لم تستطع كل مكائد الإرهابي المتطرف بنيامين نتنياهو أن تنقذه من السقوط المدوي أمام خصومه السياسيين في الكيان المحتل خلال جلسة الكنيست الإسرائيلي، التي منحت الثقة لحكومة صهيونية جديدة مكونة من تحالف ضعيف غير منسجم برئاسة متطرف آخر، ليجد نفسه بانتظار محاكمة داخلية بسبب تهم بالرشوة والفساد وخيانة الأمانة قد تقوده إلى السجن، وهو الذي يستحق محاكمة دولية على جرائمه بحق الفلسطينيين والعرب عموماً على مدى 12 سنة قضاها على رأس حكومة الإرهاب الصهيونية. القادم على رأس الحكومة الصهيونية الجديدة ليس بأقل تطرفاً وعنصرية عن سلفه نتنياهو حين يتعلق الأمر بالسياسة الإسرائيلية تجاه قضايا المنطقة، إلا إنه أقل خبرة ودهاء ومكراً، وقد سبق أن عمل مع نتنياهو في حكومات سابقة، ولعل سجله المؤيد والداعم للاستيطان والمعادي لقيام دولة فلسطينية يعطي فكرة عن برنامجه السياسي، لجهة الاستمرار في النهج العدواني والاستيطاني ومحاولات عرقلة أي تسوية سياسية للصراع العربي الصهيوني. الأغلبية الضعيفة التي فازت بها الحكومة الصهيونية الجديدة – تأييد 60 نائب مقابل معارضة 59 – ستضعها في مواجهة شرسة مع معارضة يقودها نتنياهو، الذي لن يوفر أي فرصة للإطاحة بها في حال أفلت من المحاكمة دون إدانة واستطاع العودة مجدداً، وقد يساعده في ذلك هشاشة الائتلاف الخصم، أحزاب من أقصى اليمين وأخرى (وسط) وما يسمى (اليسار) لا يجمع بينها سوى الرغبة في التخلص من نتنياهو، وهذا يؤشر إلى أزمة صهيونية عميقة الجذور، ستتضح أبعادها وتداعياتها في الفترة القادمة.
ما يعنينا في المنطقة كشعوب، هو أن إسرائيل ما زالت هي العدو الذي يحتل الأرض ويغتصب الحقوق ويمارس الإرهاب والعدوان والغطرسة، ولا يغير في الأمر شيئاً سواء كانت حكوماتها يمينية أم يسارية، فالتطرف يجمع الصهاينة يميناً ويساراً حين يتعلق الأمر بالحقوق العربية، ولا يمكن التعويل على تغيير زائف داخل كيانهم، وإنما التعويل فقط على مقاومتنا التي تستطيع أن تنتزع الحقوق وتفرض على العدو الالتزام بالقوانين الدولية والانسحاب من الأراضي العربية المحتلة.
البقعة الساخنة – عبد الحليم سعود