الثورة أون لاين – عائدة عم علي:
يُحيي الفلسطينيون اليوم الثلاثين من آذار يوم الأرض، الذي يعتبر من أبرز الأيام النضالية التي خاضها فلسطينيو 48 منذ نكبة 1948 وحتى الآن، فهو يكرس مسيرة بقائهم و انتمائهم وهويتهم العربية، وعلاقتهم بأهلهم في الضفة وقطاع غزة المحتلين وأشقائهم في العالم العربي.
ومن يقرأ هذه السيرة النضالية يجد أن الفلسطينيين في الأراضي المحتلة عام 1948، ورغم أن سلطات الاحتلال قامت بأعمال التهجير والتطهير بحقهم، فإنهم ظلوا متشبثين بأرضهم، ورغم أنها فرضت عليهم ما يسمى “المواطنة الإسرائيلية” وبطاقات الهوية الصهيونية إلا أن ذلك لم يقيهم شر عمليات متواصلة من السطو المسلح على أراضيهم بلغت ذروتها في مطلع 1976.
وخلال ذلك كانت سلطات الاحتلال الإسرائيلية تدأب على إسباغ “الصفة القانونية” المزعومة على عمليات المصادرة أو “الاستملاك” بالاستناد إلى قوانين الطوارئ والمعروفة بقوانين التسوية والإغلاق والأرض البور وغيرها، كما تم سن قانون تصديق الإجراءات والتعويض في العام 1953 للغرض ذاته وتفيد معطيات “لجنة الدفاع عن الأراضي” أن الكيان الإسرائيلي صادر نحو مليون ونصف المليون دونم (عدا منطقة النقب) من أراضي العرب الذين بقوا على أرض الوطن منذ قيامه حتى العام 1976 ولم يبق بحوزة الفلسطينيين سوى نصف مليون دونم فقط، وهذا لا يشمل طبعا ملايين الدونمات من أملاك الغائبين.
وقد دأب الاحتلال على مدى العقود الماضية على تحقيق أهدافه الصهيونية التي ترتبط بمواصلة تطبيق فكرة الدولة اليهودية المزعومة وتهويد مناطق الجليل بشكل خاص وتضييق الخناق على فلسطينيي 48 حفاظاً على “ميزانه الديموغرافي” الذي سعت الحركة الصهيونية والسلطات الإسرائيلية لتكريسه لصالح المستوطنين، ولهذا السبب واصلت سياسة مصادرة أراضي الفلسطينيين، وقامت بمصادرة نحو 70 بالمائة من الأراضي التي يمتلكها الفلسطينيون منذ 1948 حتى 1976 مستغلة أجواء وأحكام “الحكم العسكري” الذي فرضته عليهم منذ قيام كيانها الغاصب حتى العام 1967.
وتؤكد دراسة بعنوان “حقائق عن إسرائيل” صادرة عن مكتب الاستعلامات في نيويورك أن مساحة الأراضي العربية التي صودرت حتى العام 1963 تراوحت بين مليون وثلاثة ملايين دونم استناداً إلى مصادر صهيونية.
لقد انتفض الفلسطينيون في الثلاثين من آذار عام 1976 ضد إجراءات الاحتلال هذه، وسميت انتفاضتهم بيوم الأرض الذي أحدث تغييراً جذرياً وهاما في تعديل نظرة العالم العربي الذي تجاهل فلسطينيي 48 وطالما اعترت معاملته لهم الريبة والشكوك والازدراء إلى أن بدأت تتبدل هذه المعاملة وفتحت الكثير من الأبواب العربية على المستويين الرسمي والشعبي أمام فلسطينيي 48 عقب ذاك اليوم النضالي.
وتَعود أحداث هذا اليوم بعد أن قامت السّلطات الصهيونية بمصادرة آلاف الدونمات من الأراضي ذات الملكية الخاصة أو المشاع في نطاق حدود مناطق ذات أغلبيّة سكانيّة فلسطينيّة، وقد عم إضراب عام ومسيرات من الجليل إلى النقب واندلعت مواجهات أسفرت عن سقوط عدد من الشهداء وأُصيب واعتقل المئات.
ويعتبر يوم الأرض حدثاً محورياً في الصراع على الأرض بين العرب أصحابها والصهاينة الذين احتلوها، فهذه هي المرة الأولى التي يُنظم فيها العرب في فلسطين منذ عام 1948 احتجاجات رداً على السياسات الصهيونية بصفة جماعية وطنية فلسطينية، واليوم يؤكد فلسطينيو الداخل أنهم أكثر تشبثاً بأرضهم وتمسكاً بهويتهم العربية رغم كل وسائل القمع والمصادرة والإرهاب بحقهم.