في معهد التربية الخاصة لـتأهيل المكفوفين.. طلاب يتحدون الصعاب لبلوغ التفوق.. ودعوات لتأمين منهاج التربية ووسائل التعليم

 الثورة أون لاين – تحقيق – مريم ابراهيم:

حالات عدة ومشاهد مختلفة تستوقف كل من يزور معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين بدمشق والذي يعد من أعرق المؤسسات التعليمية الخاصة بالمكفوفين في الوطن العربي والشرق الأوسط لتؤكد الإصرار والعزيمة والإرادة المدعومة بالثقة بالنفس والقدرة على الصبر على الإعاقة والتحدي لتجاوز ما قد يطلق عليه إعاقة باختلاف درجة هذه الإعاقة وبتعاون مشترك ما بين أصحاب الإعاقة وأسرهم والجهة المعنية بهم ومعهدهم والكوادر العاملة فيه.

فحوالي مئة وستين طالباً وطالبة من المكفوفين يضمهم المعهد يتلقون يومياً دروسهم التعليمية المقررة ويمارسون مختلف الانشطة عبر كوادر عاملة في مختلف المجالات والاختصاصات حيث يسعى المعهد لتأمين كافة المستلزمات لضمان سير عمله وتقديم الخدمات لطلابه.

*من وإلى المعهد..

معتصم شقير مدرس لغة عربية في المعهد تحدث عن نفسه، وهو من المكفوفين ولكن درجة إعاقته البصرية لم تمنعه من إكمال تحصيله الدراسي حيث كان طالباً في المعهد وأنهى مراحل تعليمه كاملة فيه ثم دخل الجامعة وحصل على درجة الإجازة في اللغة العربية وعاد إلى المعهد بوظيفة مدرس للغة العربية فيه, مبيناً سعادته في تدريس الطلبة المكفوفين وتقديم المعلومات لهم حيث تعد مادة اللغة العربية من المواد الأقل صعوبة عند الطالب الكفيف وتدرس بطريقة برايل كمنهاج المبصرين المحدد من التربية.

*ضرورة تعاون الأهل والمعهد..

وتشير مدرسة اللغة الانكليزية للحلقة الأولى في المعهد شادية عاقل إلى اهتمام الأهل بالطلاب وضرورة تعاون الأهل والإدارة لما يعكسه هذا التعاون من نتائج وفائدة للطلبة بشكل عام، ويتم تدريس الطلاب منهاج التربية بطريقة برايل الأساسية ومن ناحية وصل الصور في المنهاج يتم ذلك بطريقة سلسة عبر أشياء ملموسة.

 * صعوبة المواصلات..

منال ونوس والدة طالب كفيف في الصف الخامس في المعهد تحضر يومياً مع طفلها إلى المعهد وتنتظره لحين انتهاء الدوام وتقول إنها تعاني من صعوبة المواصلات يومياً ومع ذلك تلبي رغبتها ورغبة طفلها في حصوله على التعليم ومتابعة دراسته رغم إعاقته البصرية والتي حدثت له نتيجة إجراء عملية جراحية في عينيه عندما كان صغيراً.

 * نقص في آلات برايل..

وتؤكد هنادي توتنجي وهي أم لطالبين توءم كفيف تصحبهما يومياً إلى المعهد لتلقي تحصيلهم الدراسي مدى الفائدة الكبيرة التي يستفيد منها توءمها من المعهد رغم إعاقتهما البصرية والتي أصابتهما نتيجة ولادتهما المبكرة, وتلحظ الإصرار لديهما للحصول على المعلومات وتلقي التعليم حتى المراحل العليا حيث يتميز المعهد بكادر تعليمي متميز ولكن هناك نقص في آلات برايل والآلات الكاتبة التي تساعد الطلبة أكثر في تعليمهم.

*دراسات حالة فردية وجماعية..

لينا الكردي اخصائية نفسية ومشرفة على تسجيل الطلاب فيه أوضحت أن تسجيل الطلاب المكفوفين وقبولهم في الصف المدرسي في المعهد يتم وفق النظام الداخلي للمعهد حيث يتم تنظيم دراسات حالة فردية وجماعية للطلاب للوقوف على المشاكل المختلفة التي قد تعترضهم دراسياً ونفسياً واجتماعياً ومحاولة الحفاظ على التكيف السليم والقدرة على حل المشاكل المختلفة التي قد تعترضهم، ويوجد بعض الصعوبات المتعلقة بالتعليم كونها مختصة بلغة برايل منها طريقة تأمين المناهج وعدم وجود وسائل تعليمية مرتبطة بغرفة مصادر أو وجود مجسمات تعليمية نافرة بعدد كاف، والحالات التي يستقبلها المعهد هي حالات كف تام – بقايا بصرية بحدود اثنان من عشرة أو إصابات الحرب أربعة من عشرة ويحتاج الطالب إلى تقرير طبي عيني من مشفى ابن النفيس بدمشق، إضافة إلى الأوراق الأخرى المطلوبة للتسجيل في المعهد.

*تعليمي ومهني..

