تتزاحم الأخطار على الولايات المتحدة حسب تقارير الاستخبارات الأميركية التي اعتبرت أن بلادها تواجه أكثر من تهديد وفي المقدمة التهديدات الروسية والصينية وتيار استعلاء العرق الأبيض وهذه المرة الأولى التي تعلن فيها واشنطن عن حزمة إجراءات خلافاً لما درجت عليه منذ انتهاء الحرب العالمية الثانية.
يستند التوصيف الأميركي لتهديدات الأمن القومي من عدة منطلقات جميعها تقوم على فكرة الحفاظ على الهيمنة الأميركية على العالم وأولوية المصالح القومية وليس على أساس العمل العدائي الذي غالباً ما تكون بدايته من الولايات المتحدة.
من المعلوم أن إدراج الولايات المتحدة الصين إلى قائمة التهديدات بالإضافة الى روسيا الاتحادية جاء نتيجة المنافسة الصينية على مركز الريادة الاقتصادية الذي احتكرته الولايات المتحدة على مدى العقود السبعة الماضية وهذا ما وضع واشنطن أمام خيارات معقدة في تحديد أولويات المواجهة وخاصة أن كلا من بكين وموسكو والقوى الأخرى الصاعدة تتعاون فيما بينها ولن تقبل باستمرار التحكم الأميركي بالقرار الدولي على النحو الذي تريده واشنطن التي ترفض مجرد قبول النقاش بشأنه حتى اليوم.
إن إصرار واشنطن على الاحتفاظ بسمة قيادة العالم هو أكبر تهديد للبشرية والتحركات العسكرية والأمنية الأميركية وتحرشات الأساطيل والقوات الأميركية بجيوش الدول المنافسة في بحر الصين الجنوبي على الحدود الغربية الجنوبية لروسيا لا يمكن إدراجه إلا في سياق العمل العدواني الذي من المحتمل فقدان السيطرة عليه في أي لحظة في ظل التعنت الأميركي.
لم يكن إسقاط صناع القرار الأميركيين “الإرهاب” من قائمة التهديدات بريئاً على الاطلاق لأن هذا التهديد لم تزل أخطاره بل زادت مع توظيف واشنطن للتنظيمات الإرهابية الدولية في تحقيق مشاريعها وسياساتها حول العالم وعدم إدراجها لهذا التهديد له أسبابه المتعلقة بخططها ضد الصين وروسيا حيث الاشتغال الأميركي جار على قدم وساق لتوظيف الإرهاب في إقليم “شينج يانغ” وجنوب غرب روسيا ويعد تواجد عسكريين أميركيين ومن حلف الناتو في أوكرانيا عملا خطيرا بالنسبة لروسيا.
إن إضافة واشنطن “تيار استعلاء العرق الأبيض” لقائمة التهديدات على الرغم من اقتصار نشاطه على ولاية الرئيس الأميركي الأسبق دونالد ترامب يحمل بين طياته مبالغة في تقدير أخطاره على المستوى الداخلي الأميركي وعلى ما يبدو أن ذلك يحمل بعدا على صلة بتحضير الأميركيين لأحداث خارجية لا تلقى رضاهم وبالتالي لا بد من اختلاق تهديد داخلي يفسح المجال أمام السلطات الأمنية والاستخبارية العمل على المستوى الداخلي بما يخدم السياسة الخارجية التي ذهبت بعيدا في ابتعادها عن الدبلوماسية والتعاون البناء في الحوار مع القوى الكبرى والحليفة لواشنطن في القارة العجوز.
تتوالى الأحداث والتقارير في الإعلام الأميركي التي تعزز حضور تهديد هذا التيار والتي كان آخرها قيام رجل بصدم شرطيين أمام مبنى الكابيتول يوم أمس 2/4/2021 اعتبرته أجهزة الأمن الأميركية محاولة لاقتحام المبنى مستبعدة الجانب الإرهابي للحادث وهو الأمر الذي دفع العديد من وسائل الإعلام الأميركية إلى التذكير بحادث اقتحام الكابيتول قبل يوم من تنصيب الرئيس الأميركي جوزيف بايدن وصلة الحادثين ببعض وبالتالي بما بات يعرف أنصار ترامب وابتعد الإعلام الأميركي عن طرح أي أسئلة عن كيفية وصول هذا المهاجم إلى حاجز أمني للكونغرس الأميركي ؟ ولماذا لم يتم تفتيشه من قبل عناصر الحرس الوطني المنتشرين على المحاور المؤدية إلى المبنى؟.
إن دواعي ضم تهديد تيار استعلاء العرق الأبيض إلى قائمة التهديدات الخارجية للأمن القومي الأميركي ومساواته من حيث الخطورة بالتهديدين الروسي والصيني ستنجلي قريباً وإذا كان هذا التهديد حقيقياً بالفعل فإن الولايات المتحدة معرضة لخطر داخلي سيمنعها أكثر من أي تهديد آخر من الاحتفاظ بهيمنتها المهزوزة على العالم.
معا على الطريق – احمد ضوا