الثورة – غصون سليمان:
في حديث الوجع السوري ثمة تفاصيل تنأى النفس الاقتراب منها، أو حتى تشريحها بعدما أخذت بعض منابر ومنصات التواصل الاجتماعي تخرج كل ما في جوف أصحابها من تطرف وتجييش وشحن طائفي.. بالمقابل هناك منابر أخرى يسعى أصحابها إلى بلسمة الجراح وتطييب الخواطر، وزرع بذور المحبة والإخاء بين أبناء الوطن والشعب السوري الواحد.
ولأن الحرب الافتراضية الخفية تفعل فعلها بالنصب والضرب والتقسيم، فإن لغة الأرقام تفضح ذاك الظل الموارب عبر منصات التواصل بمسمياتها المختلفة.
الاستاذة المحامية انتصار غصون نوهت من خلال عرضها في صفحتها فيسبوك، وبعد رصد مراكز الجرائم الإلكترونية بأن هناك 66 ألف حساب فيسبوك وهمي في مختلف المحافظات السورية، منها 22 ألف حساب وهمي، يتعرضون لمقام الرئاسة لهدم العلاقات الودية بين المكونات والمواطنين في البلاد، وسبعة آلاف حساب وهمي ينشرون فيديوهات ومنشورات ضد فئة معينة أو مكون معين او طائفة معينة، و18 ألف حساب يستهدفون الدولة بشكل مباشر بنشرهم المستمر لمنشورات وفيديوهات تتعلق بالأمن الوطني بهدف خلق شرخ وحس مهدوم بين المواطنين والدولة.
وذكرت أن هناك عشرة آلاف حساب من داخل سوريا يتابعون ويتواصلون بشكل مباشر مع صفحات وحسابات خارج البلاد بهدف التقسيم وضرب نقاط الأمن العام وأهداف كثيرة لديهم.
كما تم رصد ستة آلاف حساب من خارج البلاد يضعون صوراً لراية الدولة الأموية، أو صورة للرئيس المخلوع بشار الأسد، أو صورة راية طائفة الدروز الخ.. ويعلقون وينشرون بين السوريين بهدف زعزعة الأمان وخلق شرخ طائفي وحقن القلوب بالكراهية لبعضهم بعضاً. ولفتت غصون إلى وجود ثلاثة آلاف حساب من دون صورة أو صور عادية، يراقبون حسابات وصفحات المواطنين بأماكن معينة. ورغم كل الجهود التي يبذلها عناصر قوى الأمن العام بحماية المدنيين والمواطنين إلا أن هذه الحسابات تكثر وتنشط بشدة خارج البلاد لكن بأسماء سوريا ويضعون موقعهم في سوريا.
الجريمة الإلكترونية
وتعقيباً على ما تقدم توضح المحامية غصون في لقاء لصحيفة الثورة حول أبعاد الجريمة الإلكترونية في هكذا حالات، مبينة أن الجريمة الإلكترونية هي القيام بأي فعل يُعاقب عليه القانون باستخدام جهاز حاسوبي أو الجرائم التي تحصل على الشبكة مثل، التهكير والاختراق، ناهيك عن جرائم القدح والذم، والجرائم الواقعة على أمن الدولة، مثل: انتحال الشخصية، الابتزاز، التشهير، استغلال القاصرين بمواقع إباحية، الترويج للمخدرات، الاحتيال. كل هذه الجرائم وغيرها تتم عن طريق مواقع التواصل، ولسوء الحظ يكون تأثيرها كبيراً وواسعاً وينتشر بشكل مخيف، لذلك كله تكون العقوبة مشددة.
المحامية غصون بينت أن العقوبة تحدد حسب الجرم الذي وقع بواسطة مواقع التواصل، حيث لكل جريمة لها عقوبة معينة، مشيرة إلى أنه في حال تعرض المرء لأي نوع من التهديد أو مارس أي أحد التنمر عليه أو عمل حساب باسمه، أو اخترق حسابه بإمكان الشخص مباشرة أن يعمل لقطة شاشة (سكرين شوت)، ومن ثم القيام بتقديم معروض للنيابة العامة والتي بدورها تحيل الشخص لفرع مكافحة الجرائم المعلوماتية.
ولفتت المحامية غصون في هذا السياق إلى أن المنشورات والتعليقات خلال الأشهر السابقة كونه لم يصدر قانون عفو حتى الآن ربما يعتبره العديد من الناس حرية تعبير عن الرأي حسب الإعلان الدستوري المؤقت، إلا أنه قد يعتبر من ناحية القضاء نيلاً من هيبة الدولة أو نشر أنباء كاذبة، وهي جرائم جزائية خطيرة من مخلفات النظام البائد ولم تعدل حتى الآن.
أما القدح والذم الشخصي فهو من حق أي منكم وبإمكان المواطنين الادعاء وتحصيل الحق، أيضاً التحريض والإساءة للأديان هي جرائم الكترونية خطيرة في حال النشر أو مشاركة منشور تحريضي على مواقع التواصل الاجتماعي. وقالت: هناك صفحات يتضح من منشوراتها أنها تنال من هيبة الدولة وتحرض، ومن الأجدى والأفضل هنا عدم التعليق عليها أو مشاركتها، كي لا تصبح جريمة الكترونية قد تصل للإعدام أحياناً.
يقعون في الفخ
وتزامناً مع إلقاء القبض على ستة وخمسين شاباً وفتاة في ريف حلب والساحل ودمشق وبعض المحافظات الذين ينشرون منشورات تحريضية بشكل مكثف هنا وهناك- حسب تأكيدات الجهات المعنية، إلا أنهم في النهاية يقعون في فخ جهاز الأمن العام الذي يحدد موقعهم من خلال طرق وأساليب عدة متقنة.
وانطلاقاً من ذلك دعت الأستاذة المحامية في ختام حديثها جميع السوريين بشتى طوائفهم ومكوناتهم، بألا يتبعوا سياسة الرد على كل تعليق ولكل منشور، وألا يتفاعلوا معهم حتى بالأخبار المفرحة والمحزنة. فالحرية هي حرية الشخص بالرأي الناضج والعامر للبلاد، وليس الحرية بهدم النفوس والتحريض وإيذاء الآخرين، مؤكدة على متابعة العمل حتى تصبح سوريا أم الأوطان بالأمان والسلام والمحبة.