الثورة أون لاين- رشا سلوم:
إذا لم يغمس الكاتب قلمه ويستل أحداث ما يقدمه من المجتمع فإن أدبه يبقى حبراً على ورق لا قيمة له..
وما قدمه هزوان الوز في أعماله الروائية التي أصدرها خلال السنوات الماضية تؤرخ للمجتمع السوري عبر سلسلة من العناوين التي كثفت الأحداث والوقائع لتصل إلى الراهن اليومي الذي نعرفه جميعا لكنه يقدمه برؤية فنية مبدعة وبالتالي تشكل أعماله الروائية وثيقة أدبية يمكن أن نقول أنها عملت بصدق على أن تكون معادلاً موضوعياً للواقع.
جديد هزوان الوز الذي صدر عن الهيئة العامة للكتاب مجموعة قصصية حملت عنوان: أيام الفراشة..
وهي تضم بين دفتيها عشر قصص تغري القارئ بالمتابعة على الرغم من أنها تحمل في ثناياها الكثير من المباشرة التي تعبَّر عما يحمله الكاتب من مشروع ثقافي أراده أن يكون موجوداً من خلال القص ليصل إلى اكبر شريحة ممكنة من القراء والمتابعين، وبالتالي يخرج من حلقة المباشرة الكاملة التي تصيب المتابع بالملل.
في القصة الأولى التي يفتتح بها المجموعة وقد جاءت تحت عنوان الخازوق.. في هذا العنوان الصادم يروي الوز حكاية ربما كان الكثيرون منا
على مقربة منها وشهودا على أحداثها ولايمكن لعابر فوق جسر السيد الرئيس دون أن يرى الشجرتين اللتين تروي القصة وقائع ما جرى لهما..
في الحديقة التي تشكل قاعدة الحدث شجرتان كبيرتان كانتا محط أسرار الكثير من العشاق الذين استظلوهما، يبستا وانتهت رحلة الاخضرار ومعها ملايين القصص التي حدثت تحتهما فكان المنشار بانتظار اللحظة التي يعمل بها لكن بطل القصة يحول دون ذلك يذهب إلى الجهات المعنية التي توافق على أن تتحول ان تعمل ريشة الحفر عليهما.. ويبدأ العمل فريق من المبدعين الذين يقومون بذلك إلى أن تصل القصة نهايتها يوم تقرر التدشين.
بين العمل وختامه ثمة رحلة فنية يسردها الوز بأسلوبه الأدبي المتميز.
المجموعة هي رسالة حب لكل شيء للزمان والمكان والإنسان. وتتخذ من المكان قاعدة للعودة إلى الزمن الجميل والحاضر ايضا مصوبة نحو الغد.
الحب رسالة الكاتب حب كل شيء كما في قصته وجه آخر للحب وحكايته مع كوكي الكلبة التي ربتها ابنته في البيت وما حدث لها فيما بعد.
ولكن الذروة في المجموعة ربما تكون في القصة التي حملت عنوان المجموعة أيام الفراشة.. الشخصية التي تعنى بالثقافة والفن ومتابعة كل النشاط الثقافي والفني والعمل على تشجيع المبدعين.
في هذه القصة ثمة نقرات ونثرات من أحكام فكرية ونقدية كقوله.. الرواية هي الأم وهي أمل.. هي إنسان ضائع على أرصفة التاريخ…
ولأنه يحب الفكر والأدب اختار عالم المال فكان سيد الموقف في حفل ثقافي أو معرض يقام.. صحيح أنه دخل كلية الاقتصاد لكنه فعل ذلك ليكون سيد الموقف في الثقافة،
فكأنه أراد أن يقول.. هذا هو عالم الثقافة في الكثير منه نفاق بنفاق.. والمال يحركه..
بالمال الذي ينفقه على اقتناء الأعمال الفنية يريد أن يرفع الظلم عن هؤلاء الفنانين والكتاب الذين يقدمون للحياة الحب والجمال من خلال الفن والأدب.
وهكذا وجد نفسه ضمن المنظومة الثقافية التي لا أحد يعرف كيف تعمل ومن يديرها والى اين تتوجه.. ولذا قرر أن يكون له دور في توجيهها..
ويصل إلى لحظة الحقيقية التي يعترف فيها أن نجوميته قد سطعت لأنه يملك المال ويشتري اللوحات والكتب، لا لأنه يحب الشعر ويكتبه.. ظروف الحياة الاقتصادية جعلت حاجة أفراد المجتمع للخبز أكثر من حاجتهم للشعر.. لذا كان شغري المدعوم بالخبز
حضوراً ثقافياً.. أريد أن أشجع الفنانين الشباب خاصة الرواد تشجيعهم على الاستمرارية.. نسيت من أنا ولمن هذه الأموال التي كنت آخذها من الشركة لأنفقها على شراء اللوحات.
اغرتني النجومية ولم يعد يعني نفسي بما أعمل.. زرعت الفرح في نفوس المبدعين.. لكني زرعت حزنا أكبر في داخلي إذ لم أعد افكر بشيء سوى أن تبقى النجم المضيء في صالات المعارض الفنية ومراسم الفنانين.. لكن مشكلتي المالية مع الشركة كبرت.. أريد أن أعيش وأفكك العُقَد التي زرعها الزمن في داخلي.
سوف أعتبر حياتي مقل الفراشة أيام جميلة فقط سوف أعيشها بين الأزهار ومع العصافير.. عمري أيام فقط
مجموعة قصصية مكتوبة بحبر الحب وبماء الحياة وخصب حكايا الوطن.. يليق بها الاحتفاء حبراً دائم الاخضرار