الملحق الثقافي:إلهام سلطان:
الفن حاملٌ أساسيّ للرسالة الإنسانية، للرسالة الحضاريّة، للرسالة الإبداعيّة، فهو اللغة التي استطعنا، وعلى مدى التاريخ، أن نتعرّف من خلالها على الحضارات السابقة.
“معاً نحو غدٍ مشرق”.. يترجم كلّ هذه الرسائل، وهو عنوان المعرض الذي أقامه “اتحاد الفنانين التشكيليّين في سورية، في صالة الشعب للفنون الجميلة بدمشق، وبرعاية وزيرة الثقافة الدكتورة “لبانة مشوح”.
شارك في المعرض، مجموعة من الفنانين التشكيليّين السوريين، من كافة المحافظات السورية، وقد رسموا بحبرِ ريشتهم، وصلصال ألوانهم، تقاسيم نصر قاسيونهم وزهوهِ وشموخه.
عبّروا بإشراقةِ شمس سوريتهم، عن فرحتهم بالاستحقاق الرئاسيّ الذي أتى تتويجاً لانتصاراتِ وتضحيات جيشهم، وصمود قائدهم وشعبهم وكان شعارهم جميعاً: الأمل بالعمل.
إنها رسالتهم، كتبوها بتبرِ ريشتهم المعمّدة بحبّ الوطن.. لوّنوها بالغارِ وكلّلوها بعلمِ بلادهم الذي يعانق الشَّمس، الفرح، الحب، الأمل، المرأة، قاسيون. رمّز صمود الكبرياء لديهم، والذي نثروا مفردات الحياة وبوح شقائق النعمان على جبينه قوافي ضوءٍ، أدركوا ومُذ استيقظت أعين الحياة فيهم، بأنه النور الأبدي فيها ولها.
نعم هي رسالتهم، وتحيّتهم وفرحتهم.. رسالة وتحيّة وفرحة التشكيليين السوريين، بفوزِ قائدهم في الانتخابات التي واكبوها بمشاعرٍ جيّاشة، أغدقوها بكافة اختصاصاتهم ومدارسهم الفنيّة، وأطيافهم المتنوعة في تعبيرها عن فرحتهم بالنصرِ الذي نثروا ورده يزيّن أعمالهم، ويتعطّر بالوطنِ المعتّق في قلوبهم أبد عشقهم لسوريّة.
المعرض جميلٌ جداً، وأجمل ما فيه مشاركة فنانين من كافة المحافظات السورية.. فنانون لم يغادروا بلدهم أبداً، وأبوا إلا أن يستمروا وعلى مدى الحرب، في رسمِ الأمل الذي أحضروه معهم إلى المعرض، إيمانا منهم بأن الضوء لابدّ أن يسطع من جديد، مبشراً بانتصاره على الظلام الذي مثلما هزمته إرادة شعبهم وجيش بلادهم وحكمة قائدهم، هزمته ألوانهم والمواضيع التي أعلنت لكلّ العالم، بأنها استبقت الآتِ بيقينها، أن النصّر والحياة والحق، سيكون لغدهم.
الغدُ المشرق بالأمل بالعمل، وهو ما عبروا عنه بفرحٍ وسعادة، مؤكّدين بأن الوطن ما زال ينبض بالحياة وسيبقى، وسيعيد تضميد جراحه، وبناء كلّ ما هدّمته الحرب التي كانت ظالمة وموجعه، في سعيها لخنقِ أفراحه.
إنه الغدِ الذي رأيناه عبر لوحات الفنانين المشاركين، التي لوّنت سوريّة بألوانِ الشمس المشرقة، مجسّدة قوّة نورها، رغم تكاثف الغيوم السوداء حولها..
لوحاتٌ ولوحاتٌ، تنشر الجمال والحياة والورد.. تبشّر بولادةٍ جديدة، تشرق الأرواح السوريّة منها، لتؤكّد ثقتها وتأييدها وولائها، للقائدِ الاستثنائي، في صموده ووقوفه مع شعبه الذي وعده بغدٍ أجمل، يدعو إلى الارتقاءِ بالعمل المبدع والراقي.
أما لوحة “معاً نحو غدٍ مشرق”، فهي عبارة عن مجموعة من النساء السوريات، ويشي ذلك بأهميّة المرأة كرمزٍ للأرض وللخصوبة والبقاء.. للحياة والأمل والحب والعطاء.
لوحاتٌ تنظرُ المرأة فيها إلى السماء، حيث الأفق البعيد المحمل بالأمل، وتنظر أخريات نحو الشّمس، فتشرق أكثر متجدّدة بالجمال والعمل.
أياديهنّ ممدودة نحو مدى لا حدود لما يهبنه إياه، متسربلاتٍ بالضوءِ والدفءِ والخير.. ووراءِ كلّ منهن، لوحة بالأحمر البرتقالي، كنايةً عن دمِ أبنائهم.. الشهداء الذين قدّموا أرواحهم في سبيلِ عزة وكرامة الوطن، والحفاظ على كينونته وصيرورته.
هناك لوحة، تجسّد مسيرة شعبيّة تتصاعد ألوانها متماهية مع ألوان العلم السوري، مع اللون الأحمر ومشتقاته، وهي حالة من الفرح، وفيها مساحاتٌ متداخلة بانسيابيةٍ جميلة.
لوحة للخطِّ المرسوم بالشكل التشكيليّ، وهو مدلول لأبعاد الكلمة، والمساحات اللونية المشرقة باللونِ والمساحة.. لوحة تجسّد النبض القرمزي وتداخل جمال الألوان، وأخرى تستدعي الطبيعة بكلّ رونقها وحالاتها.. رقيٌّ وطمأنينة وأملٌ وحياة، وغير ذلك مما يرمز إلى الغدِ المشرق والواعد، بالأمنِ والحبّ والسلام.
أغلب اللوحات المشاركة، تجسّد حالات من طرح العناصر بأسلوبٍ مبسّط جداً، وضمن مساحاتٍ لونية جميلة، تتراوح بين الأحمر والأخضر، ثم الأزرق فالأصفر المشعّ.
باختصار: قدّم المعرض لوحاتٍ رائعة في ألوانها ودلالات مضمونها، مؤكداً أن الفنان السوريّ، هو الرائدُ في الفن التشكيلي، وبصمته بالغة التأثير والمكانة التي تجاوزت حدود الوطن، معلنة بأن رسالتها عالمية باقية.
رسالة ابن الحضارة العظيمة التي عمرها آلاف السنين. ابن سورية الذي دلّ في معرضه الذي يحتفي بانتصارها، على تجذره في عمقها وتاريخها وإرثها وإبداعها وفنونها ونورّ شمسها..
التاريخ: الثلاثاء8-6-2021
رقم العدد :1049