الثورة أون لاين – فاتن حسن عادله:
لا تكف أميركا عن محاولات تسويق نهجها العدواني وممارساتها الابتزازية في سبيل تقويض تقدم الدول وتطورها كما تفعل حالياً مع الصين عبر محاولات جديدة ومستمرة لتقديم مزاعم إضافية حول منشأ فيروس كورونا، ما يشكل ابتزازاً وتهديداً صريحين ضدها كما وصفته بكين مجدداً، معبِّرة عن رفضها الواضح لتلك المزاعم التي لا تمت للحقيقة والواقع بصلة، وهو ما يثبته تعاونها مع خبراء من منظمة الصحة العالمية، واستضافتها لهم لكشف هذا الوباء.
فمن إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب ومساعيها المتكررة للتدخل في الشأن الصيني، ومحاولة التلاعب بأمنه واستقراره عبر وصفه كوفيد 19 بالفيروس الصيني، وصولاً إلى إدارة جو بايدن الحالية، التي عادت إلى ذات السياق العدواني واجترار تصريحات مسؤوليها السابقين عبر تهديدها الصين بالعزل إذا لم توافق على إجراء تحقيق دولي جديد حول منشأ كورونا، وفقاً لتصريحات عبَّر عنها مؤخراً مستشار الرئيس الأميركي للأمن القومي جيك سوليفان.
إنه التدخل السافر في الشأن الصيني مجدداً عبر تقديم ادعاءات وأكاذيب لا تستند إلى أي براهين، فأميركا نفسها لا تملك أدلة عن مسؤولية بكين عن منشأ هذا الفيروس الذي اجتاح العالم وأدى لإحداث فجوات سياسية واقتصادية وصحية واجتماعية وثقافية وفكرية هائلة، وهدَّد من انهيار العلاقات بين بعض الدول، لكنه نوع من التسييس الأميركي خاصة مع عدم استطاعة المسؤولين الأميركيين التسلل أو إحداث ثغرات في السياسة الصينية أو إفشالها في هذا الملف الاقتصادي الصحي الذي اجتازته بكين بوقت قصير من الزمن، وحققت عبره قفزات هائلة ومذهلة في الداخل، أو في الخارج عبر تقديم مساعدات عاجلة لمن يطلب ذلك دون أن تتوانى أو تقدم شروطاً تعجيزية للتعاون البنّاء، وقبل كل ذلك الإفصاح عنه بشكل شفاف مع تقديم أدلة على عدم مسؤوليتها عنه، وليس كما تفعل أميركا مع بعض الدول للهيمنة عليها وإمساكها من يد الوجع إن صح التعبير.
حلقة الابتزاز هذه “بكورونا” يبدو أنها تعبِّر بشكل أدق عن محاولات إطلاق بايدن وإدارته لمزيد من الضغوط تجاه التنين الآسيوي العملاق، والأخطبوط الاقتصادي، كسياسة متعمدة لتوجيه الأنظار الداخلية إلى الخارج لإبعادها عن محور سياسته ووعوده التي أطلقها في حملته الانتخابية.
من هنا فإن ممارسات الإدارة الأميركية الجديدة لا تختلف عن ممارسات سابقتها، فأميركا وجدت في كورونا ملفاً ساخناً لاستثماره باعتبار تبعاته لا تزال حاضرة على الساحة الدولية لاحتواء السياسة الصينية وتقويض ما تحققه من سرعة في الانفتاح في العلاقات الدولية، ولعل في مساعي الأميركيين لفصل روسيا عن الصين دليلاً على ذلك.
كما يجب ألا ننسى أن ملف الحرب التجارية بين الصين وأميركا لم ينته بعد وهو لا يزال مفتوحاً بأبعاده ويلقي بظلاله على علاقات البلدين، لذا فإن بايدن بدأ يتخذ “كورونا” أيضاً في سياق هذه الحرب الدائرة التي يدخل فيها التضييق على شركات التكنولوجيا الصينية كهواوي مثلاً