الثورة أون لاين – دينا الحمد:
خمسة مؤتمرات “للمانحين” نظمها الغرب بقيادة واشنطن حول سورية كانت عناوينها براقة وجوهرها دعم الإرهاب والضغط على الدولة السورية وابتزازها لفرض املاءات منظومة العدوان وشروطها.. خمسة مؤتمرات “للمانحين” في “بروكسل” حتى الآن تحت يافطات مساعدة السوريين، وتقديم المساعدات الإنسانية المزعومة للمهجرين، لكنها في حقيقة الأمر محطات لدعم التنظيمات الإرهابية ومدها بكل سبل البقاء، وتحويل المساعدات الإنسانية إليها.
ولعل المفارقة الأكثر من صارخة أن ذلك كله يتم برعاية أممية، وبتشجيع من قبل منظمة الأمم المتحدة ومشاركتها، وبشكل يخالف قرارات مجلس الأمن الدولي، ومبادئ ميثاق المنظمة الدولية نفسها، التي يفترض أن توجه الدعوة للحكومة السورية لأنها المعنية بالقضية برمتها، ولأنها الطرف المعني بشؤون الشعب السوري واحتياجاته والشريك الأساسي للأمم المتحدة والمجتمع الدولي في العمل الإنساني في سورية، وليس من خلف ظهرها كما فعلت المنظمة الأممية والغرب الذي يحركها كالدمية ويحقق أجنداته الاستعمارية تحت عباءتها.
فأين هي مبادئ ميثاق الأمم المتحدة وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة التي تدعو جميعها إلى احترام سيادة الدول، ومنها سيادة سورية واستقلالها ووحدة وسلامة أراضيها؟ أين هي تلك المبادئ حين قرر الغرب والمنظمة الأممية عقد مثل هذه المؤتمرات بدون دعوة الحكومة التي تمثل من يريدون مساعدته المزعومة؟!.
ومن زاوية أخرى فإن المفارقة التي تدعو إلى الاستهجان أكثر أن من يدعون حرصهم على الشعب السوري ويعقدون مؤتمرات “بروكسل” من أجل مزاعم مساعدته هم أنفسهم من أقروا ما يسمى “قانون قيصر”، وهم أنفسهم من فرضوا العقوبات بحق السوريين، وهم أنفسهم من مددوا العمل بالإجراءات القسرية أحادية الجانب التي حرمتهم الغذاء والطاقة والدواء وحتى رغيف الخبز، وفي طليعتهم دول الاتحاد الأوروبي التي تتبجح بأنها تريد منح السوريين المليارات، وكذلك الولايات المتحدة التي تزعم حرصها على الحل السياسي وصون “حقوق الإنسان”، والطرفان هما من يشدد من تلك العقوبات على الرغم من تأثيرها السلبي وتزامنها مع تفشي جائحة “كوفيد19” الخطيرة.
إنه النفاق السياسي الذي اعتدنا رؤيته من الغرب، وتسييس الوضع الإنساني الذي امتهنه حكامه في كل شاردة وواردة، وعملوا عليه في مجلس حقوق الإنسان وفي منظمة حظر الأسلحة الكيميائية وفي مجلس الأمن الدولي، والآن في مؤتمر بروكسل للمانحين، ومثل هذا الكلام ليس من باب اتهامهم بما ليس فيهم بل هو حقيقة دامغة، فلو كانوا حريصين على الشعب السوري لما تجاهلوا دعوات الأمين العام للأمم المتحدة وكبار ممثلي المنظمة الدولية ووكالاتها المختصة من أجل رفع العقوبات عن الشعب السوري، ولما تجاهلوا تأثيراتها الكارثية عليه في مختلف مناحي معيشته، وفي قدرته على تأمين احتياجاته اليومية من غذاء ودواء وكهرباء ووقود للتدفئة ولوازم الرعاية الصحية وحتى حليب الأطفال.
لقد قوّض مؤتمر “بروكسل” الأخير مصداقية الأمم المتحدة، وعرى منظميه على حقيقتهم الاستعمارية، وكشف الطبيعة الدعائية المبرمجة سلفاً من قبل واشنطن وأدواتها، كما عرى نفاق وازدواجية معايير الغرب الذي يحاول الترويج لسياساته العدوانية في كل مناسبة أو اجتماع دولي حول سورية، تلك السياسات التي ترمي إلى زعزعة أمن سورية واستقرارها، وبالمقابل يحاول التستر على جرائم التنظيمات الإرهابية والميليشيات الانفصالية وتسويقها ومحاولة حشرها في أي حل يطرح في جنيف أو غيرها.
باختصار مؤتمرات بروكسل الأربعة السابقة والخامس الذي عقد منذ أيام تحولت كما أكدت سورية – إلى مجرد أداة ضغط وابتزاز بيد هؤلاء لفرض املاءاتهم حول آليات تقديم المساعدات الإنسانية للمهجرين، وتسييس العمل الإنساني، وربطه بشروط تتعارض جملة وتفصيلاً مع مبادئ العمل الإنساني المتمثلة بالإنسانية والحيادية والنزاهة والاستقلالية والضوابط الأخرى الواردة في قرارات الجمعية العامة.
السابق
التالي