الملحق الثقافي:هفاف ميهوب:
كيف تتمّ برمجة الواقع، عبر مخطّطٍ يهدف إلى جعل الشعوب تعيشه بشكلٍ وهميّ؟!!. كيف يتمّ التلاعب بهذه الشّعوب، عبر جماعاتٍ سرّية، تنفّذ مخطّطاتٍ عالميّة؟!. أين يذهب العالم، ومن يقوده، وكيف سينتهي به المطاف؟..
أسئلة، أجاب عنها الإنكليزي “ديفيد إيك” في كتابه “آليات المؤامرة الكونية – لتركيع شعوب العالم”. الكتاب الذي ركّز فيه، على عالم الحواس الخمس، الأسماء والتواريخ والأماكن، والمستوى الذي وصل إليه الناس، في “اللعبة الكونيّة”.
أجاب على كلّ ذلك، منوّهاً في مقدمة كتابه، إلى أن ما توصّل إليه عبر بحثه، وهو المعروف باهتمامه بكشف حقائقِ ما وراء الستار، ومن يحكم العالم ويتحكّم بالبشر، هو أنَّ علينا، ولكي نفهم هذه اللعبة، أن نعرف مثلاً، كيف ولِمَ حصل “غزو العراق” وكذلك ما سمّي “الحرب على الإرهاب”، وكيف أن مستويات التلاعب بالعقول والسيطرة عليها، وثيقة الصّلة ببعضها بعضاً.
“الصحو على وسائلِ إعلام
منعدمة الضَّمير”
فصلٌ، يبدأه “إيك” بموجزٍ عن حياته، وكلاعبِ كرة قدمٍ، انتهى مستقبله الكرويّ، بسبب إصابته بالتهابٍ في المفاصل، تسرّب إلى كلّ أنحاء جسده، إلى أن خُيّر ما بين التوقّف أو مواجهة الحياة على كرسي متحرّك، ليتحوّل وبعد أربع سنوات من الإصرار على الاستمرار، وبعد تأزّم حالته، من لاعبٍ إلى مقدّم برامج.
عمله في التلفزيون، كمراسل أخبار ومقدّم برامج لقناة الـ “BBC” الإقليمية والوطنية، جعله مشهوراً في هيئة الإذاعة البريطانية. مع ذلك، ولأنه اكتشف أنه “إعلاميّ يرفض النفاق”، أعلن بأن هذه الوظيفة:
“سرعان ما فقدت الوظيفة جاذبيّتها، بعد أن اكتشفت أن التلفزيون هو عالم عميق النفاق، مملوء بأشخاصٍ غير موثوقين، وغالباً سطحيّون، وأحياناً خبثاء. إن عملي هذا، فتح أمامي آفاقاً ترى ما يحدث في الإعلام من تلاعب، وغالباً سطحيّةٍ كاذبة، سواء على الشاشة، أم فيما بين العاملين فيه”.
إنه ما جعله على درايةٍ بما يحدث حوله، رافضاً الرضوخ أو التحوّل إلى منافقٍ كأولئك الذين رآهم، ما كان سبباً في إنهاء الـ “BBC” لعقد عمله، وإحالته إلى القضاء، بعد ثماني سنوات من عمله فيها.
هنا يشعر بنوعٍ من الحريّة، وبأن حياة انقضت لديه، وبدأت حياة أخرى، ذلك أن “العمل في وسائل الإعلام منعدمة الروح والضمير، أصبح كابوساً يوميّاً”.
كلّ ذلك أطلقَ لديه، وبعد أشهرٍ من انهياره مهنيّاً وعقليّاً، فكرة أن يعيش ليبحث عن الحقائق، فقد كان يشعر بأنه يرى ما وراء الواقع، الذي يحاول من يتحكّمون به، إرساء النظرة المحدّدة له.
شعر أيضاً، بأن مستوى وعيه وإدراكه اتّسع، وبأن “العالم الذي كنّا نعتقد أنه عالمٌ حقيقي، ما هو إلا وهمٌ خادع”.