مديرة المعهد ندى أبو الشامات بينت أن المعهد تأسس عام 1995، ويضم مئة وستين طالباً وطالبة من المكفوفين ويقدم المعهد بقسميه التعليمي والمهني خدماته لهم في مختلف الجوانب التي تتعلق بالمكفوفين, ويستقبل الطلاب من عمر ست سنوات حتى عمر ثمانية عشر عاماً في القسم التعليمي من الصف الأول إلى الثالث الثانوي الأدبي، ومن عمر خمسة عشر عاماً حتى خمسة وثلاثين عاماً في القسم المهني، على أن تكون درجة الرؤية عند الطالب 2/10 أو 4/10 للإصابات ويستفيد الطلاب المكفوفين في القسم التعليمي من كافة مستلزمات تعليم طريقة برايل من لوحات كتابة – لوحات حساب – أوراق خاصة بطريقة برايل -تعلم استخدام آلة بيركنز الكاتبة – وسائل الإيضاح منذ الصف الأول، بالإضافة لتدريس المنهاج الرسمي في سورية من الصف الأول حتى الثالث الثانوي، والتقدم لامتحان لشهادتي التعليم الأساسي والثانوي باسم المعهد في مراكز امتحانيه خاصة بالمكفوفين, كما يتم العمل على تأمين حصص دراسية خاصة للتعرف على أجهزة الحاسب الآلي وقيادته مع حصص مادة المعلوماتية المقررة في المنهاج الرسمي في قاعة خاصة مجهزة بحواسيب مزودة ببرنامج ناطق ومعينات سمعية.

ويقدم المعهد التدريب الموسيقي والفني لجميع الطلاب عبر توفير الآلات الموسيقية الملائمة والمدرسين المختصين، ويتم التركيز على رعاية المواهب الفنية وصقلها وتقديمها في الحفلات التي يقيمها المعهد تحت رعاية وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل ومؤخراً بدأت عملية طباعة المنهاج الدراسي بطريقة برايل لتأمين الكتاب الدراسي للطلبة وبدء العمل في قسم الطباعة الشهر العاشر من العام الماضي ويتوفر في المعهد نسخة صوتية للمنهاج الدراسي.

وأشارت أبو الشامات إلى أنه في القسم المهني للمعهد يتعلم الطلاب على مدار سنتين مجموعة من الحرف اليدوية المتنوعة من تريكو – مكارم – كنفى -إكسسوار بإشراف مدربين مختصين يطورون مهارات الطالب اليدوية، ويتخرج بشهادة مهنية تساعده على الدخول في سوق العمل وجميع الخدمات والوسائل والأدوات التي يوفرها المعهد لطلابه مجانية.

صعوبات..

وحول الصعوبات التي تواجه عمل المعهد بينت أبو الشامات أنه تم تجهيز قسم الطباعة بالمعهد بثلاث طابعات والصعوبة في تأمين منهاج وزارة التربية بصيغة الوورد للتمكن من الدخول إلى الطابعة وتحويله إلى برايل وتمت مراسلة التربية بهذا الشأن والطلب لتشكيل لجنة مواءمة المنهاج لتطويع المنهاج ليتناسب مع الطالب الكفيف فمنهاج الصفين الأول والثاني لا يمكن طباعة ما يناسب ذلك إضافة إلى أنه تم تقديم طلب لمتطوعين من جمعيات ذات صلة لكتابة المنهاج بطريقة وورد حيث إن كادر المعهد لا يكفي لهذا الشأن, وهناك أيضاً حاجة إلى تزويد المعهد بآلات كاتبة لمساعدة المكفوفين تعد بمثابة ورقة وقلم لهم ,كما أن المعهد يطمح لافتتاح حرفة الخيزران بالقسم المهني لاحقاً بعد أن يتم تأمين المكان المناسب لذلك.

أول حديقة للمكفوفين..

ولأول مرة في سورية يتم إنشاء حديقة تعد الأولى من نوعها للمكفوفين حيث كانت وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل أحدثت العام الماضي حديقة خاصة بالطلاب المكفوفين في المعهد بالتعاون مع منظمتي الادفنتيست للتنمية والإغاثة الدولية وذلك لأهمية إعادة تأهيل العديد من المعاهد التابعة لها في مختلف المحافظات بعد أن تعرضت للتخريب والضرر نتيجة الأعمال الإرهابية وحالياً هناك واحد وثلاثون معهداً على مستوى المحافظات تقدم خدمات لمختلف أنواع الإعاقات، ووجهت الأعمال كما تشير الوزارة للارتقاء بجودة الخدمات التي امتدت لجودة البنية التحتية في المعاهد بما يتوافق مع نوع كل إعاقة والتنفيذ العملي لهذا التوجه تمثل في معهد التربية الخاصة لتأهيل المكفوفين وهو أحد المعاهد المستهدفة بالشراكات مع المنظمات الدولية وتم الوصول لتأهيل يسمح للطلاب التمتع بالحديقة المجهزة وممارسة هوياتهم إلى جانب التركيز على نوعية الخدمات التعليمية المقدمة لا سيما على مستوى المعدات والأجهزة اللازمة للعملية التعليمية وتأتي الحديقة بهدف تمكين الأطفال المكفوفين من الحصول على التعليم والتكيف والاندماج بالمجتمع بشكل متلائم مع قدراتهم، كما أن الوزارة وعبر تفاهمها وشراكتها مع المنظمات الدولية ستعطي أطفال المعهد فرصاً أفضل للتعلم والنجاح والتطور والرفاه والقدرة على الاندماج بمؤسساتها لإيجاد فرص عمل متناسبة مع إمكاناتهم.

وتم تجهيز الحديقة على مساحة 500 متر مربع، كما أن التصميم الخاص بالحديقة يمكّن الطالب الكفيف من التحرك بأمان وممارسة مختلف أنواع الأنشطة الرياضية والاستراحة بين الحصص الدرسية وتم تصميم الحديقة بشكل يلبي احتياجات المكفوفين ويكون كمكان صديق لهم عبر تجهيزها ببساط من العشب الصناعي لتأمين حرية الحركة بأمان دون وجود عوائق إضافة لتخصيص ملعب لكرة الهدف وهي أحد الالعاب الرياضية التي تستهوي الطلاب المكفوفين.