الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
في السابع عشر من نيسان عام 1946 كان للصباح لونٌ آخر، لونٌ يليق ببطولاتِ وحكايات المجد. شمسُ الجلاء تشرقُ بهيّة تسطعُ كالحق، إنها شمس الحريّة والاستقلال، في يومٍ تعمّد بالدمِّ والبطولة والفداء.. يوم الجلاء الذي أتى، بعد كفاحٍ مرير مع الاحتلال، دام أكثر من ربع قرن، وقدّم فيه شعبنا تضحياتٍ جسام، صنعها بالدم والشهادة، بالإرادة والتصميم والإيمان بالحق.
لقد قدّم شعبنا مثالاً رائعاً للاستبسالِ والتضحية، من خلال الثورات ومقاومة المحتل، بكلِّ الوسائل المتوفرة، مدركاً أن استقلاله لا يأتي بالأمنيات، بل بالنضال والكفاح دفاعاً عن الوطن، وعزّته وكرامته..
نعم.. هو عيد الجلاء، ملحمةُ العزة والكرامة، الشرف والإباء.. “الدنيا وزهوتها”.. يوم جلاء آخر جنديّ فرنسيٍّ عن أرض الوطن.. خمسةٌ وسبعون عاماً ورايات الجلاء تعلو مرفرفة خفَّاقة، يعلو البنيان ويشمخ، نقطف الزهور من روابي بلادي التي رويّت بدماء الشهداء والمجاهدين والمقاومين، صنّاع الحياة الأبيّة، والمجد والحرية الوطنية.. نقطف الزهور، وننثرها وشماً على جيد الوطن، وهامات الأبطال الذين صنعوا الجلاء.
في عيد الجلاء، تنحني القامات للشهداء، للمناضلين، للرجال المقاومين، لأبطال الثورات التي عمّت أرجاء سورية، وأشعلت اللهيب تحت أقدام المحتل، وأذاقته مرارة الهزيمة والانكسار.
اليوم تأتي ذكرى الجلاء، وسورية الوطن والتاريخ والحضارة والإنسان، تواجه أعتى قوى الشرّ والعدوان، في حربٍ كونيّة استهدفت وحدتها وأمنها واستقرارها، وقد خاضت الحرب ببسالةٍ وشرفٍ، وحققت الانتصار على الإرهاب والفكر الظلاميّ الأسود.. انتصرت على هذه الحرب القذرة، التي كان سلاحها التضليل، وهدفها ضرب الدولة ومنجزاتها الوطنية والقومية …
من أجل وحدة الوطن وأمنه واستقراره، قدم شعبنا التضحيات الجسام من خيرة أبنائه، من رجال القوات المسلّحة الباسلة، والرديفة، والأمن، وحفظ النظام، والمدنيين الذين كانوا في المقدمة، ورووا بدمائهم الطاهرة ثرى الوطن، فأزهرت شقائق نعمانٍ تزيّن روابيه وجباله الشامخة.
لقد كتب السوريون نصرهم بأحرفٍ من نورٍ، في كلِّ بقعة، وفي كلِّ شبر من أرضهم الطاهرة، التي عادت كما كانت، مزنّرة بالحياة والكرامة والإباء، بفضل دماء الشهداء الأطهار، وبطولات جيشنا الذي أثبت، أنه الجيش العقائدي المؤمن بقضيّته، في محاربة الإرهاب والفكر الوهابيّ التكفيريّ.
هي سورية “عروس المجد” تتيه عزّة وفخراً، وهي تمدُّ شالَ الجلاء، تزيّن به ثراها الطاهر، جبالها، سهولها، بواديها، وترفع الرايات عالية خفاقة، معلنة عصر الانتصار، وهزيمة المحتل، مهما أوتي من قوَّةٍ وجبروت، فالإرادة والإيمان بالحق، يصنعان المعجزات، فلا وجود لمحتلٍ أو غازٍ، على أرض الوطن، طال الزمان أم قصر.
في الذكرى الخامسة والسبعين لعيد الجلاء، تستمر المسيرة، مسيرةُ الحرية والاستقلال، فالآباء الذين صنعوا الجلاء، أنجبوا الأجيال التي صنعت ثورة الثامن من آذار، والتصحيح المجيد الذي قاده وخطط له، القائد الخالد المؤسِّس “حافظ الأسد”، وتستمر مسيرة الجلاء بعزيمةٍ واثقة، تبني في كلٍّ المطارح، وتُعيد إعمار ما دُمّر، بسواعد الشرفاء، تبني مجد الوطن، وتُعلي صروحه، وتكتب اسمه في أسفار المجد والخلود، بقيادة السيد الرئيس “بشار الأسد” رمز هذه المسيرة وعنوانها، وبوصلتها إلى دروب العزة والكرامة والإباء.
التاريخ: الثلاثاء20-4-2021
رقم العدد :1042