الملحق الثقافي: يوسف حيدر:
عندما يخلو الوقت من كلّ شيء، ويصبح ملكك، يغريك دماغكَ بأن تتناول القلم، مُغدقاً عليك الغامض من الأفكار، دون أن يرتّبها أو يمنحك فرصة ترتيبها، وهنا تشعر بأنه وهبك فسحة فائضة لتدوين ما تشعره طلاسمه، فتبدأ حروفكَ بالتطاير كالشَّظايا في محيطِ مخيلتك الحرّة، لتصيب ما أرادت دون ما تريد أنت ..
نعم، عندما تسلبُ المسلّمات دماغك منك، لتطرح جملة من الأسئلة الصعبة، ستدرك أنه فعلاً “لا وقت للوقت”.
صدق “درويش” عندما قال تلك العبارة الغامضة: “لا وقت لتفكيرِ البعيد أكثر من اللازم”.
لا جدال هنا على بعضِ المسلّمات، المفروضة واليقينيّة، كوجود الله مثلاً.. لا تجرّب طرح السؤال على نفسك أبداً، فلا جواب شافياً لك.. فقط، سلّم بأن الله موجود …
وكالموت مثلاً، لا تجرّب الهرب منه، أو الابتعاد عنه، فلا جواب له أيضاً.. فقط سلّم وعش حرّاً بما تملك من وقتٍ. هناك الكثير من القضايا التي لا جواب لها، ولكن!!!
متى تصبح المسلّمات جرماً تقترفه بحقِّ نفسك؟.. عندما تسلِّم بما لا يندرج تحت إطار المسلّمات.
لا تستسلم لليأس، ولا للواقعِ المرّ، ولا لأسلوبِ عيشٍ مفروض. فقط، اطرح على نفسك الأسئلة الجديّة فعلاً:
هل الجوع أمرٌ لا مهربَ منه؟: “لا.. طبعاً”..
هل الطمع أو الظلم أو الفقر أو الاستبداد أو التحجيم، شيءٌ لابدَّ منه؟: “طبعاً لا”.
هنا كن حرّاً.. كن مستنيراً.. كن قويّاً.. كن صريحاً مع ذاتك وواجه واقعك، فالمسلمات نوعان: لا بدَّ منه ولا شكَّ فيه، ومفروضٌ عليك وكلّ الشكِّ فيه.
كن حرّاً.. كن مستنيراً، ولا تقوقع نفسك في غياهبِ الأفكار وظلام الواقع، بل قاتل لتواجه مسلماتك الكاذبة، للتخلّص منها، ولتتحرّر من سلاسلها، وإلا بقيتَ عمرك تسبح في دوامةٍ، لا تودي بك سوى إلى القاعِ المظلم…
التاريخ: الثلاثاء29-6-2021
رقم العدد :1052