رغم تضارب الأخبار القادمة من محادثات فيينا الخاصة بالاتفاق النووي مع إيران، يبدو أنه لا مناص أمام الولايات المتحدة الأميركية من العودة للاتفاق الذي انسحبت منه عام 2018 بتحريض من “إسرائيل”، بعد أن فشلت كل ضغوطها وعقوباتها وتهديداتها لإرغام إيران على القبول بشروط بعيدة الصلة بالموضوع النووي، ورغم وصف مستشار الأمن القومي الأميركي جيك سوليفان المفاوضات الجارية “بغير الواضحة”، إلا أن إصرار إيران على التمسك بحقوقها النووية وعدم تنازلها عن شرط رفع العقوبات قبل العودة للاتفاق يجعل الأمور أكثر من واضحة ويضع الكرة في الملعب الأميركي، وسواء جرى الحديث عن “صفقة” جديدة أم غير ذلك، فإن طريق الحل بات واضحاً تماماً، وما على واشنطن سوى التراجع عن الخطوات الأحادية التي أجهضت الاتفاق.
المصادر الإيرانية المتابعة لمفاوضات فيينا تؤكد قرب التوصل إلى اتفاق جديد، حيث من المرجح أن تبدأ واشنطن برفع عقوباتها عن قطاعي النفط والمال الإيرانيين وأن تفرج عن الأموال الإيرانية المجمدة في بنوكها، قبل أن تتراجع طهران عن خطوات اتخذتها مؤخراً مثل رفع نسبة تخصيب اليورانيوم أو زيادة أجهزة الطرد المركزي أو تقييد حركة مراقبي الوكالة الدولية للطاقة الذرية.
تبدو واشنطن في سباق مع الزمن من أجل العودة الكاملة للاتفاق، ولا يستبعد أن تصبح المفاوضات مباشرة في مرحلة ما لتسريع إنجاز ذلك، قبل أن تدخل عوامل معرقلة على الخط، حيث أفرغ الكيان الصهيوني كل ما في جعبته من خطط دنيئة “اغتيالات وعمليات تخريب واعتداءات على مصالح إيرانية” لجعل هذا الأمر غير ممكن، ولكن مخططاته فشلت بسبب ثبات إيران في الدفاع عن حقوقها، وحاجة إدارة بايدن لتسوية هذا الملف لتركيز اهتمامها على جبهات صراع وتنافس مفتوحة مع كل من روسيا والصين، وسحب قواتها من أفغانستان.
الدرس المهم الذي لقنته إيران لخصومها خلال السنوات الماضية هو أن حقوقها وحقوق شعبها غير قابلة للمساومة ولا يمكن التفريط بها بأي حال من الأحوال مهما اشتدت الضغوط والتهديدات، ما يعزز الثقة أكثر بقوة إيران وحكمة قيادتها وثباتها على مواقفها وعدم خضوعها للضغوط والابتزاز، وهو في المقابل درس عظيم الفائدة لكل صاحب حق ولكل شعب يناضل من أجل حقوقه ومصالحه.
البقعة الساخنة- عبد الحليم سعود