الملحق الثقافي:شذا نصّار *
يقالُ إن الأنثى الجميلة تحسدها قريناتها، والغيرة قاتلة، كذلك بعض المدن الجميلة، التي احتوت تراث أجيالٍ وتاريخ أمم، كان لا بدّ أن ينال منها الحاسدون والمتربِّصون، ليوقفوا امتداد وتوسّع أضواء إشراقتها.
إنها «حلب».. تقف أمام مرآتها السحريّة، تتأمّل جاذبيّتها وتقول:
– يا مرآتي السحريّة، هل هناك مدينة في الكون أعتقُ وأجملُ منّي؟..
تجيبها المرآة: بل هي أنتِ، أجمل الأوابد الحيّة على وجه الكرّة الأرضيّة.
تعاود ُسؤالها: يا مرآتي السحريّة، هل هناك مدينة بين المدن الصناعيّة في الشرق الأوسط، تفوقني بتفرّدها في الإنتاج؟..
– بل أنت الأولى في الصناعة، في بلاد الشّام والمشرق، حتى كادوا يطلقون عليكِ يابان الشرقِ الأوسط.
– يا مرآتي السحريّة: هل تفوقتْ عليّ مدينةٌ في الطربِ والغناءِ التراثيّ؟.
– لقد سُمّي التراثُ على اسمكِ..
– وهل استقطبتْ مدينةٌ سواي الثقافة، كما استقطبتُها؟.
– أنتِ من توِّجتِ ملكة على عرشِ الثقافة العربيّة والاسلاميّة، والفنون الشرقيّة.
هكذا بلغُ الحسد أعداءها، وقرّروا الحكم عليها بالإعدام..
نالت «حلب» نصيبها من الدمارِ والسرقة والسلب والنهب خلال عشرية النار، عبر تخريبٍ ممنهج غير مسبوق، طال فيها الحجر والبشر، وكلّ ما أريد منه ألا تقوم لها قائمة، فيا تُرى، هل ستقوم من بين الركام، لتعود وتعمّر سوقها العتيق، وتدير معاملها، وتضيء قلعتها، وتغني موشحاتها، وتفخر بصباحها؟!.
همّة أهالي «حلب» تقول: نعم.. القلاع لا تفنى، والأوابد لا تموت، بل تتجدّد ويلزمها تكاتف الأيدي، بالحبّ والأمل والبناء، وقبلها التمويل.
أملنا أن نتمكّن من إنقاذِ هذه المدينة العظيمة المتميزّة، وسننقذها.. سنعيد الحياة إلى كلّ أنحائها، وستعود مصانعها تدور، لتبقَ وكما كانت أبداً، شهباء سورية، ومدينتها الساحرة التي لا يُضاهيها تألّق وعطاءٌ، بل وتحدٍّ للحاقدين على كونها حبيبة المرايا العاكسة، للأجمل والأفضل والأشهر..
*كاتبة وفنانة تشكيلية
التاريخ: الثلاثاء15-6-2021
رقم العدد :1050