مغاسل السيارات ..هدر واستنزاف للمياه يثير التساؤلات..

الثورة أون لاين – تحقيق هنادة سمير:
في ظل ندرة المياه وزيادة الحاجة إليها يبالغ بعض العاملين في مغاسل السيارات في استخدام كميات كبيرة منها أو تركها تنساب بغزارة على الأرض في أقصى طاقة لها عبر الصنابير أو (الخراطيم) المستخدمة في عملية الغسل، مشاهد تثير التساؤلات حول مصادر تلك المياه، وكيف يتم ضبط وتنظيم هذه المهنة، وما هي الجهات التي تتولى مراقبة عملها حتى لا تكون مصدراً من مصادر الهدر والاستنزاف، والسؤال الأهم هل فعلاً الشروط الصحية والبيئية مطبقة على أرض الواقع..؟

زيادة الطلب على المياه:
بداية لابد من التذكير من أن المنطقة تشهد تبدلات مناخية تتمثل في ارتفاع درجات الحرارة، وانخفاض معدلات الهطول المطري وزيادة حدة وفترات الجفاف، إضافة إلى أن سورية تقع في المنطقة الجافة وشبه الجافة مما يجعل مواردها محدودة، ومع زيادة الطلب على المياه الناتج عن النمو السكاني يصبح التخطيط المائي السليم ضرورة لجهة توزيع الموارد المائية المتاحة بأفضل استخدام، والمحافظة على المياه بكافة استخداماتها وخاصة مياه الشرب، وتخفيض الفاقد المائي، والاستفادة من المصادر المائية غير التقليدية الناتجة عن معالجة مياه الصرف الصحي، ورواجع الصرف الزراعي والمطري والسعي لتأمين مصادر مائية مستقبلية رديفة.

أصحاب مغاسل السيارات لهم رأيهم
في جولة (للثورة) على بعض مغاسل السيارات في دمشق أكد لنا عدد منهم عدم استخدام مياه الشرب في عملية الغسيل، والاستعانة بمصادر أخرى للمياه وقال أبو محمد وهو صاحب مغسل للسيارات في إحدى المناطق العشوائية أن المغسل العائد له يعمل دون رخصة كونه أنشئ منذ وقت طويل ويقع ضمن منطقة مستملكة حالياً، مشيراً أن المحافظة وضعت لهم مؤخراً شرطين أساسيين لمزاولة العمل، وهما عدم استخدام مياه الشرب في غسيل السيارات، والثاني وجود محطة لمعالجة المياه الناتجة عن عملية الغسيل حتى لا تتسرب الزيوت والمخلفات الأخرى إلى المياه التي تذهب إلى سقاية المزروعات، وبين أن هناك عدة جهات رقابية تقوم بأخذ عينات من الماء للتأكد من تنفيذ الشروط وأنه لا يوجد كميات محددة لاستهلاك المياه.
واعتبر أبو فراس وهو مستثمر لمغسل تابع لإحدى الجهات العامة ويستخدم مياه الآبار في غسيل السيارات لديه، أن شرط توفير دارة مغلقة لإعادة تدوير المياه داخل المغسل الذي وضعته المحافظة من وجهة نظره أمر صعب التنفيذ لأنه مكلف جداً بالنسبة لأصحاب المغاسل الذين يدفعون مبالغ كبيرة كأجور للعمال أو كفواتير كهرباء مرتفعة، واقترح أن يتم توفير فلاتر وبيعها بالتقسيط لأصحاب المغاسل ليتمكنوا من سداد أثمانها على فترة زمنية مناسبة.

شروط بيئية وصحية لعمل المغاسل
المهندس هيثم داغستاني مدير المهن والرخص في محافظة دمشق قال: صنفت محافظة دمشق المغاسل كمهنة لمحلات غسيل وتشحيم السيارات الصغيرة وبين أن المهنة منظمة من قبل وزارة الإدارة المحلية والبيئة بالقرار رقم 31/ن لعام 2005 مشيراً أنه صدر في العام الماضي قراراً جديداً، تم التشديد من خلاله على موضوع الحفاظ على المياه وضبط عمل المغاسل التي تعمل بدون ترخيص حيث تضمن شروطاً بيئية وصحية لعمل المغاسل القائمة سابقا أو التي سترخص حديثاً ومن أهمها عدم استخدام مياه الشرب في الغسل، وعدم رمي المخلفات على شبكة الصرف الصحي (مواد كيماوية ، شحوم ، صابون)، موضحاً أهمية هذا الشرط في عدم الإضرار بمحطات المعالجة التي تمر عبرها مياه الصرف الصحي المحملة بمخلفات غسيل السيارات قبل استخدامها لأغراض الزراعة وغيرها.

