في خضم الحروب العسكرية والاقتصادية والنفسية التي تشنها القوى الغربية بقيادة الولايات المتحدة لاستهداف شعوب المنطقة، برز دور الإعلام المقاوم كسلاح فعال في التصدي للمخططات الغربية، وكشف وفضح طبيعة وأبعاد هذه الحروب، وساهم بشكل كبير في ترسيخ ثقافة الصمود، وتعزيز مستلزماته لإفشال أهداف الدول المعتدية، فكان هذا الإعلام على قائمة الاستهداف الغربي، ولم يزل.
الاستهداف الغربي المنظم للإعلام المقاوم، نلامسه بشكل مستمر في سورية ولبنان والعراق وفلسطين واليمن وإيران، وفي كل بلد يناهض سياسة الهيمنة الأميركية، سواء من خلال حجب قنوات الإعلام الفضائية، أم من خلال استهداف الصحفيين وتنفيذ عمليات إرهابية بحق المنشآت الإعلامية كما حصل في سورية أثناء الحرب الإرهابية المتواصلة (قناة الإخبارية ومبنى التلفزيون العربي السوري بدمشق، والمراكز الإذاعية والتلفزيونية بحلب)، وهذا الاستهداف عكس بالدرجة الأولى عجز القائمين على الإعلام الغربي المضلل عن مواجهة كلمة الإعلام المقاوم بالكلمة، والصورة بالصورة، والبرهان بالبرهان، رغم الفارق الكبير بين الإمكانيات التقنية للإمبراطوريات الإعلامية الغربية، وإمكانيات الإعلام المقاوم المتواضعة.
يحسب لمنظومة الإعلام المقاوم أنها تخوض اليوم معركة شرسة دفاعاً عن دول المنطقة المستهدفة بالإرهاب الأميركي، من خلال إفشال حملات التضليل الممنهجة التي تقودها الدول الغربية لتزوير الحقائق وتشويه صورة الأحداث الجارية على مختلف الصعد، ويحسب لها قدرتها على ترسيخ الوعي الوطني والقومي، وتعزيز إرادة المقاومة كخيار ناجع في التصدي للمشاريع الاستعمارية الغربية، فليس بوسع أحد إنكار حالة الفارق الكبير الذي أحدثه الإعلام المقاوم لجهة التعاطي مع القضايا الوطنية داخلياً وخارجياً، فهو هزم الإعلام الغربي في العديد من محطات المواجهة، وفرض رؤيته على الشارع الغربي نفسه، بسبب مصداقيته في نقل الحقيقة، فاستطاع بذلك تغيير مسارات المواجهة، وهذا ما عكسه جنوح الكثير من وسائل الإعلام الغربية، والعديد من السياسيين والكتاب الغربيين لكشف دور حكومات بلادهم، وأجهزة استخباراتها في دعم الإرهاب الذي يستهدف شعوب المنطقة، وسورية نموذجاً.
من هنا فإن تطوير عمل الإعلام المقاوم حاجة ضرورية وملحة، تفرضها حدة الهجمة الغربية المسعورة لاستهداف أمن وسلام شعوب المنطقة، وهذا يكون من خلال وضع استراتيجيات عمل موحدة لكسب المعركة الإعلامية في كشف وفضح أهداف الغرب من وراء دعمه وتمويله للإرهاب المنظم الذي يستخدمه لتحقيق أجنداته ومشاريعه الاستعمارية، وتساعد أيضاً في تحقيق المزيد من الانتصارات التي تحققها شعوب المنطقة، فالإعلام المقاوم كان ولم يزل في خط الدفاع الأول لمواجهة المؤامرات الغربية.
البقعة الساخنة – بقلم أمين التحرير ناصر منذر