ثائر زين الدين…في المختارات من شعره

الثورة أون لاين – سلام الفاضل :

انشري الآن ملءَ الفضاءِ
جناحيكِ
فالعمرُ ضوءٌ شحيحٌ
سيخبو غداً!
تنسحب تجربة الأديب الشاعر ثائر زين الدين الأدبية على فنون شتى، إذ يدرك المتابع لهذه التجربة والمبحر فيها أنه أمام أديب قدم منجزات أدبية امتازت رؤاها وأفكارها بالجدة والأصالة وقوة الحضور، فاستطاع أن يحقق زين الدين خلالها إبداعاً وتميزاً قل نظيرهما في الشعر، والترجمة، والنقد.
فالدكتور ثائر زين الدين كما وصفه الدكتور حسين جمعة في كتاب (المكونات الشعرية وانسجامها في قصائد ثائر زين الدين – الصادر دار سمرقند بالتعاون مع اتحاد الكتّاب العرب): “شاعر، ناقد، باحث، مترجم، دخل في صميم الحركة الثقافية في السويداء والوطن كله، وقد فتح عينه وعقله على خطاب أدبي نقدي يجدد نفسه في إطار الانطلاق إلى الفضاء الكوني في الوقت الذي ظل فيه متمسكاً بالجذور الثقافية الأصيلة… فهو يستعير من القديم الموروث ومن الحديث الإنساني كل ما يراه ملبياً لأفكاره ويعيد إنتاجه في قوالب العربية الرائعة التي تتسم بالاتساع والدقة…”
وإن أردنا في هذه العجالة تسليط الضوء على التجربة الشعرية لزين الدين التي جعلته أحد الأصوات البارزة في هذا الميدان منذ بداية تجربته في أواسط الثمانينيات من القرن العشرين وحتى اليوم، وأثارت بعض الباحثين والدارسين في سورية، فراحوا يكتبون عنها، حتى زاد عددهم على اثنين وعشرين باحثاً، لوجدنا أنها تجربة “انكشفت على الداخل النفسي والوجداني للإنسان المعاصر، ماسحة عن جبينه أشواك الطريق، وصدى الأسى، ما استطاعت إلى ذلك سبيلا. قصائده تفيض توقاً إلى عالم جديد عامر بالألفة والحنان والأمل، فتدفق شهادتها مكذبة ما يقال عن اضمحلال حاجة البشرية إلى الشعر، فسعيها الدؤوب إلى جمع الإنسان من شتات عصره الجديد، ترياق لإسعاف الروح في محنتها مع الأزمنة والأمكنة” وذلك كما جاء على لسان د. راتب سكر في الكتاب نفسه.
فقصيدة الشاعر ثائر زين الدين ومنذ مجموعته الشعرية (ورد) الصادرة عام 1989 حتى الآن ظلت تنمو وتتقدم، وهذا لا يعكس الموهبة وحدها، بل يعكس المثابرة والثقافة وغنى التجربة الشخصية مع الحياة وتفاصيلها، ومن هنا اختيرت بعضٌ من قصائده، ونُظمت في كتاب جديد صدر مؤخراً عن دار البلد، وحمل عنوان (ثائر زين الدين… مختارات شعرية)، لتكون هذه المختارات فرصة لتقديم عصارة شاعر ظل مخلصاً للشعر، فكان من الذين يستحقون أن نقرأهم باهتمام.
تضم هذه المختارات عدداً من قصائد الشاعر ثائر زين الدين، نذكر منها: (وجه، لا شيء يعنيني، لا تحبيني، هدية، خوف، إلى شاعر كبير، سيدة الفراشات الغريبة، تمازحك امرأة، ما بين نظرتين، زهرة، تينة في طريق يسوع، عتب…) وسواها، وقد قدم لها الشاعر بيان الصفدي عارضاً رؤيته في شعر زين الدين الذي وجد كأنه يرتكز على محورين أساسين هما الحب والموت: “إلى الحد الذي نرى ما عداهما من هموم تبهت، وقد تبدو مُقحمة على هذه العوالم”. ويتابع الصفدي التوغل في مفهومي الحب والموت في شعر زين الدين، فيقول في مقدمته: “وإذا كان الحب عند ثائر ولهاً وتراتيل وصلوات للمرأة حدَّ الألوهة، فهو لا يفصل بين المرأة الحبيبة والمرأة الينبوع، فلا تجد المرأة لديه إلا في صورة القديسة في كل حالاتها. وأما الموت فلا يبدو رهبة معهودة أمامه، ولا رثاء شخصياً، بل هو الوجه الآخر للحياة؛ وهذا ما يجعل الشاعر يخاطب المرأة طالباً منها أن تتمسك بالقشة الأخيرة من البهجة والحياة في قصيدة (بعد غد):
انشري الآن ملءَ الفضاءِ
جناحيكِ
فالعمرُ ضوءٌ شحيحٌ
سيخبو غداً!
فإذا كنتِ محظوظةً
بعدَ غدْ”.
وتتابع هذه المقدمة غوصها في تفاصيل قصيدة زين الدين لتصل إلى لغة هذا الشعر، وأساليبه التي يرى فيها عاقد هذه المقدمة بيان الصفدي أنها: “لغة سهلة مأنوسة تخفي في ثناياها أحياناً ملامح جزلة تتسلل من تشبُّع الشاعر بكلاسيكيات شعرنا العربي، فهو يسمح بين حين وآخر أن تخترق تلك السهولةَ مفرداتٌ أو جملٌ أو أساليب جزلة، من مثل: غيمةٌ هتّانة/ وإمّا أحاط الصقيع بقلبي/ يستطيع/ كالسواقي تحدَّرُ نحو الخليج… وسواها”.
ويردف الصفدي: “لكن لغة الشاعر ظلت دافئة حيوية، فالجملة الشعرية متنوعة من خلال البناء الطلبي الغالب فيها، وتماوجها مع التمازج بين الطلب والإخبار، ثم تأتي محسنات عديدة كالجناس والطباق وسواها، كما في قصيدة (لعبة بلهاء):
أأحبُ؟
كم أحببتُ…
كم عذّبتُ من قلبٍ،
وكم عذّبن قلبي.
كم فرشتُ أسرّة بالأقحوان،
وكم توسد صدريَ الهيمانَ رأسٌ
باذخُ الأطيابِ”.
إلى جانب ما تختص به صوره من عفوية الحضور إذا تأتي في سياقها من دون تكلف أو قصد، “فالشاعر في أغلب صوره لا يذهب إلى الصورة، بل الصورة هي التي تأتي إليه منقادة طيعة” كما ذكر د. وليد العرفي في كتابه (مرآة الشعر ستائر المعنى).

