رغم أن الهم المعيشي واستمرار الانحدار الحاد للقدرة الشرائية لشريحة كبيرة من السوريين هما الشغل الشاغل للناس في جلساتهم العائلية أو وسائل النقل أو حتى في محال الخضار والفواكه والمواد الغذائية وأمام واجهات المحال التجارية، إلا أن التراجع الكبير في خدمة الكهرباء الذي وصل حداً غير مسبوق، فقد شكل عبئاً إضافياً على المواطنين فخسر قسم كبير منهم مونته، وكانت مشاهد إتلاف كميات كبيرة منها لغياب الكهرباء ساعات طويلة مخيبة ومؤثرة فعلاً وترافقت بحملة انتقادات أيضاً غير مسبوقة خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، محورها الأساس يصب في تبيان هذا التراجع بمنظومة الكهرباء من القائمين على القطاع وإن كان هناك أفق لحل هذه العقدة المستمرة منذ سنوات وزادت تلك التأثيرات السلبية لغياب الكهرباء مع عدم قدرة الناس على ضخ المياه لمنازلهم وصولاً لغيابها عن العديد من القرى في الريف والتي تجاوزت ببعضها العشرين يوماً متواصلة كحال قرى ريف حماه، وما زاد الطين بلة -كما يقال- أن هذا الواقع المرير والصعب ترافق مع ارتفاع في درجات الحرارة كافٍ لوحده حتى لو توفر التيار الكهربائي لزيادة مستوى التوتر والضغط على الناس.
صحيح أن مطلب الناس المحق بتقديم إيضاحات عن مبررات الانقطاعات الطويلة للتيار الكهربائي وفي مختلف المحافظات من دون استثناء من القائمين على قطاع الكهرباء ومن الحكومة بشكل عام و إن كان هناك رؤية وبرنامج عمل واضح لمعالجة هذه القضية، إلا أن الاعتذار من المواطن آخر ما كان منتظراً، لأن هذا المواطن تجاوز أصحاب القرار بمراحل لجهة معرفته بواقع وظروف المرحلة التي يمر فيها بلد وما ينجم عنها من تحديات وصعوبات تدرج ضمن الأسباب الموضوعية لابل ويقدم مقترحات وحلولاً تتناقلها التقارير الميدانية لبرامج خدمية تبثها قنواتنا التلفزيونية، أما ما لا يمكن تقبله فهو استمرار تقديم حجج واهية عن تقصيرهم وعجزهم حتى عن وضع برنامج محدد وتدريجي لصيانة محطات التوليد على مدار العام لا أن يتخذ قرار إصلاحها دفعة واحدة، وما يثير الاستغراب فعلاً استمرار تقاذف المسؤولية بين الوزارات وغياب التنسيق، وهذا كان وراء تفاقم أزمة الكهرباء والمياه وما سبقها من أزمات معيشية، القاسم المشترك بينها غياب روح الفريق والغيرة على الصالح العام و ضعف الأداء وضيق أفق العديد من المسؤولين، أقله في توفير خطط وبرامج بديلة تدخلية يتم تبنيها بالوقت والسرعة المناسبين للتجاوز أو الحد من تداعيات ونتائج أزمة بهذا القطاع أو ذاك وغير ذلك لم يعد مقبولاً أو مبرراً من الشارع السوري ولا يمكن وضعه إلا ضمن التقصير والفشل .
الكنز – هناء ديب