوه تحت الساق المقطوعة سأل: أين انا ؟

أجابه الطبيب : لا تخف أنت في المستوصف , أنا الطبيب , ..انا عطشان , أريد أن اشرب.

ساقي تؤلمني …ساعده الطبيب وأخبره عن بتر ساقه ..بكى يوسف , وقال للطبيب : لا تظن أني أبكي لأنني فقدت قدمي , لا , لا , أنا أبكي لأني وعدت أبي وامي بالعودة سالما لمساعدتهم بزراعة الأرض والحصاد وتربية قطيع الغنم , والآن لاشيء من هذه الأعمال , وكأنني لم أعد هذا , إن كتب الله لنا عمرا طويلا أو فرحا قريبا … قدمي ليست أفضل ممن فقدته من الرفاق والشهداء ..
تصل الملحمة إلى النهاية أبطال من ورد ونار , كل في موقعه إلى أن يرتقي شهيدا أو أن يكتب النصر , من مدونة الحرب التي أجاد أبطالها الحقيقيون كتابتها بالدم والحبر والأمل ..
سلام لكم شهداء الحق , سلام للأمهات اللواتي أنجبنكم , من الرقة إلى دير الزور ودرعا والقامشلي والساحل وكل بقعة جغرافية ..

a2.jpg

شكرا لليد التي ربتت على كتفي يوما ما , ومازالت بهية تعطيني الدفء , لليد والأيادي الندية التي حمتنا ومازالت ووهبتنا الحياة من منغ إلى كل بقعة سورية , هوى شهيدا فارتقى نجما كل من افتدى الوطن , وهاهو يعود اليوم نسمة عطر مع زهر اللوز , أبهى وأنقى , مع كل بسمة طفل واحتفاء بلون من ألوان الحياة : نحن نعيشكم بدمائكم …تقدستم نورا يسند السماء فوق رؤوسنا .

آخر الأخبار
الرئيس الشرع يلتقي بوزيرة الشؤون الاجتماعية والعمل درعا: مطالبات شعبية بمحاسبة المسيئين للنبي والمحافظة على السلم الأهلي "مياه دمشق وريفها".. بحث التعاون مع منظمة الرؤيا العالمية حمص.. الوقوف على احتياجات مشاريع المياه  دمشق.. تكريم ورحلة ترفيهية لكوادر مؤسسة المياه تعزيز أداء وكفاءة الشركات التابعة لوزارة الإسكان درعا.. إنارة طريق الكراج الشرفي حتى دوار الدلّة "اللاذقية" 1450 سلة غذائية في أسبوع أهال من درعا ينددون بالعدوان الإسرائيلي على دمشق ‏الحوكمة والاستقلالية المؤسسية في لقاء ثنائي لـ "الجهاز المركزي" و"البنك الدولي" المستشار التنفيذي الخيمي يدعو لإنشاء أحزمة سلام اقتصادية على المعابر وزير المالية: محادثاتنا في واشنطن أسفرت عن نتائج مهمة وزارة الرياضة والشباب تطوي قرارات إنهاء العقود والإجازات المأجورة لعامليها طموحاتٌ إيران الإمبريالية التي أُفشلت في سوريا تكشفها وثائق السفارة السرية خبير اقتصادي لـ"الثورة": إعادة الحقوق لأصحابها يعالج أوضاع الشركات الصناعية عمال حلب يأملون إعادة إعمار المعامل المتضررة مركز التلاسيميا بدمشق ضغط في المرضى وقلة في الدم الظاهر: نستقبل أكثر من ٦٠ حالة والمركز لا يتسع لأك... استمرار حملة إزالة البسطات العشوائية في شوارع حلب الأونروا: لم تدخل أي إمدادات إلى قطاع غزة منذ أكثر من 7 أسابيع صحة حلب تتابع سير حملة لقاح الأطفال في منبج