بدأ بالتحقيقات، وتمكّن من زيارة أكثر من أربعين دولة، جمع فيها مجموعة كبيرة من المعلومات التي أشار إلى أنها: “تتعلّق بعملية التلاعب العالمية، وبواقع الحواس الخمس، وقد شملت هذه المعلومات، أسماء وتواريخ وأشخاصاً، وكذلك نقاط اتّصال خفيّة تربط بينهم، وكانت تبدو بشكلٍ ظاهريٍّ، غير متّصلة ببعضها، لقد أدرك أن “المتلاعبين في هيئتهم المادية والجسديّة، ما هم إلا قطع شطرنج في أيدي قوى معيّنة، لا يراها النَّاس رغم شدّة وقوّة، حواسهم الخمسة”.
“مؤامرة الحاسّة الخامسة
– شبكة الخداع”
يؤكّد هنا، أن فهم الخلفيّة التي ارتبطت بالأحداث العالمية المعاصرة، بما فيها أحداث الحادي عشر من سبتمبر، تطلّب منه البحث وفهم العديد من الموضوعات، التي وإن بدت غريبة وغير مقبولة في واقعنا المحدود، إلا أنها باتت واضحة لديه، فهناك شبكة من السلالات البشرية المختلطة، تعود إلى الماضي القديم، قد فرضت سيطرتها على البشر، ولاتزال حتى اليوم.
إنها “ديكتاتورية عالمية شاملة”، تمارس هيمنتها على مرأى من الجميع، وإن لم يعرف الناس حقيقة ما يحدث، سيتمّ خداعهم، كما حصل في أحداث الحادي عشر من سبتمبر، والعديد من الأعمال الوحشية الأخرى، والحروب والمجاعات التي يتحدّث عنها الإعلام يومياً.
لقد اكتشف أن الحقيقة التي يجب أن يعرفها الجميع، أن “التاريخ الذي رويَ عن أحداث سبتمبر، هو شيءٌ كاذب، وقد تمَّ التبريرُ الكاذب أيضاً، لحروبِ الغزو التي تتالت عبر الأزمنة، والتي أودت بحياة خمسة آلاف أفغاني على الأقل، قتلتهم الولايات المتّحدة، بسبب القصف البريطانيّ الذي لم يكن أبداً للقبض على بن لادن.. إنها كذبة، وتمَّ تصديقها، وكانت نتيجة ذلك، استمرار عمليات القتل والقصف والانتهاكات”.
اكتشف “إيك” أيضاً، أن ديكتاتوريّة الولايات المتحدة الأميركية، يتمّ السيطرة عليها عبر التسلسل الهرمي للمتآمرين، ممن يستخدمونها لتحقيق الغزو العالميّ، الذي تمّ التخطيط له دائماً، بدعوى الحرب على الإرهاب، التي رأى بأنها:
“ذريعة زائفة للسيطرة على أيّة دولة يمكنهم تشويه صورتها، من خلال إعلام المتآمرين البائس والمثير للشفقة. إن هذا الاتجاه الذي تمّت السخرية منه كثيراً، كشف الآن عن السياسة الوحشية للعولمة، التي تهدف إلى تأسيس دولة عالمية يتمُّ فيها إملاء كلّ شيء، من قِبل القلّة المتمركزة، وأي شخص سوف ينسلخ عنها، سوف يتمّ التعامل معه، كما هو الحال في أفغانستان والعراق، وبعض الدول الأخرى…”.
يشير هنا، إلى أن من يقف وراء الكثير من الأحداث العالمية، هم هؤلاء القلّة، وعبر شبكة سرّية يتمّ التحكّم بها، من قبل مجموعة مختلطة من الأسر والعائلات القديمة التي تسمى “عائلات النخبة”، وتشمل عائلات “روتشيلد، وروكفلر، وبيت لورين، وهابسبرغ، وغيرهم ممن يزعمون بأنهم من نسل آلهة العالم القديم، وهم من وصفهم:
“أشقاء الدم.. يفعلون جميعهم الشيء نفسه، حتى يومنا هذا.. لقد قاموا بالذهاب إلى العديد من الدولِ من أجل تعزيز قوّتهم، وقد أصبحوا رؤساء دولٍ ووزارات في الولايات المتحدة الأميركية، استحوذوا على البنوك وعلى الإعلام، وسيطروا على الجيش.. يتلاعبون بالعالم، ويفرضون السيطرة عليه.. إنهم، إرهابيون مستبدّون، ويتظاهرون بأنهم ضد الاستبداد والإرهاب.
