الثورة أون لاين – هنادة الحصري:
ثمة سمة بات يتسم بها عصرنا ، أنه عصر الصراخ فالعلاقات الاجتماعية صراخ و الشعارات صراخ و مؤسسة الزواج يحكمها الصراخ ، حوارنا مع أبنائنا صراخ … الخ.
أينما نتحرك نواجه السخط و التذمر و الاحتجاج و الرفض ، الآباء يحتجون على سلوك أبنائهم ، و الأبناء يتذمرون من عقلية اّبائهم ، من النظام الاجتماعي من الكون من … الخ أسئلة كبرى تطرح نفسها عن لماذيا حياة كهذه !!….
كيف نواجه هذه العلاقة البشعة بيننا و بين الواقع و هل تأملنا لهذا الواقع في موضوعية سيؤدي بنا إلى حالة من اليأس لا منجاة منها ؟!…
إن المدقق فيما يجري يرى أن الجميع يدور في دائرة من هموم ذاتية و أحقاد و مأرب و ينفي أن يكون للسعادة دور في حياته بل ولا يجيد تعريف السعادة ….
السعادة هي انسجام الظاهر و الباطن في تناسق جميل و إحساس بالصلح مع النفس و مع المحيط ، السعادة هي الرضا بكل ما يأتي من ألم و فرح فتعاقب الفرح و الألم يجعل للحياة طعما مختلفا .
يقول أحد الفلاسفة : ( السعادة لا يمكن أن تكون في المال أو القوة أو السلطة بل في ماذا نفعل بالمال و القوة و السلطة و السعادة ليست في البيت و لكن في النفس الذي تسكنه ) .
إن الخارج لا يمكن أن يقدم لنا السعادة إذا كنا غير مهيئين داخليا للإحساس بها ، هناك أزمة سعادة في الغرب و نحن نتبع خطاهم فثقافة السعادة تكاد ملغية في معاييرنا الفكرية فايقاع الحياة المعاصرة و ارتكاسنا له بالنزق و التوتر يجعلنا نفتقد السلامة النفسية فهي من سلامة الإنسان ككل .
و أتساءل لماذا ننظر للغير و نقارن أنفسنا و كأننا نعاقبها بما لدى الاّخرين ؟!!..
لقد اكتشف باحثون استراليون أن السعادة مسألة وراثية يكتسبها الأبناء عبر الجينات و ذلك بعد متابعة دقيقة لألف شخص من التوائم المتطابقة وهذا لا ينفي أيضا العوامل الأخرى مثل العلاقات الاجتماعية و الصحة البدنية و المهنية و النصف الاّخرو تقول الخبيرة غابريل لوبلانك : إن أي شخص يمكنه أن يكون سعيدا لأن السعادة تتبع من الشخص نفسه و نظرته إلى نفسه و الحياة من حوله .
في قصة لتوستوي : يقول صاحب الأرض للفلاح سوف أعطيك ما تشاء من أراض لك أن تنطلق من الاّن جريا في دائرة تعود بعدها إلى مكانك قبل أن تغرب الشمس فتكون لك الدائرة التي رسمتها بكل ما اشتملت عليه من أرض شريطة أن تعود إلى نقطة البدء قبل غروب الشمس … و يفكر الفلاح في دائرة كبيرة و يبدأ في الجري و كلما وسع من دائرته اعتزازا بقوته و طمعا في المزيد و تكون النتيجة أن تنقطع أنفاسه و يسقط ميتا قبل ثوان من بلوغ هدفه ثم لم يحصل من الأرض إلا على متر يدفن فيه و هذه هي حاجة الإنسان الحقيقية من الأرض .
للباحثين عن السعادة أقول فتشوا في قلوبكم و صمموا حياتكم بتوازن و رضا و قناعة و الأهم أن لا نفقد الدافعية لتحقيق هدفنا ففي بلوغه سعادتنا .