ضخ جنوني للأخبار والمعلومات المضللة .. فاعور ل “الثورة” : الإعلام لايزال بعيداً عن خلق رأي عام مدرك وواعٍ

الثورة – هناء ديب

 

يواجه المشهد الإعلامي السوري اليوم تحدياً غير مسبوق، يتمثل في تدفق هائل للمعلومات من منصات عالمية ومحلية، كثير منها غير دقيق أو حتى مضلل، والمشكلة أن بعض تلك المعلومات لم تكن عشوائية بل مدروسة لإثارة القلائل وتحريف الحقائق وربما تضييع البوصلة وفقدان الثقة بأي مجهود أو قرار يتخذ من الجهات المعنية .

وأمام هذا الضخ الجنوني للأخبار والفيديوهات والصور والمعلومات المنتشرة على وسائل التواصل الاجتماعي باختلاف أنواعها والمنصات وبعض القنوات الإعلامية الكبيرة حذرت وزارة الإعلام السورية بأكثر من مناسبة من انتشار الأخبار المضللة التي تستهدف السوريين عبر منصات التواصل الاجتماعي، ودعت لتوخي الحذر والاعتماد على المصادر الرسمية للتحقق من صحة المعلومات .

واعتبرت الوزارة أن بطء اجراءات رفع العقوبات على سورية فيما يخص العلاقة مع منصات التواصل الاجتماعي يعوق التواصل المباشر مع هذه المنصات وخاصة مايتعلق منها بمكافحة حملات التضليل والشائعات، ولكن إلى أي حد يستطيع الإعلام السوري وخاصة الرسمي التصدي لتلك الأخبار والمعلومات ؟ هل نملك والأدوات والكوادر القادرة للتعامل مع هذا الزخم وتفنيده وتحليله لبث محتوى مضاد يعيد ثقة الجمهور بإعلامه ؟ مع الاحصائيات الأولية التي تشير حسب وزارة الإعلام لوجود 300 ألف حساب فاعل يعمل على نشر محتوى مضلل يتوزعون على 4 دول رئيسية تزداد صعوبة المهمة ولكنها ليست مستحيلة.

للاجابة على ما تقدم وعن غيرها من التساؤلات عن المقترحات المطلوبة اليوم من الإعلام السوري ليشكل فرقه وإعلامه الخاص لكشف الأخبار المضللة و خلق رأي عام مدرك وواعٍ أمام سيل الأخبار المتدفقة، وما مدى مصداقية المحتوى المنتشر اليوم التقت ” الثورة ” مع خبير أمن وتكنولوجيا المعلومات نضال فاعور.

مهنة لمن لامهنة له

مع تطور الإعلام الرقمي وانتشار القنوات الخاصة والعامة وادعاء الكثيرين أنهم اعلاميون وصناع محتوى دون امتلاكهم لأقل مقومات العمل الإعلامي، تحول الإعلام لمهنة لمن لا مهنة لهم، غير أن تأثير المعلومات التي ينقلونها عبر وسائل التواصل الاجتماعي المختلفة وعبر المواقع وحتى القنوات الإعلامية شكل ولا يزال آثاراً سلبية على الرأي العام لتواجدهم الكبير على وسائل التواصل الاجتماعي كمؤثرين وإعلاميين.

ويضيف فاعور عندما بدأت الحكومة الجديدة تؤسس للعمل على ملفات كثيرة ومهمة وجدتها أولوية بعدت عن الإعلام وتركته على جنب مع أنه الوسيلة الأولى الأقوى لتصوير ونقل ما يحدث، أو الحالة العامة في سورية الاجتماعية والسياسية والاقتصادية والانتماءات والآراء، فالشعب السوري بحاجة لمعرفة أخبار البلد على لسان أهل البلد ومن قلبه لا من خلال منصات كثيرة تدعي افتراء نقلها للحقيقة وترسل رسائل لتشويه سورية الجديدة، أو يغيروا في بعض السياسات والمنهجيات الموجودة بالبلد بطريقة غير مباشرة، ويرى فاعور أن مهمة الإعلامي اليوم لا تقتصر على قراءة نشرة أخبار أو إعداد مادة دون النظر لما وراء المادة والرسائل المطلوبة من نشرها، وهذا ما يتطلبه الإعلام الرقمي أي وجود أشخاص بمهام مختلفة يتكامل عملها مع بعضه، إذ يقوم فريق اخباري متخصص بمتابعة الأخبار والمصادر وتفنيدها وتحليل البيانات فيها وإخراج المعطيات والتأكد منها.

