الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:
يبدو الكيان الصهيوني صاحب الترسانة النووية الوحيدة في المنطقة في سباق مع الزمن لعرقلة المفاوضات النووية الجديدة التي استؤنفت في فيينا بين إيران والمجموعة الدولية الشهر الماضي، من أجل مواصلة العمل بالاتفاق النووي الموقع عام 2015 والذي خرجت منه الولايات المتحدة عام 2018 خلال ولاية الرئيس السابق دونالد ترامب تلبية لرغبة إسرائيلية.
وهذا الكيان يفعل كل ما بوسعه من أجل أخذ الأمور إلى التصعيد، بحيث تضطر إيران لوقف المحادثات الجارية والرد بحزم على الضغوط والتهديدات والأعمال العدوانية التي تتعرض لها من قبل الكيان الإسرائيلي وعملائه.
فبعد حادثة السفينة الإيرانية التي تعرضت لهجوم في البحر الأحمر قبالة سواحل جيبوتي والذي رجحت مصادر عدة أن يكون الكيان الصهيوني وراءه عن طريق زرع ألغام بحرية، اعترف الكيان بالوقوف وراء الحادث الذي تعرضت له منشأة نظنز النووية الإيرانية، حيث قالت القناة “13 الإسرائيلية” بأن الموساد الإسرائيلي وراء حادث المنشأة الإيرانية، الذي وقع ليل السبت الماضي، والذي أكده بهروز كمالوندي الناطق باسم الوكالة الإيرانية للطاقة الذرية، حيث أوضح أن “انفجاراً صغيراً” وقع في مصنع نطنز لتخصيب اليورانيوم.
وأضاف الناطق الإيراني في تسجيل مصور نشرته وكالة “تسنيم” الإيرانية: “بأن الحادث وقع في مركز توزيع الكهرباء، ولحسن الحظ لم يصب أحد بجروح” مرجحاً إمكانية إصلاح القطاعات المتضررة سريعاً”.
أما القناة الإسرائيلية التي نقلت الخبر عن مصادر مخابراتية، فقد أكدت بأن الحادث ليس هجومًا إلكترونيًا وإنما نتج عن زرع عبوات ناسفة بالمكان، مشيرة إلى أن إعادة تخصيب اليورانيوم في المنشأة قد يستغرق عدة أشهر.
والأحد الماضي، قالت الهيئة العامة لما يسمى البث الإسرائيلي إن جهاز الموساد نفذ هجوماً إلكترونياً استهدف منشأة نطنز الإيرانية في اعتراف نادر.
وفي تشرين الثاني الماضي قام عملاء للموساد باغتيال العالم النووي الإيراني محسن فخري زادة، في برهان على أن الكيان الصهيوني قد قرر المضي قدماً في خيار التصعيد، للحيلولة دون الوصول إلى تسوية دولية جديدة في ملف إيران النووي، وإحراج إيران من أجل الرد على السلوك الإسرائيلي، من أجل توتير الأجواء بين إيران وإدارة بايدن التي تتحدث عن العودة للاتفاق النووي، حيث تشير الأجواء الايجابية القادمة من محادثات فيينا، بأن هناك أملاً كبيراً في ترميم الاتفاق الذي خرّبه ترامب ونتنياهو، مع استعداد إدارة بايدن لرفع جزئي للعقوبات الأميركية المفروضة على إيران، مقابل عودة الأخيرة عن بعض الإجراءات التي أقدمت عليها جراء إفشال الاتفاق واستمرار العقوبات والحصار الأميركي.
يعلم الكيان الصهيوني جيداً أن الوقت المتاح لترميم الاتفاق النووي والتوصل إلى تسوية ترضي جميع الأطراف، بات قصيراً وذلك بالنظر لاقتراب موعد الانتخابات الرئاسية الإيرانية مع ما يعنيه ذلك من انتهاء الولاية الرئاسية الثانية للرئيس حسن روحاني “راعي الاتفاق النووي والمفاوضات الماراثونية المستمرة على مدى 13 عاماً”، وإمكانية فوز رئيس جديد من التيار المحافظ لديه شروط أبعد من مسألة رفع العقوبات وإنهاء الحصار.
ومن دون أدنى شك ستحاول “إسرائيل” تكثيف نشاطها التخريبي على كل الأصعدة من أجل التشويش على الأطراف الساعية لاستئناف الاتفاق النووي، وقد تلجأ للمزيد من العمليات التخريبية ضد مصالح إيران، وهذا ما قد يضطر إيران للرد على الاستفزازات الإسرائيلية، وهي قادرة على ذلك ولكنها تدرس خياراتها بحنكة وذكاء لتفويت الفرصة على مخططات الكيان الصهيوني المعروفة لدى الجميع.
يذكر أنها ليست المرة الأولى التي تتعرض فيها منشأة “نطنز” لحادث، فقد سبق وأعلنت منظمة الطاقة الذرية الإيرانية، في أيار الماضي، عن وقوع “حادث” داخل المنشأة، ولكنه لم يؤثر على استمرار العمل فيها، وكذلك أعلنت إيران أنها بدأت بتركيب مجموعة رابعة من أجهزة الطرد المركزي المتطورة في المنشأة رداً على انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق وفرض عقوبات بحقها، ولكن في إطار حقوقها المشروعة لتخصيب اليورانيوم لأغراض سلمية.