حين كتبت شيئاً عن قوة الدولة السورية التي هي من قوة الشعب، ومن تاريخ حضاري وثقافي وفكري، ودور لم ليكن لولا التضحيات والبذل والفداء علق أحد الموتورين قائلاً: وما هذا الفائض من الوطنية عندك؟.
أقضني التعليق، وشعرت بمرارة أن يفعل ذلك أحد ما، شرب من ماء الوطن، أكل خبزه، عاش تحت سمائه، وأخذ ما أخذ، لكنه باع نفسه للشيطان، وليت الشيطان قبله كبضاعة يمكن استعمالها أكثر من مرة، لكن سرعان ما انتهى الانقباض بلحظة توقدت، حملت كل معاني القدرة على استحضار ما قوة الفعل الماضي والحاضر وما سيكون، أيار شهر العمل، ما بين الشتاء والصيف، مرحلة العبور من الزرع إلى النضج فالحصاد .
عيد العمال، ومن أنبل وأكثر قدرة من العمل الخلاق من العامل السوري، الذي يندرج تحت مسماه الجميع، الكل عمال في هذا الوطن، وفي أيار عيد أكرم من في الدنيا، أنبل بني البشر، الشهداء الذين نعيش بدمائهم منذ الشهيد السوري الأول، الفادي الأول، ألم يكن السيد المسيح سوريا، وهو أول فدائي افتدى البشرية؟.
وقس على ذلك، السادس من أيار ليس إلا حلقة من حلقات ترابطت ما بين الماضي والحاضر، والدم السوري مازال يعمد الكون ويطهره، يعيد توازنه، يمهره بخاتم الإنسانية، وهل من خاتم وشهادة أنبل من الإنسانية؟.
على جماجم ومن دم الشهداء السوريين كان الخلاص من المحتل العثماني، ولم يكن إعدامهم كما قال الشاعر الزهاوي:
لعمرك ليس الأمر ذنباً أصابه قصاص لكن يعرب ومغول
بني يعرب لا تأمنوا الترك بعدها بني يعرب إن الذئاب تصول
نعم، لم يكن الأمر ذنباً عادياً بل هو جريمة كبرى كما يراها المحتل، جريمة الكرامة التي يثأر لها هؤلاء الشهداء، ومن قبلهم ثأر السوريين من كل معتد، وظلوا يمضون في مواكب الارتقاء إلى القمم، كل يوم هو عرس شهيد، ونبض مقاتل يعرف كيف يصون تراب الوطن، ليست حكايات عابرة، ولا هي قصة سورية وإن كانت صناعة سورية، إنما هي على درب الجلجلة افتداء للإنسانية وللقيم، ولفعل الحياة، الأثمن والأنقى والأبقى.
كل شهيد سوري حكاية للتاريخ، وكل إنسان في هذا العلم مدين للدم السوري الطاهر، من دم كل شهيد مداد لنا، لهم، للكون كله، أزكى الصلاة على أرواحهم أبداً شهداؤنا، شهداء الخلاص البشري من قيد الظلاميين وطغاة العالم.
معا على الطريق – بقلم أمين التحرير-ديب علي حسن