خبير مصرفي لـ”الثورة”: سوريا تعيش وضعاً اقتصادياً أقرب إلى الركود التضخمي

الثورة – وعد ديب:

يُعد التضخم من أبرز القضايا الاقتصادية التي تواجه الدول، لما له من تأثير مباشر على الاستقرار الاقتصادي والاجتماعي، فالتضخم يعكس الارتفاع المستمر في المستوى العام للأسعار، ويُقاس عادةً بمؤشر أسعار المستهلك (CPI)، ما يؤدي إلى تآكل القوة الشرائية للعملة ويؤثر سلباً على معيشة الأفراد، ويزيد من تكلفة المعيشة، ويقلل من قيمة مدخرات السكان.

عن أسباب التضخم ومشكلاته، والخلفيات الاقتصادية له في سوريا، يقول الخبير المالي والمصرفي، عمر الحاج لـ”الثورة”: تتنوع أسباب التضخم بين عوامل داخلية وأخرى خارجية، منها زيادة الطلب الكلي مقابل العرض، أو ارتفاع تكاليف الإنتاج، أو التوسع في الإنفاق الحكومي دون غطاء إنتاجي، أو تراجع قيمة العملة المحلية، إضافة إلى التضخم المستورد نتيجة ارتفاع أسعار السلع في الأسواق العالمية، كما يمكن أن يكون التضخم ناتجاً عن سياسات نقدية توسعية غير مدروسة، أو اختلالات في هيكل الاقتصاد الوطني.

أما مشكلات التضخم، والكلام للحاج، فهي متعددة وخطيرة، إذ يؤدي إلى تدهور مستوى المعيشة ويزيد من معدلات الفقر، ويضعف الثقة في العملة الوطنية، ويؤثر سلباً على الادخار والاستثمار، بل قد يتسبب في تعطيل النمو الاقتصادي وزيادة معدلات البطالة إذا ترافق مع ركود اقتصادي كما في حالة ما يُعرف بالركود التضخمي.

وأشار الخبير المصرفي إلى وجود أنواع من التضخم، منها تضخم الطلب، نتيجة زيادة الطلب الكلي على السلع والخدمات، فتضخم التكاليف ناتج عن ارتفاع تكاليف الإنتاج، وكذلك التضخم المستورد نتيجة ارتفاع أسعار السلع المستوردة، إضافة إلى التضخم النقدي، نتيجة زيادة المعروض النقدي دون زيادة موازية في الإنتاج.

علاقة عكسية

ورداً على سؤالنا عن العلاقة بين التضخم والبطالة والنمو الاقتصادي يرد الخبير المصرفي: أنه يشير منحنى “فيليبس” إلى علاقة عكسية بين التضخم والبطالة في الأجل القصير، حيث يؤدي انخفاض البطالة إلى زيادة التضخم والعكس، إلا أن هذه العلاقة قد تختفي أو تنعكس في ظل أزمات اقتصادية حادة، وفي بعض الحالات، قد يؤدي التضخم المعتدل إلى تحفيز النمو الاقتصادي، إلا أن التضخم المرتفع وغير المسيطر عليه يضر بالاستثمار والإنتاج ويؤدي إلى تباطؤ النمو.

وبين خلاله أن الاقتصاد السوري شهد هبوطاً حاداً في الناتج وثقة المستثمرين، مع توسع البطالة وازدياد معدلات الفقر، كما أن التضخم الفاحش، إلى جانب انهيار قيمة العملة، مزق القدرة الشرائية للمواطنين وأصاب الإنعاش الاقتصادي بالإعاقة شبه الكلية.

ولفت إلى أن هذه المؤشرات تؤكد أن سوريا تعيش وضعاً أقرب إلى الركود التضخمي، حيث التضخم المرتفع يصاحبه تراجع اقتصادي شديد، إلى جانب ارتفاع معدلات البطالة، وهي حالة تُصعّب من مهمة صانعي السياسات، كما تظهر البيانات أن ارتفاع التضخم في سوريا خلال الأزمة أدى إلى تراجع في معدلات النمو، خصوصاً بسبب فقدان الثقة بالعملة، وهروب رؤوس الأموال، وتراجع الإنتاجية، وغياب البيئة المناسبة للاستثمار.

