الثورة أون لاين – ريم صالح:
كيف لنا أن نقرأ، أو حتى نفسر ما قام به نظام البلطجة الأمريكي مؤخراً من تركيب أنظمة الدفاع الصاروخي البرية “إيجيس أشور” في قاعدة ريدزيكوفو في بولندا؟، ألم تناقض أمريكا نفسها بنفسها، وتفضح نياتها العدوانية الكامنة بهذا الإجراء التصعيدي؟.
ثم ماذا عن منظومة ” إيجيس أشور” هل هي أنظمة دفاعية حقاً؟، أم إنها لا تعدو عن كونها أنظمة هجومية باعتبار أنه يمكن استبدالها سراً، وبأي لحظة بصواريخ كروز، الأمر الذي يجعل وبحسب محللين، الجزء الأوروبي بأكمله من روسيا في مرمى الصواريخ المجنحة؟، أليست هذه المنظومة الصاروخية سلاح ابتزاز رخيص، ومساومة دنيئة، وبمثابة قرع لطبول العسكرة في أوروبا والعالم بأسره؟.
بل لعل السؤال الأهم هو أين الأمم المتحدة ومجلس الأمن المنقاد أمريكياً من ذلك كله؟، ألا تهدد الولايات المتحدة بتصعيدها هذا الأمن والسلام العالمي، وتجعل الكوكب كله على شفير هاوية، بل كارثة لا تحمد عقباها؟.
اللافت هنا أنه وتحديداً عام 2002 اتفقت واشنطن وموسكو على تنفيذ سلسلة من الإجراءات تهدف إلى بناء الثقة وتعزيز الشفافية في مجال الدفاع الصاروخي، ولكن ما جرى كان مخالفاً لذلك تماماً، حيث إن أمريكا بدأت في نشر نظام الدفاع الصاروخي في بولندا وجمهورية التشيك، وتم في عام 2009 تعديل هذا التوجه لصالح ما يسمى بـ”النظام الدفاع الصاروخي غير الاستراتيجي التكيفي”، بينما حالياً يجري نشر عناصر من نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي في الولايات المتحدة القارية، وأوروبا في بولندا ورومانيا، وفي منطقة آسيا والمحيط الهادئ، فيما تنتشر الوسائل البحرية لاعتراض الصواريخ الباليستية من مدمرات مزودة بالصواريخ المضادة للصواريخ، بالقرب من سواحل روسيا والصين.
ورغم أن روسيا والصين لطالما أعلنا وباستمرار معارضتهما لنشر نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي، معتبرتين أنه يشكل تهديداً لأمنهما القومي، إلا أن إدارة الإرهاب الأمريكي لا تزال ماضية في سيناريوهاتها العدائية، وخطواتها الاستفزازية، والعسكرية التصعيدية، وكأنها وحدها في هذه المجرة، ويحق لها أن تعربد كيفما أرادت، وأن ترهب، وتجرم، وتقصف، وتحتل، وتدمر من أرادت، غير آبهة بقوانين دولية، أو تشريعات إنسانية، أو حقوق إنسان حتى.
المثير للسخرية هنا أنه وقبل أيام معدودة، وتحديداً في 16 حزيران في قمة جنيف صرح رئيس نظام الإرهاب الأمريكي جو بايدن بأنه اتفق مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على استئناف محادثات الحد من التسلح، مشدداً على أن العلاقات بين البلدين يجب أن تكون مستقرة، وبناء عليه فإنه – أي بايدن – يعتزم إطلاق حوار استراتيجي بشأن الاستقرار الاستراتيجي، منوهاً بأن إدارته لا يمكن أن تنزلق إلى حرب باردة جديدة فهي أي الحرب لا تصب في مصلحة أمريكا أو روسيا، بايدن قال ذلك كله، ولكنه اليوم يترجم أقواله عملياً وميدانياً بآلية مناقضة، ومخالفة لما سبق وأطلقه من عهود ووعود، التي لا يمكن أن نراها اليوم سوى أنها مجرد كلام من قبيل الثرثرة الدبلوماسية على ما يبدو لا أكثر ولا أقل.
من شب على إبادة الشعوب، والاستثمار في أزماتها، وإثارة القلاقل والحروب في العالم شاب عليها، هو حال الأمريكي اليوم الذي لا يمكن أن نتفاجأ، ولو لبرهة حتى، بما قد يصدر عنه من حماقات دبلوماسية سياسية، أو عسكرية عدوانية، حماقات تستهدف موسكو، أو بكين، أو أي دولة من دول العالم، ولكن تبقى العبرة في الخواتيم، فعصر الأحادية والوهم الأمريكي قد ولى وتكسر على الأبواب الدمشقية، وأي حماقة قد ترتكبها أمريكا سترتد عليها عاجلاً أم آجلاً