لم ترتبك بوصلة دمشق يوماً

 الملحق الثقافي:نصّار إبراهيم *

يقول الشيخ في رواية “حنظلة الراكض على حافة البحر”: نعم، إنه ولدٌ لا ييأس، وبوصلته لا تحرف وجهَتها، ويُحزنه حدَّ القهر أن تتوه بوصلة البعض.
– وهل حدث ذلك؟ سأل البحار..
حدث ذلك في الشَّهر الخامس من عامِ القتل الخامس، حين نهض الولدُ فجراً في مخيم اليرموك، وكان النّدى يغمرُ بوصلة الولد.. نظر إليها وتساءل:
– لِمَ الدمعُ صباحاً!؟.
قالت البوصلة: هو ندى الحزن، على سفنٍ تبحرُ في بحرٍ خاطئ.
– كيف؟.
– هل تذكر مقبرة الشُّهداء في مخيَّمِ اليرموك؟.
– نعم أذكرها، تنامُ على صدر دمشق، وفجراً في الأعياد تمتلئ بالأمّهات، وباقاتِ الآسِ وورْدٍ بلديّ. كنت لا أميّز فيها بين أمّ فلسطينية وأخرى سورية، فكيف أميِّز في غبشِ الفجر، بين وجوهٍ من ذاتِ الطينة واللون، وذات الحزن وذات الفقد!؟.. أمهاتٌ يعانقن شواهدَ شهداء، ويقلن ذات القول: استشهد من أجل فلسطين، أو من أجل دمشق.. لا فرق.
قالت البوصلة: إذن كيف لا أبكي، ودمشق تنزف دمها برصاصٍ يأتيها باسمِ فلسطين، وباسم “الله”؟.. فهل حارت أو ارتبكت بوصلة دمشق يوماً!؟.
– لا أذكر ذلك أبداً.. ما أعرفه أن دمشق، لم تُرسل لنا يوماً إلا من يرفع الرأس، فذات يوم من ثلاثينيّات القرن الماضي، أرسلت لنا شيخاً اسمه “محمد عزِّ الدين القسَّام” من جبلة، فقاتل الإنجليز ومعه سبعة رجالٍ في أحراش “يَعْبَد” حتى سقطوا جميعاً.. كما أرسلت لنا من حلب في ستينيّات القرن الماضي، مطراناً اسمه “هيلاريون كبوجي”، فاعتُقل وشُرِّد، لكنه بقي يحرسُ القدس حتى رحل.
قالت البوصلة: لهذا يغمرني الدمعُ، فكيف لي أن أفهم رصاصة تخطئ خطَّ النار وخطَّ السَّير، فـ “عكا” واضحة، و”حيفا” و”الكرمل” و”يافا” و”صفدٌ” أيضاً. فلماذا تغيِّر البنادق وجهتها نحو الشام! ومنارة قدس الأقداس، لا تخطئها العين، لا في الليلِ ولا في الفجر، لا في المدِّ ولا في الجزْر!؟.
يومها جلَّل الحزنُ قلبَ الولد، فاختلط الندى بالدمعِ بماء البحر، وفاض الحزن حتى غطّى وجه البحر الشاسع.
صمت الشيخ قليلاً ثم قال: ومع ذلك، لا تحزن أيها البحَّار، قد ترتبك البوصلة أحياناً، بوعيٍ أو دونه، لكنها سرعان ما تستعيد وجهتها، وتمضي حيث يجب”.
 *كاتب وروائي فلسطيني – فلسطين

التاريخ: الثلاثاء4-5-2021

رقم العدد :1044

 

آخر الأخبار
وزير المالية: منحة سعودية تصل إلى 60 بالمئة ضمن تمويلات الصندوق للتنمية في سوريا  تمديد ساعات عمل باصات النقل الداخلي في اللاذقية  تحديات تعوّق تنفيذ المخطط التنظيمي للواجهة الشرقية للكورنيش البحري بطرطوس   وزير التعليم العالي لـ"الثورة": 40 جهاز غسيل كلية في الخدمة قريباً  باراك: نعمل مع شركائنا لبناء سوريا موحدة وآمنة فيدان: لا تفاوض تحت تهديد السلاح وتركيا ترفض شرعنة الكيانات المسلحة في سوريا  المئات من أهالي العنازة بريف بانياس يقولون كلمتهم: سوريا واحدة موحدة ويجمعنا حب الوطن مشاركة لافتة للمغتربين في "كيم أكسبو".. أثبتوا جدارتهم في السوق الدولية فرنسا تلغي مذكرة التوقيف بحق المخلوع  الأسد وسط تصاعد المطالبات بالمحاسبة الدولية فعاليات من اللاذقية لـ"الثورة": سيادة القانون والعدالة من أهم مرتكزات السلم الأهلي وزير الاستثمار السعودي يطلع على الموروث الحضاري في متحف دمشق الوطني مذكرة تفاهم سياحي بين اتحاد العمال وشركة "لو بارك كونكورد" السعودية كهرباء ريف دمشق تتابع إصلاح الأعطال خلال يوم العطلة وزير الاستثمار السعودي يزور المسجد الأموي محافظ درعا: استقبلنا نحو 35 ألف مهجر من السويداء ونعمل على توفير المستلزمات باريس تحتضن اجتماعاً سورياً فرنسياً أمريكياً يدعم مسار الانتقال السياسي والاستقرار في سوريا فيصل القاسم يدعو إلى نبذ التحريض والتجييش الإعلامي: كفانا وقوداً في صراعات الآخرين الحفاظ على السلم الأهلي واجب وطني.. والعبث به خيانة لا تغتفر  الأمن الداخلي يُجلي عائلة أردنية علقت في السويداء أثناء زيارة لأقاربها "الصمت الرقمي".. كيف غيّرت وسائل التواصل شكل الأسرة الحديثة؟