ونوه بأن الاقتصاد السوري شهد ومنذ عام 2011 أزمة غير مسبوقة أثّرت على مختلف قطاعاته، وأدّت إلى تراجع كبير في الأداء الاقتصادي وارتفاع معدلات البطالة ومعدلات التضخم، ويعدّ التضخم أحد أبرز المؤشرات الاقتصادية التي تعكس الاضطرابات الهيكلية والمالية في الاقتصاد، وقد كان لهذه الظاهرة أثرٌ بالغ على مستوى معيشة المواطنين، وعلى القدرة الشرائية، والاستقرار الاجتماعي، ويعد ارتفاع معدلات التضخم إلى مستويات قياسية بلغت أكثر من 200بالمئة في بعض السنوات نتيجة، الانخفاض الحاد في قيمة العملة. وحول السياسات المتبعة لمواجهة التضخم، قال: اعتمدت الحكومة السورية خلال الأزمة على عدة أدوات للحد من التضخم، الدعم الحكومي للمواد الأساسية (الخبز، المحروقات)، وتقنين الاستيراد للحد من الطلب على الدولار. تدخل المصرف المركزي في تحديد أسعار الصرف، وكذلك زيادة الرواتب والمعاشات بشكل دوري.

وبحسب، الخبير الاقتصادي، فإن هذه الإجراءات كانت ذات طابع إسعافي ولم تستطع معالجة جذور المشكلة، بل ساهمت أحياناً في تعميق الأزمة نتيجة العجز المالي، وتآكل الاحتياطي النقدي، وتراجع الإنتاج المحلي. وبرأي، وهبي، فإن المطلوب عموماً لمعالجة التضخم في سوريا، استقرار سعر الصرف، إعادة هيكلة السياسات النقدية لتقليل الاعتماد على الإصدار النقدي، وتعزيز استقلالية المصرف المركزي، وتشجيع الإنتاج المحلي، دعم القطاعات الإنتاجية (الصناعة والزراعة،….)، وكذلك تأمين مستلزمات الإنتاج، وأيضاً إصلاح مالي وهيكلي، تخفيض العجز المالي، وإصلاح النظام الضريبي، وتعزيز الثقة من خلال تحسين البيئة السياسية والمؤسساتية، ومحاربة الفساد.

ويختم حديثه، يوجد تقديرات زمنية للوصول إلى معدلات تضخم مناسبة، و بحسب التجارب الدولية، فإن الدول الخارجة من أزمات مشابهة تحتاج ما بين 5- 10 سنوات للوصول إلى معدلات تضخم معتدلة (أقل من 10بالمئة)، بشرط تطبيق إصلاحات جذرية وتحقيق استقرار سياسي نسبي، وفي الحالة السورية، فإن تحقيق معدل تضخم مستهدف بين 5- 8 بالمئة يتطلب وقف النزيف الاقتصادي، وعودة تدريجية للإنتاج، وكذلك إصلاحات مؤسساتية ومصرفية حقيقية.

آخر الأخبار
ذكرى الكيماوي في الغوطتين.. جرح مفتوح وذاكرة عصيّة على النسيان قلب شجاع من تل أبيض ينال التكريم.. أبو عبدالله يثبت أن الإنسانية أقوى من المستحيل   مدير منطقة حارم يزور كلية الشرطة ويقدر جهودها في تخريج دفعة مكافحة المخدرات   بين الدخان واللهيب..  السوريون يكتبون ملحمة التضامن 6000 هكتار مساحة حرائق ريف حماة     طفولة بلا تعليم.. واقع الأطفال النازحين في سوريا   حلب تبحث عن موقعها في خارطة الصناعات الدوائية  الرئيس الشرع يصدر المرسوم 143 الخاص بالمصادقة على النظام الانتخابي المؤقت لمجلس الشعب مدير المخابز لـ"الثورة": نظام إشراف جديد ينهي عقوداً من الفساد والهدر زيادة غير مسبوقة لرواتب القضاة ومعاونيهم في سوريا  الشيباني يبحث مع نظيره اليوناني في أثينا العلاقات الثنائية وقضايا مشتركة عاملة إغاثة تروي جهودها الإنسانية في سوريا ريف دمشق تستعيد مدارسها.. وتتهيأ للعودة إلى الحياة حماية التنوع الحيوي وتحسين سبل العيش للمجتمعات المحلية في البادية تحسين واقع الثروة الحيوانية في القنيطرة استئناف الصفقات الضخمة يفتح آفاقاً أوسع للمستثمرين في سوريا    اتوتستراد درعا- دمشق.. مصائد الموت تحصد الأرواح  تفريغ باخرة محملة بـ 2113 سيارة في مرفأ طرطوس وصول باخرة محملة بـ 7700 طن من القمح إلى مرفأ طرطوس تحميل باخرة جديدة بمادة الفوسفات في مرفأ طرطوس اليوم شوارع حلب بين خطة التطوير ومعاناة الأهالي اليومية