ربما لا تتوقف هواية جمع الطوابع عند هذا الدور المحدود على أهميته، فليس عبثاً أن يطلق عليها (هواية الملوك) لأن الطوابع تمثل واحدة من أهم وسائل التوثيق والتأريخ لأحداث مهمة وشخصيات أدبية وفنية وسياسية أيضاً تركت بصمتها في المجتمع، وشكلت علامة فارقة في غير مرحلة من حراكنا الثقافي والاجتماعي والفني والأدبي والسياسي.
وقد سعت المؤسسة العامة للبريد ضمن أهدافها إلى توثيق العديد من الأحداث وكان آخرها إصدارها لعدد من الطوابع تحمل صوراً لفنانين سوريين تخليداً لمسيرتهم وتكريماً لإبداعهم، وإظهار ماتتميز به بلادنا من موروث ثقافي وفني وحضاري ولا يزال يضيف إلى رصيده الكثير من المبدعين في ألوان المعرفة كافة.
الاحتفاء بالحراك الثقافي والاجتماعي والفني قد يأخذ أشكالاً عديدة، ولكن يبقى للطوابع البريدية أثرها الأكثر تأثيراً وديمومة، لأنها تجوب العالم دون حدود، وتغزو المؤسسات كافة، ويتم تداولها بين الأمم والشعوب وشرائح المجتمع كافة، لتكون سفيرتنا في تقديم مبدعينا بما يليق بمسيرتهم الإبداعية، وتنعكس الذاكرة للبحث والاستقصاء عن سيرة هؤلاء المبدعين والوقوف عند إنجازاتهم المهمة، ومنهم المخرج العالمي مصطفى العقاد، المتنبي، نزار قباني، فارس الخوري وغيرهم كثير ممن حملوا لواء التضحية مع مرتبة الشرف من الشهداء وأبطال الجيش العربي السوري.
ولا يختلف اثنان حول أهمية هذه المبادرة في مواكبة الاحتفالات والمناسبات والأحداث الوطنية والعالمية، وتأكيدها في مضمونها على العراقة وإحياء للذاكرة وربط الأجيال برموزهم في وقت نحن أحوج ما نكون إلى التمسك بقيمنا والتفاعل مع قضايا وطننا وتعزيز هويتنا.
وندرك جميعاً أن الوطن وفيّ لأبنائه ما دام الوفاء متبادلاً، وجميل أن تكون المعايير الموضوعية هي الفصل في اختيار المبدع المكرم، وحبذا أن يكون قبل أن تمتد له يد المنون ليكون شاهداً على تكريم الوطن له، وأنموذجاً للأجيال في اقتفاء الأثر، فالوطن يكبر بأبنائه ويكبرون به.
رؤية- فاتن أحمد دعبول