الثورة أون لاين- دينا الحمد:
ما يجري في أوكرانيا لا ينفصل عما يجري في العالم كله، ومن يبحث عن أصابع أميركا والغرب وإسرائيل يجدها هناك تماماً كأصابعها التي تؤجج الفتن والأزمات والحروب في سورية والعراق وأفغانستان وليبيا والعديد من دول العالم.
وهدف هذه الأصابع الشريرة، التي كانت خفية وأصبحت علنية وفي رابعة النهار، هو من أجل تحقيق مصالح أصحابها الاستعمارية، غير آبهة بالقوانين الدولية ولا الشرائع الإنسانية والأخلاقية، وغير مكترثة بمقتل الأبرياء وتشريدهم وتخريب المجتمعات وتدمير الدول.
ففي أوكرانيا تروج واشنطن أنها تدعم استقلال هذه الدولة وحرية شعبها، والكثير من السذج في هذا العالم يصدقون مزاعمها تلك، مع أن تحركاتها غير مرة في ما يعرف بدول “الطوق الروسي” وإثارتها للأزمات هناك، ودعمها لما يسمى “الثورات الملونة” يفضح ادعاءاتها وأكاذيبها، ويكشف أن هدفها هو تطويق روسيا بالأزمات وافتعال المشاكل بينها وبين جيرانها، وحصارها ودفعها للموافقة على الشروط الأميركية المتعلقة بأكثر من أزمة عالمية.
ولنعد إلى ما حدث في أكثر من جمهورية من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق في العقدين الأخيرين وما سُمي “بالثورات الملونة” وبين ما يجري في دول الطوق الروسي اليوم، لنكتشف أن أميركا هي محراك الشر وهي الممول لكل ما يجري من فوضى هدامة هناك، وقد رأى العالم كله المساعدات التي تقدمها واشنطن للمتظاهرين في أكثر من بلد وكذلك تدريبهم وتمويلهم وتقديم وسائل الدعم اللوجستي لهم، والهدف هو إسقاط الحكومات الموالية لروسيا ومتابعة استكمال الطوق الحديدي حولها.
ولنعد أيضاً قليلاً إلى الوراء في أوكرانيا تحديداً لنكتشف بالمعلومات كيف قامت واشنطن غير مرة بتحريض حلفائها في “كييف” للمضي باستخدام القوة في مناطق شرق أوكرانيا، واستفزاز موسكو، من خلال اعتماد القوة العسكرية والحرب كلغة وحيدة في التعاطي مع المطالب التي ينادي بها أبناء هذه المناطق، على عكس الموقف الروسي الداعي إلى إيجاد حل سلمي وفق اتفاق “مينسك ” الذي وقعه طرفا النزاع بأوكرانيا.
واليوم تعيد إدارة بايدن سياسات ترامب وأوباما ذاتها في أوكرانيا، من تأجيج للأوضاع وإشعال لفتيل الحرب مروراً بتسخين جبهات الاقتتال، وصولاً إلى التحركات العسكرية في البحر الأسود، والهدف بات واضحاً وهو تطويق روسيا بالأزمات ومحاصرتها ومعاقبتها على مواقفها الرافضة للهيمنة الأميركية، ومحاولة إلهائها بأزمة كبيرة في خاصرتها، ومن هنا شاهد العالم الرئيس الأمريكي جو بايدن وهو يتعهد لنظيره الأوكراني بدعم واشنطن المزعوم لسيادة بلاده، ويحذر روسيا مما أسماه “ترهيب” أوكرانيا، وهو ما اعتبرته روسيا فصل جديد من النفاق الأميركي.
الأوضاع في أوكرانيا إذاً تتجه إلى التصعيد بفعل العامل الأميركي والغربي، والعالم يتخوف من انفجارها ولاسيما بعد تصريح وزير الدفاع الأميركي الذي وصف ما يجري “بالعدوان الروسي” على حد زعمه، وأن واشنطن لن تترك أوكرانيا وحدها في مواجهة روسيا، ما استدعى رداً قوياً من الكرملين، مفاده، وبالمختصر المفيد، لن تنفعكم سياسات التهويل والتهديد والوعيد، وعليكم في واشنطن وأدواتها الأوروبية ودماها في كييف أن تدركوا أن موسكو لن تسمح بوجود عسكري أميركي على حدودها، ولن تسمح باستغلال الغرب لما يجري هناك لتنفيذ مخططاته الاستعمارية، فهل وصلت الرسالة الروسية لبايدن؟ وهل يدرك مغزاها قبل الغوص الأميركي في مستنقع جديد