الدب الروسي يستعيد أنيابه

اعتقدت الولايات المتحدة الأمريكية أنها انتصرت على الاتحاد السوفييتي السابق بالضربة القاضية عندما استطاعت استثمار عوامل داخلية وخارجية أحاطت به وساهمت في تحلله وتفككه إلى جمهوريات بعضها صغيرة استغلت ظروفها الاقتصادية وانكشافها الاستراتيجي لتكون طوقاً يحيط بروسيا الاتحادية يمنعها من استعادة قوتها لتقوم بدوها بوصفها قوة عظمى فاعلة ومؤثرة في الأحداث الدولية وذلك بربطها بحلف الأطلسي أو قبول انضمامها للاتحاد الأوربي، وقد اعتقدت أميركا أنها بذلك ستنجح بلعب دور القطب الوحيد والمهيمن على المشهد الدولي، وبقراءتها الخاطئة تلك وجهت أميركا أشرعتها باتجاه الصين على اعتبار أنها القوة الاقتصادية والعسكرية الناهضة وذلك بالزحف باتجاهها بخطوات مدروسة بدءا من دول القوقاز وآسيا الوسطى وهنا يتحقق هدفان الأول يتعلق بالاتحاد الروسي والآخر بالصين فمن خلال التواجد في أفغانستان ووجود نظام حليف لها في باكستان ناهيك عن النظام القائم في كوريا الجنوبية، مع سعي لتجريد جمهورية كوريا الديمقراطية من ترسانتها العسكرية الرادعة ما يعني من الناحية الاستراتيجية إحكام السيطرة على الدول المحيطة بالصين الشعبية إضافة لروسيا الاتحادية.

لقد كان لهذه السياسة الهوجاء ردة فعل سلبية من قبل شعوب المنطقة رأت فيها شكلاً من أشكال الإهانة لها أو الاستهتار بكرامتها الوطنية وأمنها القومي فكان لابد من ردة فعل سياسية، وهو ما حصل فعلاً عندما أعلنت روسيا الاتحادية على لسان الرئيس فلاديمير بوتين أن روسيا لن تتساهل أو تسمح بإقامة درع صاروخية في جوارها الإقليمي أو أيّ دولة مجاورة لها ترى فيه روسيا تهديداً لأمنها القومي، وأن السلوك الأمريكي تجاه روسيا ينبئ بعودة أجواء الحرب الباردة وهو ما حذر منه الرئيس بوتين في القمة الأخيرة التي جمعته مع الرئيس الأميركي جو بايدن.

لقد بدا واضحاً من خلال قراءة المشهد الدولي الجديد أن ثمة رفضاً دولياً لسياسة الهيمنة والقرصنة التي تمارسها الولايات المتحدة الأميركية على دول العالم، وأنه لابد من إعادة التوازن للعلاقات الدولية من خلال شراكة وتبادل مصالح ومنافع وتحت مظلة الشرعية الدولية ممثلة بالأمم المتحدة وميثاقها، ما يعيد التوازن للمشهد الدولي المختل ويحد من السطوة الأميركية ولا شك أن جمهورية اتحاد روسيا والصين مرشحتان أكثر من غيرهما على ممارسة هذا الدور لاعتبارات عديدة منها القوة الاقتصادية والعسكرية والسياسة السلمية اللتان تتبعانها وتمسكهما بميثاق الأمم المتحدة والشرعية الدولية وتبني فكرة الاستقرار البناء بدل الفوضى (الخلاقة) التي تنتهجها الولايات المتحدة الأميركية، إضافة إلى السمعة والإرث الطيب الذي حملته كل من الصين وروسيا واستخدامهما للقوة الناعمة ودعمهما للدول النامية في كافة المجالات.

إن تلك العناصر والعوامل المضيئة والمشرفة تجعل من روسيا قوة عظمى دولية مرحباً بها من أغلب دول العالم تقف إلى جانبها وتتعاون معها سيما وأن أغلبها قد ضاقت ذرعاً من السياسة الأميركية التي يغلب عليها لغة القوة والهيمنة والغطرسة وعدم احترام إرادة الشعوب وحقها في العيش بحرية وكرامة وطنية وقرار وطني مستقل، ولعل قراءة للمشهد الدولي في راهنته ومستقبله القريب ينبئ بتحولات تشكل إرهاصات أولى لنظام دولي جديد قد يجعل من أعداء الأمس أصدقاء اليوم وثمة مؤشرات حقيقية على ذلك فأميركا باتت تخطب ود من أسمتها دول مارقة والمارد الصيني خرج من القمقم والدب الروسي استعاد أنيابه ما يجعل الأميركي بل ويرغمه على مراجعة كل حساباته ومطبخه السياسي للتكيف مع الوقائع الجديدة..

إضاءات- د. خلف المفتاح

 

 

 

 

 

 

 

آخر الأخبار
"قسد"  ترسل تعزيزات عسكرية استعداداً لحملة مداهمات في قرى دير الزور بمشاركة مشرّفة من المجتمع المحلي.. إخماد حريق قرية بملكة في طرطوس حمص تفتح أبوابها للسياحة… جولة بين حجارة القلعة وحدائق الغاردينيا أكثر من 70 فريق إطفاء ومروحيات  في مواجهة الحرائق النقل الداخلي.. من "فرنٍ متنقل" إلى واحة نسمات باردة تعويض الفاقد التعليمي للتلاميذ في بصرى الشام غرفتا عمليات لمتابعة إخماد الحرائق.. وزير الطوارئ: الأولوية الحفاظ على الأرواح والممتلكات وزير الطوارئ رائد الصالح: جهود كبيرة للفرق العاملة على إطفاء الحرائق قبيل لقائه بساعات .. ترامب يحذر  بوتين من العبث معه لليوم الخامس على التوالي.. انتشار حرائق جديدة في كسب 500 سلة غذائية للمهجرين في بصرى وصماد وسط معركة السيطرة على حرائق الساحل والغاب.. حملة تضليل ممنهجة تستهدف "الخوذ البيضاء"  إجراءات لضمان زيادة محصول القمح بجودة عالية رسائل ردع وسيطرة… تعزيزات عسكرية غير مسبوقة للجيش السوري في الساحل " إسرائيل" تواصل مجازرها في غزة.. وتنديد بخطتها الاستيطانية في الضفة شطحة .. النار تجتاح البلدة وتهدد مئات السكان الأردن: نقوم بكل ما نستطيع لدعم وحدة وسيادة واستقرار سوريا وزير الطاقة التركي: سنرفع صادرات الكهرباء إلى سوريا إلى 900 ميغاواط مطلع العام المقبل بريطانيا ترحب بالتقرير الأممي حول أحداث الساحل وتؤكد دعمها لتنفيذ توصياته آثار بصرى الشام تستقطب السياح الأجانب