بالمجمل نحن نسميه الاستخبارات مفتوحة المصدر، فمثلاً بحال عرضت صورة منشورة في إحدى الصفحات أو المواقع أو القنوات عن حدث معين في دمشق علينا البحث عن تاريخها قديم أم حديث وزمن تصويرها و نوع الكاميرا المصورة بها عبر الوسائل المفتوحة المصدر هذا الفريق يجب أن يدرب على ذلك.

والفريق الثاني متخصص بنشر معطيات وتهيئة وصناعة هذا المحتوى، مثلاً نحن بحاجة محترفين بصناعة الفيديو والصوتيات ونحن لدينا كسوريين كوادر محترفة جدا بهذا المجال، وتكتمل المهمة مع الفريق الثالث الذي يعرض المحتوى.

استثمار الشباب

وجود هذه الفرق المؤهلة والمدربة لا يلغي حسب فاعور افتقادنا للتقنيات والأمور اللوجستية المكلمة لإنجاح العمل ومنها الكاميرات والاستوديوهات أو قنوات إعلامية متخصصة يعمل بها من داخل سورية، وهو أمر يحتاج لوقت ولكن يجب التفكير فيه.

بالمجمل فإن الطريقة الأنسب لنا لنحاول أن نجاري كل ما تقدم برأي فاعور هي توظيف وتشجيع الكوادر الشابة سواء طلاب الإعلام أو الموجودين على السوشيال ميديا وصفحاتهم متابعة والناشطين، وهم أشخاص مميزون لديهم متابعون يمكن أن نقدم لهم خدمة مقابل خدمة مثل منحهم تسهيلات بالجامعة وتوفير مساحات للنشاطات الخاصة بهم، وفرص عمل لقاءات بالقنوات وغير ذلك وبالمقابل يوفر هؤلاء من خلال انتشارهم على الأرض وعبر موبايلاتهم الحديثة التي توازي أحياناً بمزاياها الكاميرات الاحترافية نقل أي حدث على المنصات المختلفة سواء أكانت مرئية أم مسموعة أم بودكاست يتبع هؤلاء ضرورة وجود أشخاص متخصصين يعملون بمجال الإعلام الرقمي والذكاء الاصطناعي والتحقيق الجنائي الرقمي وتحليل وتفنيد البيانات

ويضيف فاعور باستثمار تلك الخبرات بالشكل الأفضل والمتكامل يمكن أن نصل للخبر والمعلومة الصحيحة والتحليل المنطقي لأي خبر يصدر من القنوات الأخرى.

تنظيم الإعلام الرقمي

وعن عملية تنظيم الإعلام الرقمي لضمان شفافية ومساءلة المحتوى المنشور على المنصات المختلقة يؤكد فاعور أهمية وضع إطار قانوني يحدد مسؤوليات الجهات الناشرة، سواء أكانت أفراداً أم مؤسسات ويضع عقوبات واضحة لمن ينشرون أخباراً كاذبة أو مضللة، كما أن تطوير أدوات تقنية يعتمد على الذكاء الاصطناعي يمكن أن يكون حلاً فعالاً لتحديد الأخبار الكاذبة وفلترة المحتوى الضار لأنها تستطيع تحليل المحتوى المنشور على نطاق واسع بسرعة وكفاءة، ما يساعد على تقليل انتشار الأخبار المزيفة.

مقاربتان ضروريتان

تبنّي أدوات التحقق الرقمي يتوجب تأسيس وحدات متخصصة لرصد وتدقيق الأخبار المتداولة، باستخدام تقنيات الذكاء الاصطناعي والاعتماد على مصادر موثوقة ومتعددة للتحقق من صحة المعلومات وتحسين سرعة التفاعل، يجب على الإعلام الرسمي أن يكون حاضراً بشكل آني ينشر حقائق واضحة وسريعة دون تأخير، لأن التأخر يفسح المجال للمضللين لاحتلال مساحة الرأي العام. أضف إلى ذلك تطوير حملات توعية إعلامية تشرح للجمهور كيف يميز بين الخبر الموثوق وغير الموثوق، بأساليب بسيطة كشرح علامات الخبر المضلل، أو التقنيات التي تُستخدم في تزييف الفيديوهات. ولكن هل نمتلك في سوريا كوادر كافية وأدوات متطورة للقيام بهذا الدور؟ يقول فاعور: هناك نقاط ضعف واضحة، خاصة في البنية التحتية التقنية، ونقص التدريب المتخصص. لكن الحلول متاحة وليست مستحيلة إذ يمكن العمل من خلال إطلاق دورات تدريبية مكثفة للكوادر الإعلامية في مهارات التحقق الرقمي وصحافة البيانات. وعقد شراكات مع منصات دولية متخصصة في مكافحة التضليل لمشاركة الخبرات والأدوات. حتى على المستوى البسيط، يمكن توظيف صحافيين شباب يمتلكون مهارات رقمية عالية، وتشجيعهم على إنتاج محتوى مرئي وتفاعلي عصري يوصل الحقيقة بطريقة جذابة.