ومن الميزات التي تُحسب لقصيدة زين الدين كذلك غناها بالمشاهد والتفاصيل، وتشبعها بمؤثرات الشاعر الثقافية حيث نجد في قصيدته كما يشير الصفدي في مقدمته: “أشباحاً من تراثنا الشعري أو الشعبي، أو التراث العالمي، إضافة إلى المؤثرات الروسية بأشكال من التناص أو التضمين أو الرمز، صرح الشاعر بها، وذلك بلا شك عامل إثراء، خاصة عندما تدخل ضمن التكوين الحي للقصيدة”.
وزين الدين كان من الشعراء الذين عملوا على تقمُّص روح المرأة في قصائده، “فكتب بصوتها عن قلقها وألمها وفرحها ولهفتها وضعفها وقوتها، ولعله تابع بذلك خط المعلم نزار قباني” كما بيّن الصفدي في مقدمته لكن مع الغوص في روح المرأة والقبض على ما لم يقبض عليه شاعرٌ آخر. وفي هذا انحياز للأنثى بلا شك، وهو ينجلي بوضح في قصائد نقرأها بلسان المرأة، من مثل: “رجاء”، “استحالة”، “حسرتان على الوسادة”، “قلب امرأة”،… وسواها؛ وتظهر المرأة بضعفها وقوتها في قصيدة نموذجية في كثافتها هي (عُد إلي):
كن ما تشاءْ.
كن إن أردت مغامراً.
كن “دنجواناً”.
كن ذكياً… أو غبياً تارة…
أو كن رحيماً مثل صوفيٍّ،
جسوراً مثل قرصانٍ،
رقيقاً كالرسائل
حين تكتبها النساءُ
وقد مررت بحلقهنّ كزوبعة!
كن ذلك الشيطان، يرقبني من المرآةِ
من خَللِ الشقوقِ
من الخزانةِ…
ثم يُلقي – حينما أغفو – بظلمته علي
كن ما أردتَ
وعُدْ إلي.
بقي أن نشير ختاماً إلى أن هذه المختارات تقع في 175 صفحة من القطع الكبير.

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان