يقوم مثلث السعادة في أضلاعه على الروح والجمال والمشاعر، هو في الواقع مؤسسة لقيمة الحياة في ركائزها، وهو يستقيم وفق ما حولنا بنبض الرواية للحدث. غاب مثلث السعادة من حياة السوريين بسبب الحرب، فباتت قيمة الحياة رخيصة.
انهار مثلث السعادة في معظم دول العالم، بتنمر الغرب وأميركا، فالرأسمالية الجشعة المتأصلة في أميركا لم ترتوِ من النفط العربي بعد، وهي لا تألُ سبيلاً للفتك والقتل إلا واتبعته، دون حساب لقيمة حياة الإنسان. في المقابل يستعر غضبها وتضج لقتل امرىء غربي أو أميركي بيد غيرها، فتشعل لأجله الصحافة العالمية.
تتفاوت حدة تنمر أميركا وتختلف أشكاله حسب الدولة المتنمرة عليها.. وتدرجه دوماً تحت عنوان الحضارة، أو حفظ الأمن القومي، مهما بَعُدت المسافة بينهما، فتضربها بكلّ قوتها العسكرية؛ إن خشيت منها على الكيان الصهيوني، القاعدة الأكبر لها في منطقتنا. لذا دُمِّرَ العراق وتم القضاء على جيشه القوي، وحدث ما حدث في سورية.
التنمر يمكن أن يكون ضد دولة قوية عسكرياً، بحجة سمتها الدينية، كما تفعل مع إيران. لكن لا يضيرها أن يتحول الكيان الصهيوني المحتل لفلسطين، إلى مكون يهودي باسم الدولة اليهودية كما يتمنى. وقد تتنمر لأجل اقتصادها كما تفعل مع الصين، أو ضد قوة عسكرية ومكانة عالمية كما مع روسيا.
أميركا ترفع شعار الديموقراطية على أنها السمة العليا للحضارة، تمتطيها وتدخل من قناتها لأي دولة ترغب بتحطيمها أو خلخلتها، متذرعة بمكافحة التطرف الديني، والإرهاب، أو القضاء على المجاميع المسلحة والتي هي سر تكوينها، لضمان بقائها أو تأجيل خروجها حيث تكون، لحين انتهاء صلاحية من صنَّعتهم لتحقيق مآربها.
الحضارة تلك التي تتغنى بها، هي بوابة إحلال المصائب والكوارث والأوبئة التي ترمي بها البشر، والوسيلة الأسهل لتصدير أزماتها كلما ضاق عليها الخناق. فلأجل تسويق منتج ملأ مخازن ديك تشيني، صاحب أكبر مصانع المضادات الحيوية، كان اختلاق الجمرة الخبيثة، التي لم تعالج إلا بذاك المنتج، والتي انطفأت بفراغ المخازن.
هكذا تختلق الذرائع كما حُقن تحديد النسل بحجة تنظيم الأسرة، التي نشطت عام 1985 من قبل شركة إيجون الأميركية.. والتي كانت مسببة للسرطان. ناهيك عن أن أي دواء جديد تجربه على الأفارقة (فئران المخابر) وقد نال المصريون النصيب الأكبر، وذلك حتى قبل إجراء التجارب على الفئران المخبرية أو القرود.
وينساق ذلك على انفلونزا الخنازير والطيور ومرض الإيدز، فمن يدعونهم سكان العالم الثالث، مستباحون في حقول تجاربهم. ثم يأتي منهم الدواء، ولا يهم إن كان يؤدي للعقم أم تشوه الأجنة أو يتسبب بأمراض سرطانية.. فهم في النهاية غير مرغوب فيهم وكلما مات منهم أكثر يكون أفضل.
لكن تُرى لو لم ينكمش ضمير بعض المسؤولين مقابل عمولات مغرية لاستيراد أدوية غير صالحة للاستخدام الآدمي، كما كثير من المواد الغذائية المصنعة، التي يمنع بيعها في بلد المنشأ، ولولا الخيانة في القطاعين العام والخاص، في معظم الدول لما استفحل الفساد فيها. ما يثير الفوضى المناسبة لكلّ بلد تحت عنوان ضرورة الخصخصة وانفتاح السوق، والمصطلحات تكثر.
كيف لمثلث السعادة القائم أن يستقيم وعلى أي من أضلاعه.. مقابل مثلث قتل الروح وإزهاقها دون رفة عين، وقتل الجمال بتشوه الأجنة ونشر الأمراض، وإماتة المشاعر بتموّت الضمائر.. وهذا ما يحدث الآن في زمن الكورونا، فلا يهم أن يموت الملايين كما قال ترامب، وهو ليس ببعيد عن بوش الابن قاتل الملايين في العراق وأفغانستان، وبيت سعود قتلة اليمنيين، وحمد قاتل الليبيين بيد الناتو، والمجتمعون على قتل الشعب السوري.
المهم أن تبقى أميركا قادرة على تحقيق مصالحها حيث تراها، والغرب والعرب المرتهنون يتمسحون بذيل ردائها الحضاري المزركش بالديموقراطية. والملايين من البشر لا قيمة لحيواتهم، بتهشم ركائز مؤسسة الحياة في بلادهم.
أما من قتل في شارل إيبدو وعددهم ما دون الخمسين وفق ادعائهم، فهم مسؤولية الحكام الملتئمين في مسيرة باريس.. هكذا يتحطم مثلث السعادة.. فهل من حالة يلتفت لها المسؤولون في بلدنا تعيد بناءه…
إضاءات – شهناز صبحي فاكوش