“الاتّصال بإسرائيل..
بوثائقٍ غير نظيفة”
في بداية هذا الفصل، يقدم الكاتب مثالاً على هذا الاتصال، وثيقة “الاستراحة النظيفة”. كتبها “ريتشارد بل” قبل ستة أشهر من غزو العراق، ومن أجل الحكومة الاسرائيلية القادمة لـ “نتنياهو” الذي تنصحه الوثيقة، بتبنّي استراتيجية جديدة تعتمد على مؤسسة فكرية جديدة تماماً، تقدم التدابير اللازمة لإشراك كلّ الطاقات الممكنة، من أجل إعادة بناء الصهيونية.
هذه الاستراحة، نسخة طبق الأصل عن مخطط العمل الذي قُدّم بعد أربع سنوات من إدارة بوش، من خلال مشروع القرن الأميركي الجديد، وهو أمرٌ لا يعتبره “إيك” غريباً، لطالما كاتبا الوثيقتين، هما ومنذ عهد بوش، في قلب الحكومة الأميركية..
إنها الحركة السياسية الصهيونية، التي تقول وثيقتها: “إن اسرائيل ستتجاوز خصومها، ولتحقيق ذلك، عليها أن تكسب التأييد الأميركي الكبير، لسياساتها الجديدة”.
كاتب هذه الوثيقة، هو أحد العناصر الأساسية في شنّ الحرب على العراق، إضافة إلى عناصر أخرى، هم في طليعة الأجندات الأميركية، لغزو الشرق الأوسط، وتشويه صورة العرب.
كل ذلك، وثّقه “إيك” معتمداً في أدلته، على سياسيين ومحامين ومقرّبين من هذه السياسات، ورافضين لمخططاتها، وقد أكدوا له:
“إن هجوم الولايات المتحدة على العراق، بحجة وجود أسلحة دمار شامل، وأسلحة سامة، يمثّل مهزلة وعبثاً، حيث كان اثنان من أكبر مروّجي الأسلحة النووية والسامة، هم من يدعون للحرب، وهم أميركا وإسرائيل”.
هو يعلم بأنها الحقيقة، وبأن قولها يُعتبر جريمة عنصرية، لدى هاتين الدولتين المجرمتين، اللتين أشار إلى أنهما “اختلقتا الأعذار لتنفيذ المذابح الجماعية والسيطرة، وكرّرتا مراراً وتكراراً، نفس المؤامرة التي استهدفوا فيها العراق، من أجل الوصول إلى الهيمنة العالمية”.
“شبكاتُ إعلامٍ..
تمارسُ البغاء الفكري”
بالتأكيد هي وصمة عار، تدين هاتين الدولتين اللتين ترفضان النقاش الشرعي، وتعملان على التلاعب بعقول الجهلاء، والعقول التي لا تجادل فيما يتعلق بالاحتجاجات المناهضة للسامية..
إسرائيل، والولايات المتحدة، التي كانت وكما قال محامٍ في البيت الأبيض: “مسيطرة تماماً، إلا في حالة إسرائيل، وقد أصبحت إسرائيل هي من يسيطر عليها”.
يعود “إيك” إلى الخطة التي اعتمدتها هاتان الدولتين لغزو العراق، وقبلهما غزوهما لأفغانستان التي قتل فيها 5000 مدني على الأقل، تمهيداً للمرحلة المقبلة من الهيمنة العالمية. يتحدث عن زيفِ الإعلام المضلّل الذي اعتمدوه، ورآه عندما كان في الـ “BBC” وغيرها من الشبكات التي قال عنها:
“شبكات الإعلام الأميركية، مثل “إي بي سي” و”إن بي سي” و”سي إن إن” و”فوكس” وغيرها، هم إهانة لكلِّ البشر، وأولئك الذين يأخذون الدولارات من الطرق الملتوية، ويقدمون العطاءات الخاصة، ينخرطون في البغاء الفكري. صدِّقوني، هناك فظائع تمّ استبعادها من هذه الحرب، فهل هذه هي الصحافة، أم هي التغطية؟!!.. هناك فرقٌ كبير بينهما، والحصول على إمكانية الوصول، لا يعني إنك تحصل على القصة، بل على ذراع أو ساق قصة، وهذا ما حصل عليه، إعلاميو تلك المحطات..”.
