لا أبالغ إذا قلت إن وقف الزيارات الميدانية الاستعراضية لبعض المسؤولين يمكن أن يسهم في إعادة ثقة المواطن بمؤسسات الدولة طالما لا تقدم هذه الزيارات شيئاً.
وهذا الرأي لا يقلل أبداً من شأن الجولات الميدانية التي تهدف إلى المتابعة والرقابة وحل المشكلات في الميدان، فهي ضرورية ولا نريد القول إنها بلا فائدة دائماً، فالتواصل مع المواطنين ضرورة وله أهداف وفوائد كثيرة، عندما لا يكون الهدف من هذه الجولات هو البحث عن إنجاز شكلي يهدف إلى تلميع المسؤول وتصنيع مشهد إيجابي مزيف عن الأداء.
والحقيقة يبدو أن هنالك فهماً خاطئاً لمفهوم الجولات الميدانية للمسؤولين، وأعتقد أن السيد الرئيس بشار الأسد عندما أراد للحكومات المتعاقبة أن تكون ميدانية وتتواصل مع المواطنين، لم يكن يقصد الزيارات الشكلية التي لا تحقق للمواطن اي خدمة ولا تضيف له شيئاً ولا تحل له مشكلة .
لقد أراد أن تكون الحكومات ميدانية من خلال قدرتها على المعايشة الحقيقية لواقع الحال، وتكون قريبة منهم وتتخذ القرارات المناسبة في الوقت المناسب، وتعالج القضايا المزمنة والجديدة أولاً بأول وفقاً للإمكانيات المتوافرة، وأن يكون المسؤول شفافاً وواضحاُ مع المواطن، وليس كما يحصل في الزيارات التي يتم من خلالها التسويق الشخصي للمسؤول و الإعلان عن إطلاق الوعود بمشاريع بدلاً من تدشين المشاريع، أو أحياناً خلق مشكلة جديدة بدلاً من حل مشكلة مزمنة.
ولا نأتي بجديد عندما نقول إن بعض المسؤولين تعودوا على التسويق لنشاطاتهم عبر التلفزيون، ولعلنا نستذكر قبل ترشيد ظهور المسؤولين على التلفزيون، كانت نشرة السادسة مساء ( أخبار البلد ) على التلفزيون نافذة يطل من خلالها كل مسؤول يريد أن يبلغ رسالة بأنه يعمل وكان وربما مازال البعض من المسؤولين يهيئ لنفسه خطاباً ليختم به جولته، لدرجة أن بعض المسؤولين كانوا يقولون للفريق التلفزيوني المرافق: أين ترغبون نأخذ التصريح ..!
والسؤال اليوم: ماذا لو كانت الزيارات الميدانية من دون تغطية إعلامية ..؟ هل سنرى كل مسؤول حريص فعلاً على العمل الحقيقي ؟ وهل نكتشف من جديد أن كثيراً مما نشاهده في التلفزيون ما هي إلا زيارات إعلامية وليس لها أي أثر على المواطنين.
اليوم مرحلة الأمل بالعمل تتطلب مسؤولين يعملون بجد وإخلاص ولا يبحثون عن أضواء الكاميرات.
الكنز – يونس خلف