مقترحات

وعن أهم المقترحات المطلوب تنفيذها فورًا لتعزيز دور الإعلام في كشف التضليل؟ يجب تأسيس غرفة عمليات رقمية مشتركة بين وسائل الإعلام المختلفة لرصد كل ما يُتداول وتحليل توجهاته. إطلاق منصات تفاعلية تُمكّن المواطنين من إرسال التساؤلات والتبليغ عن الأخبار الزائفة. نشر تقارير أسبوعية/Mini-podcasts تشرح أبرز الشائعات وكيفية التحقق منها بأسلوب مبسط وتفاعلي. تعزيز الحضور على وسائل التواصل الاجتماعي بمنصات رسمية ترد بسرعة وشفافية.

استعادة الثقة

وعن مدى قدرة الإعلام السوري على استعادة ثقة الجمهور يقول فاعور: مع الأسف، جزء كبير من المحتوى المتداول لم يكتمل بعد، خاصة في الأحداث الساخنة. لكن بالإمكان استعادة الثقة من خلال توفير الشفافية والاعتراف بالخطأ وتصحيحه فوراً لزيادة مصداقية الرسالة الإعلامية. والانفتاح على انتقادات الجمهور، حتى على المنصات الرسمية، والتركيز على تقديم قصص واقعية من الناس، بلغة أقرب للشارع، بحيث يشعر الجمهور بأن الإعلام يُعبّر عنه، لا يوجّه له فقط.

نصائح للجمهور وللعاملين في الحقل الإعلامي؟

للعاملين التزام الحقيقة، والعمل بروح الفريق، وعدم تجاهل أي معلومة دون تحقق. أما للجمهور تحقّقوا دائماً من مصادر أخباركم ولا تنساقوا وراء العناوين المثيرة. أنتم الدرع الحقيقي ضد التضليل.

آخر الأخبار
ذكرى الكيماوي في الغوطتين.. جرح مفتوح وذاكرة عصيّة على النسيان قلب شجاع من تل أبيض ينال التكريم.. أبو عبدالله يثبت أن الإنسانية أقوى من المستحيل   مدير منطقة حارم يزور كلية الشرطة ويقدر جهودها في تخريج دفعة مكافحة المخدرات   بين الدخان واللهيب..  السوريون يكتبون ملحمة التضامن 6000 هكتار مساحة حرائق ريف حماة     طفولة بلا تعليم.. واقع الأطفال النازحين في سوريا   حلب تبحث عن موقعها في خارطة الصناعات الدوائية  الرئيس الشرع يصدر المرسوم 143 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب مدير المخابز لـ"الثورة": نظام إشراف جديد ينهي عقوداً من الفساد والهدر زيادة غير مسبوقة لرواتب القضاة ومعاونيهم في سوريا  الشيباني يبحث مع نظيره اليوناني في أثينا العلاقات الثنائية وقضايا مشتركة عاملة إغاثة تروي جهودها الإنسانية في سوريا ريف دمشق تستعيد مدارسها.. وتتهيأ للعودة إلى الحياة حماية التنوع الحيوي وتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية في البادية تحسين واقع الثروة الحيوانية في القنيطرة استئناف الصفقات الضخمة يفتح آفاقاً أوسع للمستثمرين في سوريا    اتوتستراد درعا- دمشق.. مصائد الموت تحصد الأرواح  تفريغ باخرة محملة بـ 2113 سيارة في مرفأ طرطوس وصول باخرة محملة بـ 7700 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس تحميل باخرة جديدة بمادة الفوسفات في مرفأ طرطوس اليوم شوارع حلب بين خطة التطوير ومعاناة الأهالي اليومية