حتماً، هناك الكثير الكثير مما قدمه “إيك” ولايمكن إيراده كلّه. لكن، لا أبشع ولا أخطر من دولة تدّعي الديمقراطية، في الوقت الذي تشير فيه تقارير المنظمات والأبحاث التي قام بها كُثر من الإعلاميين والكتّاب، إلى أن أكثر من ألف طفلٍ عراقيّ، لقوا حتفهم بالقنابل العنقودية، فما بالنا بالأفراد ممن تعرّضوا لأكثر من هذه الإصابات في حربٍ جحيمية ووحشيّة؟..
لفٌّ ودوران..
والكذبة تجوب نصف العالم
“بدل قول الحقيقة الخاصّة بعواقبِ الحرب، فإن ملفّقي القصص التابعة للبنتاغون، يؤلفون القصص مباشرة، مستمدين إياها من فيلمٍ هوليودي، ومن الضروري أن تعرف أساليبها لأنها، من المقرّر أن تنكر عدّة مرّات، من أجل السيطرة العالميّة”.
هكذا بدأ “إيك” هذا الفصل، مقدّماً الكثير من الأمثلة عن القصص التي لفّقها البنتاغون، والتي لا تتعلّق بأشخاص غرَّرت بهم دعاية الحرب فقط، وإنما أيضاً بمعلوماتٍ أخفت حقيقة الخسائر التي لاتعدّ ولا تحصى.. فعل ذلك، هادفاً إلى تبيان حقيقة هذه الدعاية التي وجد بأنها:
“لم تكن تخفي عدد القتلى والإصابات التي يتعرّض لها المدنيون فقط، بل وتحافظ على سريّة عدد الجنود الذين لقوا حتفهم، فكلّما انخفض عدد الضحايا من المدنيّين والعسكريين، ازداد دعم الحروب القادمة..
نعم، إنها خطط الخداع، التي استخدمها المسيطرون على وسائل الإعلام الرئيسية، وقلائل من عرفوا الحقائق، ومنهم “إيك” الذي رآها مثيرة للسخرية، وتعتبر التلاعب بالمعلومات أهم أسلحتها للسيطرة على الناس.. “تتحكّم بقنواتٍ، توجّه عبرها مخطّطها، وإن أخطأت هذه المحطّات، يُقال مديرها التنفيذي، وتصاب بالضرر والملاحقة”.
أطلق على ذلك، “تدمير الرهان”.. أي إخفاء الأدلّة الإجراميّة والحقائق التي تشي بلصوصيّة العقلية التسلّطية، وهيمنتها على العالم، بل وعلى الوسائل الإعلامية التي تسعى لإخضاعها والهيمنة على سياستها.
باختصار: يكشف الكتاب عن آلياتِ وأبعادِ ومستويات ومخطّطات، المؤامرة الكونية التي يقودها اليهود، من خلال الجماعات الماسونيّة، وأذرعها الأخطبوطيّة، وحلفائها من الرؤساء والملوك والقادة السياسيّين، الذي هم مجرّد دمى يتمُّ وضعهم على قمّة السلطة، لأداءِ الدور المرسوم لهم. الدور الذي تمّ إعدادهم ليلعبوه، والذي جعل ملامح مؤامراتهم، تتبلور في سياسات الدول الخاضعة لسيطرة هذه الجماعات، كالولايات المتّحدة وحلفائها.. أميركا التي لا يكاد يوجد رئيس في تاريخها، لم ينفّذ الدور المرسوم له في هذه المؤامرة الكونية..
التاريخ: الثلاثاء4-5-2021
رقم العدد :1044