ثمة مبرر اليوم يعود بي إلى كلام قلته هنا في صحيفتنا الثورة ربما منذ عام أو أكثر حول مناسبات الأعياد للسوريين وطقوسها ، والدافع أو المبرر هو أن تجتمع هذه الأيام مناسبات كثيرة في وقت واحد بدءاً من شهر رمضان المبارك بذكرياته ودفئه وبركته وهو شهر التعبير عن الإرادة والصبر حيث تتصافى القلوب وتتبدّل المشاعر إلى الحبّ وتسمو النفوس عن كلّ خلاف لتزهو الدنيا بألوان رمضان ، وفي نفس الوقت يأتي الفصح المجيد على غير العادة حيث طقوس العيد و طيلة سنوات الحرب على سورية متشحة بالآلام والأوجاع لكنّها في الوقت نفسه مملوءة بالأمل والروحانية فالكنائس تفتقد المصلين وتقتصر الصلوات على عدد قليل من رجال الدين والمشهد ذاته طوال سنوات الحرب بسبب تهديد القذائف والتفجيرات والحصار وكل أشكال الحروب التي استهدفت سورية والشعب السوري وجاء وباء كورونا عاملاً إضافياً لاستمرار المشهد ، والمناسبة الأخرى التي جاءت أمس لتعانق رمضان المبارك والفصح المجيد هي مرسوم العفو الذي أصدره السيد الرئيس بشار الأسد وما حمله من دلالات التسامح وهو في نفس الوقت رسالة واضحة للعالم كلّه تؤكد الحرص على وحدة الدولة والمجتمع الذي اتسمت به كلّ قرارات السيد الرئيس .
أيام الأعياد والتسامح والتفاؤل هذه تجعلنا نشعر بالحنين إلى طقوس الأعياد الدينية والاجتماعية والمناسبات الوطنية التي كنا نعيشها و اعتدنا عليها بتعددها وتنوعها وكلّها تدعو إلى المحبة والتماسك الاجتماعي ومساعدة الفقراء والمحتاجين وفعل الخير الذي لا يعرف الفرق بين الأديان. وإذا كنا في سنوات عمرنا وإلى وقت ليس ببعيد لا نعرف بين زملائنا وأصدقائنا من هو مسلم ومن هو مسيحي حتى أن الأمر امتد مع الزمن إلى أكثر وأبعد من مراحل عمرنا الأولى ، وأصبحنا نتبادل التهاني والمعايدات عبر وسائل التواصل الاجتماعي التي ساعدت على تقديم أنواع جديدة من خلال الصور ومقاطع الفيديو ونرسل معايدات ونجري اتصالات مع أصدقاء لمعايدتهم في مواعيد لا تتطابق مع مواعيد أعيادهم وهذا ليس فقط لأننا لا نعرف متى يكون عيد كل صديق من أعياد الطوائف المسيحية، وإنما هو شعور ترسخ في ثقافتنا بأن أي عيد هو مناسبة لمشاركة الجميع فيه.
نعم نعرف الأعياد ومواعيدها ونعرف في كلّ عيد لمن نتوجه لمعايدته لكن هذا طبعنا وهذه ثقافتنا ورسالتنا الإنسانية والحضارية والوطنية التي تعلمناها في وقائع حياة الأسرة السورية الكبيرة.
ولذلك لم تكن غصة الأعياد هذا العام مقتصرة على طوائف معينة وإنما أوجعتنا الظروف القاسية والكورونا لأنها منعت الأعياد من أن تكون للجميع.. لكن الأمل كبير بأن تعود حياتنا الجميلة إلى ما كانت عليه دائماً، لتبقى كلّ الأعياد لكلّ السوريين.
الكنز- يونس خلف