ما بين أصالة الماضي وإبداع الحاضر، لاتزال الدروب مفتوحة لتلاقي الأجيال وتلاقح الثقافات وبناء جسور متينة تعزز الهوية الوطنية، وربما تشكّل المهرجانات التي يستحضرها المشهد الثقافي في غير مكان وعلى امتداد ساحة الوطن، تقوم بدور صانع الحدث وتشكّل فرصة لتعريف المشاهد على تراثنا وحضارتنا وتقاليدنا، والتسويق لأوابدنا الحضارية في الآن نفسه.
ولأن المهرجانات الثقافية تحمل في مضمونها رسالة هامة في التعريف بنتاجاتنا على صعيد الإبداع الفكري والأدبي والفني، فهي بلا شك رسالة إلى العالم وتعريفه بما لدينا من موروث حضاري وتراثي عريق ضاربة جذوره في عمق التاريخ.
ولكن هذه المهرجانات في أهدافها الكبيرة، لابدّ من تضافر جهود عديدة لتحقيق غاياتها المنشودة” وزارة التربية، التعليم العالي، السياحة، اتحاد الكتاب العرب ..” ولايمكن تجاهل المجتمع الأهلي والمنتديات الثقافية، لأن المهرجانات بجماهيريتها وانتقالها إلى آفاق رحبة، بعيداً عن قاعات المنابر، تستقطب عدداً كبيراً من الجمهور على اختلاف شرائحه، مايؤكد حيوية الثقافة عندما تقدم على طبق طازج وبلغة قريبة من الجمهور المتعطش لثقافة تحاكي مشاعره وواقعه.
وهنا يأتي دور المثقف والقائمين على الفعل الثقافي باختيار الفعاليات والشخصيات المناسبة والعناوين التي تشدّ الجمهور إليها وتثير الرغبة في اختبار ذائقته والمشاركة بهكذا مهرجانات بعيداً عن الصيغة الخطابية التي بدأ الجمهور يبتعد عنها لأنها لاتعبّر عن مكنونات نفسه، ولا تشبع لديه نهمه لصناعة ثقافية جديدة تواكب العصر في ظل ذاك الانفتاح الأزرق على العالم جميعه.
نحن اليوم في سباق مع الزمن، ولكننا في الآن نفسه نحتاج استراتيجية خاصة لهذه المهرجانات ترتكز في مضمونها على أمرين اثنين، أهمهما تعزيز الهوية الوطنية والتمسك بالتراث لأنه يشكّل هويتنا الثقافية، أما الأمر الآخر فهو العمل على نشر الثقافة وجعلها فعلاً سلوكياً يومياً لتكون مصدر إبداع يقدم قيمة مضافة ويرفد الساحة الثقافية بدماء جديدة تصنع بالأمل والعمل للمرحلة القادمة من تاريخ سورية الحديثة.
رؤية- فاتن أحمد دعبول