الثورة أون لاين- راغب العطيه:
عادة تسجل الاستحقاقات الوطنية كالانتخابات مثلاً في زمن الحرب مشاركة عالية من أبناء المجتمع، وذلك لأن المواطنين في مثل هذه الأوقات يتصاعد لديهم الحس الوطني، وترتفع الجذوة الوطنية إلى مناسيب عالية في نفوسهم المتحفزة لمواجهة الأعداء كما في ساحات القتال، وفي ساحات السياسة والاقتصاد والثقافة والإعلام.
ومن هذا المنطلق نجد أن الشعب السوري الذي يواجه منذ أكثر من عشر سنوات حرباً إرهابية متعددة الجنسيات لم يعرف التاريخ مثيلاً لها، نجده متحمساً للمشاركة في الاستحقاق الدستوري الرئاسي في 20 و26 من هذا الشهر في الداخل والخارج، وذلك تعبيراً عن رده السياسي والعملي والمباشر على محاولات التدخل الخارجي المرفوضة من جانبه جملة وتفصيلاً، والتي يحاول “أدعياء الديمقراطية وحقوق الإنسان” ومن لفّ لفّهم، أن يمارسوها بشكل مخالف لكل القوانين والقرارات الدولية.
فالسوريون الذين أفشلوا المشروع الإرهابي الأميركي بصمودهم والتفافهم حول جيشهم البطل، قادرون أن ينجزوا استحقاقاتهم الدستورية في مواعيدها وفقاً لما يمليه عليهم الدستور وجميع قوانين الدولة ذات الصلة، ولن تثنيهم عن ذلك أضاليل الغرب الاستعماري، ولا إرهاب تنظيماته الداعشية والقاعدية، ولا اعتداءات كيانه الصهيوني العنصري.
فالإجراءات التي رافقت إعلان رئيس مجلس الشعب عن مواعيد الترشيح لمنصب رئيس الجمهورية، والاقتراع الداخلي والخارجي، وإجراءات الترشح في المحكمة الدستورية العليا، وعدد المرشحين الذي فاق الـ50 مرشحاً، كل ذلك وغيره يؤكد بأن الحياة السياسية الديمقراطية ليست جديدة على سورية، بل هي تجربة عمرها عشرات السنين كفلها القانون، وعمقتها التعددية السياسية، واحترام المواطن لحقوقه وواجباتها المنصوص عنها في الدستور وتمسكه بها.
واليوم كون سورية ما زالت في حالة حرب، ومعركتها ضد الإرهاب والقوات الأجنبية الغازية والداعمة له لم تنته بعد، فالسوريون متمسكون باستحقاقاتهم الوطنية والسيادية أكثر فأكثر، وماضون في إجراء انتخاباتهم الرئاسية في الموعد الدستوري المحدد، وذلك لأن هذه الانتخابات محطة مهمة في تاريخهم الحديث، وهي جزء من المعركة التي يقودها جيشنا العربي السوري ضد الإرهاب وداعميه، وفي الوقت نفسه تعد رداً حاسماً على العقوبات الاقتصادية الأميركية والأوروبية