الثورة أون لاين- ريم صالح:
التاسع والعشرون من أيار يوم لن ينساه السوريون أبداً، حيث جسدت حامية البرلمان السوري في هذا اليوم من عام 1945 أروع الدروس في الشرف، والعزة، والشموخ، والكبرياء، أثبتوا أنهم أبناء سورية الأبرار، وأكدوا للمحتل الفرنسي أنهم أحرار، وكانوا وسيبقون أسياد قرارهم، وبأنهم لا ولن يعرفوا رضوخاً، أو خنوعاً، وإن كان الثمن حياتهم، فأهلاً بالشهادة إذا كانت قرباناً للحرية والكرامة.
ففي الـ 29 من أيار من ذاك العام كشف المحتل الفرنسي عن وجهه الاستبدادي الحقيقي، فلا حرية، ولا ديمقراطية، ولا شفافية، ولا إنسانية في تعامله مع السوريين، وإلا ما معنى كل المجازر والويلات الذي أذاقها لهم طيلة سنوات الانتداب البغيضة؟!.
وبحسب ما وثقه التاريخ وأرشفه المحللون فإنه في أيار عام 1945 ارتكب الاحتلال الفرنسي مجزرة راح ضحيتها 28 شرطياً أثناء دفاعهم عن البرلمان في دمشق.
وفي التفاصيل أنه في ذلك اليوم وجه الجنرال أوليفا روجيه إنذاراً إلى رئيس المجلس النيابي سعد الله الجابري وطلب منه أن تقوم حامية البرلمان بتحية العلم الفرنسي عند إنزاله عن دار الأركان الفرنسية المواجهة للبرلمان إلا أن الجابري رفض هذا الأمر وأوعز لرئيس الدرك في البرلمان بعدم الاستجابة لطلب روجيه.
وعند عدم امتثال حامية البرلمان للطلب الفرنسي طوق الفرنسيون البرلمان بالمصفحات والدبابات، وبدؤوا اعتداءهم على البرلمان وسط مقاومة كبيرة من حامية البرلمان المؤلفة من 30 شرطياً ودركياً واستمروا في المقاومة حتى نفاذ ذخيرتهم.
المواجهات مع جيش الاحتلال الفرنسي أسفر يومها عن استشهاد 28 عنصراً من حامية البرلمان ونجاة اثنين تظاهرا بأنهما قتلا.
ورغم كل الجرائم والمجازر التي ارتكبها المستعمر الفرنسي، إلا أن الشعب السوري صمد وقاوم هذا المستعمر وقهره، فاندحر المحتل، وبقيت سورية الصامدة، بعزتها وشموخها، ترفض الاستسلام والخنوع لأي مستعمر وغاز ومحتل، وها هي اليوم تواجه الاستعمار الغربي بلبوسه الجديد، وتقهر مرتزقته الإرهابيين، وتنسف المخططات والمشاريع التقسيمية التي أعدتها دوائر الاستخبارات الصهيو-أميركية، وجيشها البطل يواصل إلى جانب قوى الأمن الداخلي التصدي للإرهاب، بكل عزيمة واقتدار، وإيمان قوي راسخ بأن ساعة إنجاز النصر الكامل على الإرهاب وداعميه قد اقتربت، فسورية ستبقى كما كانت على الدوام حصن الكبرياء وقلعة المجد المكللة بغار الانتصار.
ويبقى اللافت هنا هو الصمود السوري الأسطوري على مر التاريخ، فقدر السوريين على ما يبدو أن يواجهوا الغزاة، والمحتلين، والطامعين، ويدفعوا ثمن حريتهم، واستقلالهم، وسيادتهم من دمائهم الزكية الطاهرة.
لذلك لا نستغرب اليوم كل ما تتفوه به خارجية نظام الانتداب الفرنسي من حماقات حيال الدولة السورية، وما تقوم به وتمارسه من تحت الطاولة وفوقها من سياسات تدعم الإرهاب، والقتل، وسفك الدماء، فهذا النظام سليل محتلي الأمس، وبناء عليه فإن من يحاول حشر أنفه في الشأن السوري، والمساس باستقلالية السوريين، هو من أحفاد مستعمري الأمس، ومن شب على الاستعمار واستعباد الشعوب شاب عليها.
ولكن الأمر المحسوم لنا جميعاً هو أن السوريين باقون ما بقي الدهر، فيما المحتل الفرنسي، ولاحقاً التركي، والأمريكي، إلى مزابل العار والذل، شاء من شاء وأبى من أبى