حظر استخدام مياه الشرب:
كما سمح القرار الجديد الصادر عن المحافظة بحسب داغستاني بترخيص مهنة محلات غسيل وتشحيم السيارات الصغيرة ضمن المرائب وأقبية الأسواق والأبنية التجارية والمولات، إضافة إلى المناطق المسموح ممارسة هذه المهنة فيها سابقاً ومن الاشتراطات التي نص عليها القرار أن تحقق المهنة شروط بيئية كعدم استخدام مياه الشرب والتعدي على الشبكة العامة لمياه الشرب تحت طائلة الإغلاق الفوري، ومعالجة مياه الصرف الصحي الصادرة عن هذه المنشآت وفق المواصفات القياسية السورية، وضرورة وجود بئر خاص ومرخص وتركيب عداد مياه عليه واقتناء عدد كاف من أجهزة الإطفاء وعزل الأسلاك الكهربائية وتركيب قاطع حماية، إضافة إلى تركيب دارة مغلقة للمياه الناتجة عن غسيل السيارات وإعادة استخدامها بعد المعالجة، وفتح سجل يبين نتائج التحاليل الدورية لمياه الصرف المعالجة.
كما سمحت الشروط بإقامة المغاسل ضمن محطات الوقود مؤكداً على شرط تركيب العداد حتى في حال الاعتماد على الآبار كمصدر للمياه في عمليات غسيل السيارات ضمن المغسل.
الإنذار والإغلاق لمدة 37 يوماً :
أما بالنسبة للمغاسل القائمة القديمة بين داغستاني إنها تعمل دون ترخيص إداري ولكن تم وضع اشتراطات بيئية لها وفي حال ارتكابها أي مخالفة يتم إغلاق المغسل فوراً، أما المغاسل الحديثة فلا يتم منح ترخيص إداري لها, بل يسمح بمنح تراخيص لإقامة المغاسل في المناطق الصناعية ومناطق المخالفات الجماعية فيما يسمح بها في المرائب وأقبية الأسواق والأبنية التجارية والمولات في دمشق، بالإضافة إلى المناطق المسموح بها سابقاً “والمقصود بها محطات المحروقات”.
وفي حال عدم وجود ترخيص أو مخالفة الشروط المنصوص عليها يتم توجيه إنذار لصاحب المغسل ويتم الإغلاق لمدة 37 يوما، ويعاد فتحه في حال قيام صاحب العلاقة بتنفيذ الاشتراطات التي لم تنفذ سابقاً.
إغلاق 260 مغسلا للسيارات :
وأضاف داغستاني إن هناك عدة جهات رقابية ترفع تقاريرها إلى مديرية المهن في المحافظة بحسب تخصص كل جهة، لتقوم بدورها باتخاذ إجراءات الإغلاق ويتم متابعة موضوع توافر الشروط البيئية من قبل مديرية البيئة في المحافظة، في حين تقوم المؤسسة العامة لمياه الشرب والشركة العامة للصرف الصحي بمتابعة باقي الاشتراطات التي نص عليها القرار، لافتاً أنه تم العام الماضي إغلاق 260 مغسلاً للسيارات نتيجة عدم تنفيذ شروط بيئية واستخدام مياه الشرب في عمليات الغسيل.
35% الفاقد المائي من مياه الشرب:
وبحسب إحصائيات وزارة الموارد المائية يقدر إجمالي الواردات المائية المتجددة القابلة للاستخدام وسطيا حوالي 16.2 مليار م3 سنوياً، ويقدر استهلاك المياه في القطاعات المختلفة (بحدود 89% لأغراض الزراعة والري، و8% للاستهلاك المنزلي، و3% للاستهلاك الصناعي)
ويقدر الفاقد المائي في منظومات مياه الشرب حوالي 35%، حيث تعمل الوزارة على تخفيض هذه النسبة إلى الحدود المقبولة حوالي 20% من خلال تنفيذ برامج استبدال وتجديد منظومات مياه الشرب وتشجيع استخدام التجهيزات المرشدة لاستخدام المياه (يقدر استهلاك المياه لأغراض الشرب وتحضير الطعام بحوالي 19% من إجمالي الاستخدامات المنزلية الأخرى)، إضافة إلى رفع درجة الوعي وثقافة ترشيد استهلاك مياه الشرب لدى المواطنين، وضبط الاستجرار من خلال تحديث منظومة القياس والعدادات ومنع التعديات على مصادر مياه الشرب وشبكاتها.
ضابطة مائية لضبط الاستنزاف:
وفي محاولة منها لضبط الاستنزاف قسمت الوزارة الفاقد المائي إلى نوعين أحدهما فيزيائي يتمثل بتسرب المياه من الشبكات ويشكل الهدر الحقيقي في المياه، والنوع الأخر إداري له عدة مكونات منها الاستجرار غير المشروع الذي يمثل تعديا على منظومات مياه الشرب.
المهندس محمد الحاج مدير مياه الشرب في الوزارة أفادنا: أن هذا النوع يتم معالجته وضبطه من خلال القوانين الناظمة، مشيراً إلى وجود ضابطة مائية تتبع للوزارة تحمل الصفة العدلية ( القضائية )، وتقوم باقتراح العقوبة الملائمة بحسب نوع المخالفة (على سبيل المثال وجود بئر غير مرخص أمر ينظمه التشريع المائي أما تركيب عداد فينظمه نظام الاستثمار الموحد).
عدة حالات للمخالفة:
وأوضح المهندس الحاج إن القوانين الناظمة لعمل المغاسل ضبطت عملها لجهة مصدر المياه المستخدمة في الغسيل من خلال اشتراط وجود بئر خاص ضمن مغسل السيارات كشرط أساسي لعمله، حيث تقوم الضابطة المائية من خلال الجولات الميدانية الدورية أو بناء على ورود شكوى بالتحقق من الرخصة النظامية للبئر والكميات المستجرة من المياه، وقد يكون هناك عدة حالات للمخالفة: إما عدم وجود رخصة للبئر فيتم في هذه الحالة ردمه، أو وجود رخصة للبئر دون تركيب عداد للمياه وهنا يتفرع حالتان أيضاً فإن كان ذلك ناتج عن عدم توفر العدادات لدى مؤسسة مياه الشرب مع تقدم صاحب المغسل بطلب لتركيبه فيتم حينها تقدير كميات المياه المستهلكة وفق استهلاك المنشآت المشابهة أو من خلال مراقبة المغسل لعدة أيام ثم يحاسب وفق القوانين الناظمة وهي التشريع المائي ونظام الاستثمار الموحد حيث تطبق عليه التعرفة الخاصة بشريحة المهن التجارية والصناعية والسياحية والتي تمثل أقصى شريحة موجودة ضمن نظام الاستثمار الموحد وتبلغ 120 ليرة لكل م3 من المياه، أما في حال لم يتقدم صاحب المغسل بطلب لتركيب عداد للمياه فيعد (استجرار غير مشروع) وفق نظام الاستثمار ويتم إغلاق المغسل.
218 ضبط استجرار غير مشروع:
ويتم ضبطها كذلك من خلال الاشتراطات التي وضعتها المحافظة ويتوجب توفرها داخل المغسل لضمان عدم استهلاك كميات كبيرة من المياه، كوجود دارة مغلقة لتدوير المياه واستخدام أنابيب ذات ضغط عال، وكل ذلك يتم مراقبته من خلال عناصر الضابطة المائية وذكر أن الضابطة المائية نظمت خلال العام 2019 (218) ضبط استجرار غير مشروع للمياه كما تم إغلاق (23) مغسلا للسيارات.
وأضاف: أن الوزارة بدأت بتوريد 100 ألف عداد لمياه الشرب تم التعاقد عليها، مشيراً أن معمل العدادات التابع لمؤسسة معامل الدفاع يقوم بتصنيع العدادات لكل مؤسسات المياه ولكن بسبب قدمه وطاقته المحدودة والطلب المتزايد على العدادات الناجمة عن زيادة السكان أصبحت الحاجة اكبر من طاقة المعمل وسمحت رئاسة مجلس الوزراء بالاستيراد مؤخراً.

 

                                                                                             kkkkkk1.jpg

                                                                                                      

 

 

 

آخر الأخبار
أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان الدفاع المدني السوري.. استجابة شاملة لسلامة الأهالي خلال العيد دمشق منفتحة على التعاون مع "الطاقة الذرية" والوكالة مستعدة لتعاون نووي سلمي حركة تسوق نشطة في أسواق السويداء وانخفاض بأسعار السلع معوقات تواجه الواقع التربوي والتعليمي في السلمية وريفها افتتاح مخبز الكرامة 2 باللاذقية بطاقة إنتاجية تصل لعشرة أطنان يومياً