الثورة اون لاين:
عبد السلام العجيلي الطبيب والسياسي والأديب شخصية عربية سورية شكلت ظاهرة فريدة في المشهد الثقافي السوري والعربي فهو ابن درة الفرات الرقة التي كانت ذات يوم عاصمة الدنيا ..
طبيب مبدع وسياسي تبوأ مناصب وزارية مهمة ..
وقبل هذا وذاك حارب في جيش الإنقاذ..
تمر هذه الأيام ذكرى وفاته ..من أوراقه التي حملت عنوان أشياء شخصية وصدرت بكتاب عام ١٩٨٠م نقدم باقة من العطر الذي حمله الكتاب المذكور..
صور من حياة ..
تحت هذا العنوان يورد الكاتب إجابته على أسئلة الكاتب ياسين رفاعية والتي طرحها عليه عام ١٩٦٥م ..
يقول العجيلي :ولدت في الرقة بلدة صغيرة أو قرية كبيرة بين حلب ودير الزور ..سكانها نزحوا من الموصل. والعجيلي فرع من عشيرة عربية هي عشيرة البو بدران وأصلها من بادية الموصل في العراق ..
وقد اشتهر أبناء العجيلي منذ أوائل نزولهم في الرقة بحب المعرفة وفنون القراءة والكتابة كما كانوا الأوائل في التحضر بين مواطنيهم .
ولدت أواخر تموز سنة ١٩١٨م أو ١٩١٩م ..
بدأت دراستي الابتدائية مبكرا في الرقة ونلت الابتدائية عام ١٩٢٩م وانتسبت لتجهيز حلب لكن مرضا حال بيني وبين المتابعة فرجعت إلى الرقة وانقطعت اربع سنوات عن المدرسة على الرغم من شفائي..
كنت خلال ذلك أقرأ كل ما يقع تحت يدي ..
اما عودتي للمدرسة فلها قصة إذ كان أبي يميل إلى أن أتولى معه إدارة أملاكه ..وحدث أني نظمت قصيدة أعطيتها لأحد زملائي ليشارك بها في احتفال المدرسة دون ذكر اسمي …وقد نالت القصيدة الاستحسان وعرف الناس أنها لي فاشتد الإلحاح على أبي لإرسالي إلى حلب لأتم دراستي …وفي حلب تجاوزت صفين مما ضاع علي وتفوقت في الثانوية التي نلتها.
عام ١٩٣٨م انتسبت لكلية الطب وتخرجت فيها عام ١٩٤٥م وكنت أتمنى دراسة الحقوق لكن لم يكن في سورية إلا دراسة الطب وهكذا انتسبت إلى كلية الطب في جامعة دمشق ..
أما عن بدايات الكتابة فيقول: بدأت محاولتي في الثانية عشرة بتأليف تمثيلية حول قصة جرت في ضواحي الرقة وبدأت بكتابة قصة بوليسية وبعد قراءتي الأم فرتر بدأت بكتابة مذكرات شخصية أتوخى لها أن تنتهي بما انتهت به قصة فرتر ..
أما أول قصة نشرتها فكان ذلك عام ١٩٣٦م نشرتها مجلة الرسالة التي كان يصدرها أحمد حسن الزيات وهي بعنوان ..نومان ..وقد أعطاني نشرها دفعا كبيرا لأنها نشرت بأشهر مجلة عربية حينها ..
وكنت أنشر باسم مستعار ولا أتقدم لأخذ الجوائز التي أفوز بها إلى أن أعلن سعيد الجزائري اسمي على الناس ونشر خبر فوزي بمسابقة أعلنت عنها إذاعة لندن.
أما أهم حدث في حياته كما قال فهو زواجه ..فقد غير من سلوكه في كثير من نواحي الحياة وساقه في مناهج ما كان انتهجها لولاه ..بالزواج علمت أني رجل من غمار الناس أعني أني فرد من جماعة يسري علي ما يسري عليهم ..
أزمة المثقفين العرب..
في نيسان عام ١٩٦٦م نشرت مجلة الأسبوع العربي إجابات العجيلي على الأسئلة التي طرحتها عليها .
من الأسئلة التي طرحتها سؤال يقول :كيف تفسر عدم إسهام المثقفين العرب إسهاما حقيقيا وفعالا في تطوير مجتمعاتهم؟
قبل أن نقدم ما أجاب به العجيلي لابد أن نقول ما أشبه اليوم بالأمس..الحال نفسه والسؤال يبقى مطروحا والإجابات لن تكون غير ما قاله العجيلي …فماذا قال ؟
أجاب قائلا:أفسره بضعف الصلة بين المثقفين العرب وبين واقع مجتمعاتهم ثقافة مثقفينا اجنبية الأصول تنتمي إلى عالم لم تعرفه جماهيرنا غير المثقفة ..
وهي الكثرة الكاثرة من أبناء أمتنا..لذا فإن صوت هؤلاء المثقفين لا يبلغ افهام الجماهير فيما إذا ارتفع الصوت بمحاولات الإصلاح والتطوير..
زد على ذلك جهل هؤلاء المثقفين وثقافتهم الأجنبية بواقع مجتمعاتهم وعيوب ذلك الواقع ..أن مفكرينا وعامة مثقفينا يحملون شهادة الدكتوراة من الجامعات الغربية في مواضيع فكرية غربية ..يلمون بالفكر الغربي ويجهلون الأسس المحلية التي يقوم عليها بناء مجتمعاتنا .
أن أرجل مثقفينا وحدها تقف على أرض بلادهم أما رؤوسهم فهي تعيش في أجواء بعيدة كل البعد عن هذه الأرض..
والسبيل إلى تعميق إسهام المثقفين في تطوير مجتمعاتهم وتوسيعه هو في إحكام الصلة بين المثقف والمجتمع ..وله طريقان …التعليم والتربية ..والثاني ..هو طريق الشعور بالمسؤولية ..أن يلتحم المثقف لمجتمعه ويدرك واجبه نحو بيئته ..